وصف تقرير كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية، موجه إلى الكونغرس الأمريكي، وضعية حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، بأنها وضعية تثير قلقا شديدا. في ذات السياق صادق الكونغرس الأمريكي السنة الماضية على قانون يلزم الخارجية الأمريكية بربط أية مساعدة عسكرية للمغرب بوضعية حقوق الإنسان في الصحراء، وبسماح السلطات العمومية المغربية لمنظمات حقوق الإنسان والصحفيين وممثلي الحكومات الأجنبية بالدخول إلى الصحراء المغربية، حسب وصفها، دون قيود. ردود الفعل الرسمية من خلال أعضاء الحكومة المغربية ابتداء من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير خارجيته سعد الدين العثماني، وكذلك وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وأيضا عبد الله باها. لم يتسن لنا معرفتها، رغم الاتصالات الهاتفية لأكثر من مرة يوم أمس، حيث كانت الهواتف ترن دون أن نجد صدى لمكالماتنا. في حين كان هاتف وزير الخارجية مقفلا وكذلك رقم الخارجية المغربية الثابت. وفي اتصال بالرجل الثاني في الخارجية المغربية يوسف العمراني الذي كان في مهمة ستراسبورغ، صرح لنا أنه لم يطلع بعد على هذا التقرير. محمد اليازغي القيادي الاتحادي والملم بملف الصحراء، صرح للجريدة تعليقا على تقرير الخارجية الأمريكية بأنه يقلل من أهمية هذا التقرير، على اعتبار أنه يعتمد في صياغته على تقارير المنظمات غير الحكومية، ومنها بالتأكيد تقرير منظمة كيندي التي زارت رئيستها مؤخرا المناطق الجنوبية. إذ شدد على أن هذه المنظمات منحازة في مقاربتها ضد المغرب. وأوضح محمد اليازغي أن المهم أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اتصاله مع جلالة الملك محمد السادس، أكد على أن مبعوثه الخاص سيظل مؤطرا بما قرره مجلس الأمن، خاصة في قضية المينورسو والتي لن تمتد لتصبح لها علاقة بحقوق الإنسان بالمنطقة. وأضاف أن المغرب عرف تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو منظمة تتابع حقوق الإنسان بالمنطقة. وعن سؤال إن كان تقرير الخارجية الأمريكية له علاقة بالموقف المغربي من مبعوث الأممالمتحدة روس، ذو الجنسية الامريكية، استبعد اليازغي هذا الربط، وأضاف أن الأساسي هو موقف كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الذي عبرت عنه والداعم للمقترح المغربي بخصوص ملف الصحراء المغربية. واعتبرته مقترحا ذا مصداقية وواقعية. وسجل اليازغي أن هذه التقارير دائما لم تكن في صالحنا، وليس هذا التقريرالأول من نوعه في هذا الباب. تضمن تقرير جديد قدمته الخارجية الأمريكية للكونغرس، انتقادات شديدة اللهجة للمغرب بخصوص تسجيل انتهاكات لحقوق الإنسان في منطقة الصحراء المغربية. واعتبر التقرير، الذي يأتي تنفيذا لقانون تمت المصادقة عليه في وقت سابق من السنة الماضية، أن الوضعية في المنطقة تثير الكثير من القلق. وينص ذلك القانون على ضرورة تقديم الخارجية الأمريكية تقريرا أمام لجنة القروض داخل الكونغرس، توضح فيه مدى احترام الحكومة المغربية لحقوق الإنسان ومستقبل الأقاليم الصحراوية. ومن خلال هذا القانون، اشترط الكونغرس منح المساعدة المالية العسكرية الأمريكية للمغرب ب"منح منظمات حقوق الإنسان والصحفيين وممثلي الحكومات الأجنبية حق الدخول إلى الصحراء دون قيود". وحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، فإن نص التقرير يتحدث عن المناطق الصحراوية باعتبارها "إقليما غير مستقل يطالب المغرب ببسط سيادته عليه، وهو موقف لا يقبله المجتمع الدولي،" مضيفة أن "الاستفتاء لم ينظم والصحراء تبقى بذلك تحت السلطة الإدارية المغربية وذلك رغم أن منظمة الأممالمتحدة لا تعترف بالمغرب كقوة إدارية مسيرة للصحراء ". وشدد تقرير هيلاري كلنتون، حسب ذات المصادر، على أن "الوضع العام لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية يثير مخاوف شديدة في ما يخص مثلا الحد من حرية التعبير، والاجتماع واللجوء إلى الحبس التعسفي والتجاوزات الجسدية والكلامية ضد المعتقلين خلال توقيفهم وسجنهم". وبالتالي، فإن "المنظمات غير المعتمدة لا يمكنها الاستفادة من الأموال العمومية ولا قبول المساهمات المالية، وأنها تواجه صعوبات للحصول على ترخيص من أجل تنظيم اجتماعات عامة" حسب التقرير الذي تطرق الى حالة الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان. وتضمن التقرير أيضا إشارة إلى الزيارة التي قام بها شهر غشت الماضي وفد من المركز الأمريكي روبيرت كيندي للعدالة وحقوق الإنسان، وهي الزيارة التي كانت قد أثارت تحفظ المغرب بسبب الانتقائية الممنهجة التي تم اعتمادها في اختيار المنظمات التي استمع إليها أفراد المنظمة. ورغم ذلك، فإن التقرير الذي توصل به الكونغرس أشار إلى أن وفد المركز تناول في تقريره "الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان المرتكبة في منطقة الصحراء ". وبخصوص حقوق الافراد في التعبير عن آرائهم حول الصحراء الغربية، سجل التقرير الأمريكي أن المغرب يعتبر أن مطالب استقلال الصحراء الغربية تشكل "مساسا خطيرا بالأمن". وتشير الملاحظات التي أوردها تقرير كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية إلى أنه "ثمة قيود متواصلة سيما بالنسبة لحقوق الاجتماع السلمي والمنشورات التي تدعو إلى الاستقلال أو إلى استفتاء يدمج الاستقلال كخيار". ونقل التقرير أن "القانون في المغرب يمنع منعا باتا كل المظاهرات الكبرى حول حقوق الإنسان أو أي تظاهرة سلمية لصالح استقلال الأراضي الصحراوية"، مضيفا أن "الأشخاص الموقوفين جراء احتجاجهم على دمج الصحراء الغربية في المملكة المغربية، لم يستفيدوا بعد من محاكمة علنية منصفة". كما أن " توزيع منشورات تدعو الى استقلال الأقاليم الصحراوية أو إلى إجراء استفتاء قد يتضمن هذا التصور، ممنوع"، حسب كتابة الدولة التي أكدت أن الحكومة المغربية "ترفض أيضا الدخول إلى بعض مواقع شبكة الإنترنت كتلك التي تدعو إلى استقلال" الأقاليم الصحراوية. وحسب التقرير دائما فإن "أغلبية وسائل الإعلام وأصحاب المدونات الإلكترونية يمارسون الرقابة الذاتية حول هذه المسألة" في حين أن "أصحاب المدونات الإلكترونية الذين يشكون في أنهم مراقبون من طرف السلطات المغربية يضطرون لإخفاء هويتهم". وانتقد تقرير كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية الحكومة المغربية بسبب "تطبيقها إجراءات صارمة تحد بشدة من قدرة المنظمات غير الحكومية والمناضلين من أجل حقوق الإنسان على الالتقاء بالصحفيين"، مضيفة أن الصحفيين الأجانب يجب أن يتحصلوا على الترخيص الرسمي المسبق من وزارة الاتصال المغربية قبل الالتقاء بالمنظمات غير الحكومية التي تعارض الطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء. وفي ما يتعلق بإنشاء المجلس الوطني لحقوق الانسان من طرف المغرب في سنة 2011 في إطار الإصلاحات السياسية، أشار التقرير إلى أن "المسؤولين الأمريكيين دعوا المغرب مثلما وعد بذلك إلى نشر التقرير الخاص بسنة 2011 حول حقوق الإنسان، بما في ذلك تقرير خاص حول وضعية حقوق الإنسان بالصحراء ". كما أوضحت كتابة الدولة أن "المغرب يرفض حضورا دائما لمكتب المندوب السامي للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان أو آلية حقوق الإنسان في إطار المينورسو". ويأتي هذا التقرير بعد إصدار مؤسسة روبرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان بيانا مستهل شهر شتنبر الماضي، يقدم ملاحظات أولية حول زيارة وفد منها للأقاليم الصحراوية ومخيمات تندوف. وهو البيان الذي نددت فيه ب "الانتهاكات المغربية الجسيمة لحقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية، وبالوضعية الصعبة التي يعيشها اللاجئون الصحراويون منذ أربع عقود بمخيمات تندوف"، ودعت إلى تشكيل آلية دائمة لمراقبة حقوق الانسان. وقد أثار هذا التقرير المصغر انتقادات واسعة من طرف الحكومة المغربية، وأصدرت بدورها بيانا بيان يصف التقرير بالانحياز لجبهة البوليساريو، واتهمته بالانتقائية وعدم الحياد، وتعهدت بالرد عليه. ومن بين ما جاء في تقرير المنظمة الأمريكية أن الوفد الحقوقي سجل ملاحظات حول التواجد الكثيف لقوات الأمن وانتهاكات للحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية، وحرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات. وبشكل عام، لاحظ الوفد سياسة الترهيب والعنف الذي تمارسه الدولة ضد منتقدي النظام الذي ينتهك سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، والذي يوفر إمكانية الإفلات من العقاب لمرتكبي الانتهاكات. كما لاحظ الوفد أن المدافعين عن حقوق الإنسان مستهدفون بشكل خاص. وذكر البيان أن وفد المؤسسة خضع للمراقبة من طرف الأمن السري، كما منع فعليا من مراقبة هجوم على متظاهرين سلميين، بل تعرض أفراده للشتم، وتعرض لحملة تضليل على نطاق واسع تهدف إلى تقويض مصداقيته. وأورد البيان على لسان رئيسة مركز روبرت كينيدي "أن اضطهاد منتقدي الحكومة المغربية من الصحراويين لا يليق بالمملكة المغربية، التي حققت مكاسب مثيرة للإعجاب في ضمان حقوق الإنسان لشعبها على مدى العقد الماضي." أما في مخيمات اللاجئين، فقد ذكر البيان أن الوفد سجل ملاحظات بخصوص مستويات العيش المتدنية. وذكر أنه "ربما تكون مستويات المعيشة الأساسية كافية في مخيمات اللاجئين كجزء من حل مؤقت، ولكن بعد ما يقرب من أربعة عقود فإن هذه المعايير لم تعد مقبولة وتؤثر بشكل خطير على حياة وأحلام، وتطلعات أكثر من 100.000 شخص". كما نقل البيان على لسان سانتياغو كانتون، مدير الشراكات بمركز روبرت كينيدي قوله إن المركز "يلتزم بمواصلة الحوار مع الحكومة المغربية من أجل معالجة حالة حقوق الإنسان في الصحراء الخاضعة للمغرب"، مؤكدا أنه "يجب أن يتم بشكل فوري تشكيل آلية دولية دائمة من طرف المجتمع الدولي لحماية حقوق الإنسان للصحراويين».