الأمر لا يتعلق فقط بانفلات أمني، كما هو متعارف عليه من خلال كثرة وتعدد وتنوع الجرائم والخروج على القانون، وإنما المعضلة تتجاوز ذلك إلى حد الفتنة ، والتي حولت حياة ساكنة المدينة إلى هلع دائم بسبب انتشار فرق إجرامية بكل المناطق المعتمة تترصد ضحاياها للانقضاض عليهم بطرق وحشية وسلبهم كل ما بحوزتهم، يصل إلى إصابة الضحايا إصابات متفاوتة الخطورة، بل منهم من يصاب بعاهات مستديمة وهؤلاء الجانحون والمجرمون أغلبهم من ذوي السوابق العدلية، وأصبح السجن لديهم أمرا معتادا غير كابح لإجرامهم ، ولكنه عنصر مؤجج لعدوانيتهم،إذ نجد منهم من يقترف جرائم فظيعة بعد ساعات فقط من الإنفراج عنه ومغادرته المؤسسة السجنية. ومن المثير ، كذلك، أن أغلبهم من الأحداث يقومون بأفعال جرمية خطيرة لا يقدرون إطلاقا تبعاتها القانونية ولا آثارها النفسية والبدنية على الضحايا. وإذا كانت كل الوسائل الردعية والزجرية لم تحد من هذه المظاهر والسلوكيات الغريبة على قيم مجتمعنا، والتي تجاوزت حتى الامكانيات والخطط والتدابير الأمنية، بل من هؤلاء الغلاظ الشداد من يواجه و يقاوم التدخلات الأمنية بقوة وباستعمال الأسلحة بكافة أنواعها من سيوف ومدى وقذف بالحجارة، فإنه من المطلوب أن لا يستمر الوضع كذلك والذي يؤشر استفحاله على غطرسة المنحرفين وسيطرتهم على أحياء بكاملها أحيانا ويصبحون الأسياد والآمرين والمغتصبين لراحة وطمأنينة وسلامة المواطنين،بل منهم من يضع عائلات وفتيات ونساء تحت رحمتهم وتصرفاتهم، وأصبحوا يتقنون مساطر وإجراءات تقديم الشكايات ويتحولون في بعض الحالات من طغاة وجناة إلى ضحايا و من معتدين إلى معتدى عليهم. وأحيانا أخرى يقومون بترويع الشوارع والأزقة حد الترهيب تتحول معه حياة الناس إلى جحيم ليفاجأ الجميع بإطلاق سراحهم بدعوى عدم وجود ضحية، فمن يمكنه أن يقف في وجه شخص مجرم مستعد لكل شيء، شخص فاقد لأدنى حد من المروءة الإنسانية، شخص مدمر لأعراض الناس بعد أن دمرت حياته لسبب من الأسباب.والحالات الإجرامية اليومية متعددة وكثيرة. وأكد عدد من فعاليات المجتمع المدني في حديث لجريدة الاتحاد الاشتراكي على أن الوضع الأمني ليس فقط بالمنفلت، بل هناك من شبهه بأيام «السيبة» نظرا لعجز السلطات الأمنية عن محاربة ما سمي ب « الفتنة الأمنية » والتي غالبا من يكون سببها هو عدم اكتمال عناصر الجريمة رغم كونها جريمة قائمة. التعرض للضرب واعتراض السبيل والسرقة ويطلب من الضحية الانتظار وإحضار شهادة طبية والإدلاء بتصريحات .... لينتهي المشهد المرهب على المحاضر وعلى الدنيا السلام، وهنا وجهت الفعاليات نداء للساكنة للتحلي بالشجاعة وعدم الخنوع والخضوع لنزوات هؤلاء بالمواجهة المباشرة، ليس طبعا بالعنف المضاد ، بل بالصمود المضاد !