سجلت أسعار العديد من المواد الغذائية الرئيسية، ارتفاعات كان لها الأثر الكبير على القدرة الشرائية لنسبة عالية من الأسر المغربية. وبعد أن صدرت إحصائيات مكتب الصرف الخاصة بالمبادلات التجارية للأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية، تبين أن الغلاء الفاحش لا علاقة له بتقلبات الأسعار في الأسواق الدولية. المعطى الأول المستخلص من إحصائيات مكتب الصرف يفيد أن قيمة المعدل العام لواردات المواد الغذائية والمشروبات والتبغ تراجعت من 4137.47 درهم للطن إلى 4324.47 درهم للطن، أي ما يعادل تراجعا في الأسعار بمعدل 5%، غير أن مختلف السلع لم تعرف طيلة هذه الفترة أي انخفاض وبقي الغلاء غير المبرر هو المتحكم في السوق التجارية الداخلية. عند استقراء المعطيات الخاصة بكل مادة استهلاكية، يتبين أن القمح الذي أثار جدلا كبيرا حول احتمال رفع أسعار الخبز، سجل تراجع الكمية المستوردة بحوالي 186 ألف طن، علما بأن محصول الموسم الأخير كان أقل بكثير من سابقه، كما سجل تراجع معدل قيمة الاستيراد من 3025.735 إلى 2797.499 درهم للطن. نفس المنطق اعتمدناه في حالة الذرة، التي تعتبر أحد المكونات الأساسية للأعلاف، ومرة أخرى تبين أن ارتفاع الكميات المستوردة بحوالي 29320 طنا كان مصحوبا بتراجع معدل القيمة من 2663.04 إلى 2638.41 درهم للطن، فانخفاض القيمة عند الاستيراد بحوالي 24.5 درهم للطن، تلاه غلاء فاحش في أسعار الأعلاف التي تلعب دورا كبيرا في تحديد أسعار اللحوم الحمراء وفي أسعار الدجاج والبيض. وبخصوص البن "القهوة" التي سجلت أسعارها في السوق الداخلية زيادة فاقت في بعض الحالات 10 دراهم في الكيلوغرام الواحد، يستفاد من إحصائيات مكتب الصرف أن ارتفاع الكمية المستوردة من 22773 إلى 33197 طن، تلاه تراجع في الأسعار من 22355.376 إلى 22184.203 درهم للطن، أي أن الكلفة عند الاستيراد تراجعت بمعدل 171.173 درهم في الطن. نسوق هذه الحالات لنبين أن الغلاء الفاحش المعمول به في الأسواق الداخلية ليس وليد تقلبات الأسعار في الأسواق الدولية، وإنما هو وليد العلاقات المتحكمة في التجارة الداخلية، ودليل قاطع على استمرار اللوبيات في فرض قراراتها وفي تغليط مختلف المتدخلين بما فيهم أجهزة الدولة التي تتوفر على إمكانيات الحصول على المعلومة في حينها.