كثيرا ما يشتكي العديد من الكتاب والمبدعين المغاربة من أزمة النشر ومن محدودية دائرة القراءة. لكن، ورغم الأوقات الصعبة التي يولدها المعطيان السابقان، فثمة لحظات تدفع الواحد منهم إلى التخلي عن خطاب الشكوى، لينخرط في نشوة تصفح كتاب نشر له هنا أو هناك. هذا حال الكاتب والفنان التشكيلي المغربي رزاق عبد الرزاق هذه الأيام. وكيف له غير ذلك، هو الذي صدر له تباعا، وفي أقل من شهر، مؤلفان اثنان عن داري نشر فرنسيتين. أضف إلى ذلك أن الكتابين صدرا في نفس الوقت في طبعتين، إحداهما ورقية والثانية رقمية. متن المؤلف الأول، الصادر عن دار النشر «لو مانيسكري» تحت عنوان «زونا»، يتضمن قصة طويلة متمحورة حول شخص مصاب بالمرض النادر الذي يشير له عنوان العمل. يلتقي المريض الأول بآخر في قاعة انتظار مصحة ليتجاذبا أطراف الحديث، لكن الكاتب يوظف الحلم -عند هذا الحد- ليحول سرده على استنباط سيكولوجي لا يعدم المفاجآت والأحداث غير المنتظرة والمثيرة. أما المؤلف الثاني لرزاق عبد الرزاق، الصادر هو الآخر في طبعة ورقية وأخرى إلكترونية عن دار النشر الباريسية «إيديليفر»، فله قصة تستحق الحكي والتأمل. سنة 2005، وبمبادرة فردية لم تنل أي دعم مؤسساتي رغم عكسها لصورة حضارية منفتحة للمغرب الثقافي والفني، أقدم التشكيلي والكاتب على تأسيس «جائزة بوزغيبة للفن الساخر والدعابة». وهي الجائزة التي منحت، إلى حدود اليوم، لثلاثة أسماء هي: - المخرج الصيني زهانج ييمو، مهندس حفل افتتاح دورة بيجين للألعاب الأولمبية، - رسام الكاريكاتور المغربي المبدع العربي الصبان، - مؤلف القصص المصورة والرسام البلجيكي كلود دريب. في 2008، سيصدر رزاق عبد الرزاق، عن إحدى المطابع المغربية، الجزء الأول من المونوغرافيا الخاصة بجائزته. وإذا كان الجزء الأول هذا ورقيا فحسب، فالثاني، كما سبقت الإشارة، مزدوج السند، وهو يعرف بالحاصلين الثلاثة على الجائزة، كما يحمل بين طياته معطيات وفيرة حول نبتة بوزغيبة وتكريما لافتا للنظر للكاتب المغربي الراحل محمد البوحتوري الذي سخر قدراته البحثية في التعريف بالنبتة/الأيقونة. وإذا كانت الجائزة عبارة عن لوحة فنية من إبداع الفنان رزاق عبد الرزاق، فإن هذا الأخير أبدع أيضا شخصية كاريكاتورية وسمها بذات الاسم، هو الذي نشر إلى حدود الآن عدة أعمال شعرية وسردية بلغة فرنسية متينة اكتسبها من تجربته الطويلة في الكتابة الصحفية الثقافية.