بشكل غير متوقع صرفت وزارة الداخلية قبل يومين، ميزانية 2012 لفائدة مجلس مدينة الدارالبيضاء. بعد أن امتنعت عن صرفها له لمدة تسعة أشهر بسبب الديون الكارثية التي بلغها هذا المجلس. والتي ترتب عنها تعرض عدد من الدائنين على ميزانية أكبر مدينة في المغرب على رأسهم شركة ليدك وشركات النظافة. هذه الأخيرة التي ستنتهي العقدة التي تربطها بالدارالبيضاء في الشهور القليلة القادمة، ومن المفروض أن تكون حساباتها صافية مع الجهة المفوضة أي مجلس مدينة البيضاء، قبل المغادرة أو إعادة إبرام عقدة جديدة معها. بالاضافة إلى ديون هؤلاء، عاشت الدارالبيضاء لمدة ولايتين على إيقاع القروض من صندوق التجهيز الجماعي، كي تقوم بإصلاح الشوارع والقيام بأعمال الصيانة وغيرها، كما أن قروضها الخاصة بالمساهمة في المشاريع الكبرى للدار البيضاء، التي تشرف عليها الدولة للنهوض بالبنية التحتية للعاصمة الاقتصادية، والتي تم توقيع عقدها مع عدة قطاعات تابعة للدولة أمام جلالة الملك في سنة 2006، فقد بلغت 264 مليار سنتيم. ليس لخزينة البيضاء منها فلس واحد، بسبب فشل عملية تدبير تحصيل المداخيل المستحقة لفائدة المدينة. بعد إحجام الداخلية عن صرف ميزانية البيضاء، ظل مسيرو المدينة ، يعتمدون على تراخيص استثنائية شهرية من لدن وزارتي الداخلية والمالية لصرف مصاريف العاملين والشؤون التدبيرية اليومية وهي تراخيص لا تتعدى حدود الاعتمادات المرخص بها في ميزانية 2011. وهو ما ترتب عنه هضم حقوق العاملين والموظفين، الذين نظموا إضرابا لمدة يومين دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية لشغل والاتحاد العام للشغالين، لتدق ناقوس الخطر لوزارة الداخلية بأن أزمة البيضاء المالية تهدد عائلاتهم. كما أن البيضاء لم تشهد خلال هذه السنة ضربة فأس واحدة في ما يخص الأشغال الموكولة على عاتقها، وليس الأشغال التي أقرتها الدولة. قرار منح الميزانية الخاصة بالدارالبيضاء طرح عدة تساؤلات، خصوصا وأن الوزارة امتنعت عن مدها بهذه الميزانية لأكثر من نصف سنة. ويزداد السؤال عمقا، إذا علمنا أن محمد ساجد رئيس المجلس، اتصل قبل ساعات من قرار »الافراج عن الميزانية بالخازن الجماعي وعقد معه اجتماعا. تم الاتفاق خلاله على صرف مستحقات الموظفين والعاملين. على أساس أن تعوض هذه المستحقات، عندما يتوصل المجلس بميزانيته. فعلى أي أساس تم »العفو« عن الميزانية؟ وما هي الضمانات التي قدمها مجلس مدينة الدارالبيضاء للوزارة؟ الأيام القليلة القادمة وحدها كفيلة بالجواب عن هذه التساؤلات.