المغاربة يطالبون بالعودة إلى توقيت غرينيتش والعدول عن الساعة الإضافية    إطلاق خط جوي مباشر بين أكادير و أمستردام    مالي تنفي مزاعم الجزائر بشأن إسقاط مسيّرة مسلحة    تقلبات جوية مرتقبة في مختلف مناطق البلاد خلال الأيام المقبلة    الشركة الجهوية متعددة الخدمات تطلق 33 محطة لتحلية المياه    دراسة تشكك في قدرة الحكومة على تقليص البطالة بحلول 2030    بعد يومين من اتصال ماكرون وتبون.. صنصال يستأنف الحكم ومحاميه يطالب ب"بادرة إنسانية"    إسرائيل توسع الهجوم في قطاع غزة    بن غفير يقتحم مجددا المسجد الأقصى    سفير مصر يسهّل دخول جمهور الجيش    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    مؤشر عالمي جديد يؤكد مكانة المغرب كنموذج للاستقرار في شمال إفريقيا    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    دراسة تحذر من ارتفاع استخدام المضادات الحيوية في الإنتاج الحيواني        وزارة الشؤون الداخلية للدول    طلبة طب الأسنان بالدار البيضاء يواصلون إضرابهم    صلاح الدين بنعريم يستهل رحلة طويلة بالدراجة على طول 24 ألف كيلومتر من أوشوايا إلى ألاسكا    47,5 مليار درهم من التمويلات للمقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر "تمويلكم" في 2024    إليوت بنشيتريت ويونس العلمي لعروسي يغادران جائزة الحسن الثاني للتنس مبكرا    اختبار صعب لنهضة بركان أمام أسيك ميموزا الإيفواري في ذهاب ربع نهائي "الكاف"    نائل العيناوي يختار اللعب لفائدة المنتخب المغربي بدلا عن الفرنسي    كأس ملك إسبانيا .. إياب حارق في دور نصف النهائي    حكيمي وبنصغير ينافسان على جائزة أفضل لاعب أفريقي في الدوري الفرنسي    المغرب يسجل تباطؤا في نموه الاقتصادي في الربع الأخير من 2024 مقارنة مع 2023    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    وصول 77 مهاجرا إلى سبتة خلال 15 يوما    إفران تحتضن الدورة السابعة من مهرجان الأخوين للفيلم القصير    قناة فرنسية تسلط الضوء على تحولات طنجة التي حولتها لوجهة عالمية    وفاة أيقونة هوليوود فال كيلمر عن عمر يناهر 65 عاماً    القرود ناكِثو العهود !    تنسيق التعليم يستنكر إقصاء الأساتذة من مباراة التفتيش ويلوح بالاحتجاج في ظل استمرار الاحتقان    واقعة تعنيف إطار صحي بقلعة السراغنة تتكرر بأكادير..    هشام جيراندو.. خيانة مفضوحة للملكية في الواقع ووطنية مزعومة في المواقع    الدفاع المدني يعلن مقتل 15 شخصا في غارتين إسرائيليتين على منزلين في قطاع غزة    الصين: "هواوي" تسجل ارتفاعا في إيرادات المبيعات في 2024    التشغيل في حد ذاته دعم مباشر            المديرية الإقليمية بالجديدة تنظم ملتقى الإعلام والتوجيه 2025    إسبانيا تخطو نحو تنفيذ نفق الربط القاري مع المغرب وسط رهانات مونديال 2030    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي يفتتح دورته الأولى: "شاشة كبيرة لمدينة صغيرة"    إشكاليات سوق إمزورن الأسبوعي تدفع امغار إلى مساءلة وزير الداخلية    اختتام فعاليات دوريي أراغي والمرحوم إبراهيم مزياني ببني بوعياش    احتجاج يجمع أساتذة للتعليم الأولي    تدريبات تعزز انسجام "منتخب U17"    القنصلية العامة في دوسلدورف تكرّم أئمة المساجد والمرشدين الدينيين    الولايات المتحدة ترسل حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    السلطات البلجيكية تشدد تدابير الوقاية بسبب سلالة "بوحمرون" مغربية ببروكسيل    أجواء من الفرح والسرور ببرنامج راديو الناس احتفالا بعيد الفطر رفقة مجموعتي نجوم سلا والسرور (فيديو)    أغنية تربط الماضي بالحاضر.. عندما يلتقي صوت الحسن الثاني بإيقاعات العصر    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    القهوة في خطر.. هل نشرب مشروبًا آخر دون أن ندري؟    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    









البشير مصطفى السيد شقيق مؤسس جبهة البوليساريو في شهادة لله ثم للتاريخ:

تحل الذكرى الثانية لإعلان مصطفى سلمى ولد سيدي مولود في ندوة صحفية بمدينة السمارة عن تأييده لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وإبداء رغبته العودة إلى مخيمات اللاجئين بنية إيصال قناعاته إلى إخوانه وأبناء عمومته بمخيمات تندوف، بعدما رأى فيه الحل الأمثل لإنهاء معاناة اللاجئين الصحراويين وجمع شملهم بذويهم وإخوانهم الصحراويين بالإقليم المتنازع عليه. ولأنه ابن شيخ من شيوخ أكبر قبيلة بالمخيمات قبيلة الركيبات لبيهات التي تتربع على عرش أكثر القبائل نسبة وتواجدا دون منازع، فقد قرر من موقع المسؤولية أن إخوانه بالمخيمات يحتاجون إلى توعية وتنوير بحقيقة الوضع الذي تخفيه عنهم قيادتنا، وشرح مضامين الحكم الذاتي كمبادرة تعنيهم أولا وأخيرا ومن حقهم الاطلاع عليها ومعرفة تفاصيلها ليستطيعوا إبداء رأيهم حولها في سبيل إنهاء مشكل الصحراء بعيدا عن منغصات وعراقيل تخدم مصالح أفراد من قيادة البوليساريو ممن يحاولون التحكم في مصير الصحراويين لمصالحهم الشخصية.
إنني أتفق من حيث المبدأ على البعد الإنساني الذي انطلق منه مصطفى سلمى ولد سيدي مولود في إعلان عودته إلى داخل مخيمات تندوف دفاعا عن طرحه مهما كنت أختلف معه أو أرفضه. ولست هنا بصدد الحديث عن نفسي أو شرح قناعاتي، وإنما لأعطي المفاهيم حقها وأعيد الأمور إلى نصابها.
إنني أحترم تمام الاحترام شخصية مصطفى سلمى وأقدر الوعي السياسي الكبير الذي يتمتع به، وقدرته على الحوار والإقناع النابع من خبرة ومراس وتجربة طويلة في واقع الصحراويين بمخيمات اللاجئين، ومعرفته الدقيقة بجبهة البوليساريو وأفكارها وكيف تشتغل بالداخل والخارج وطريقة تفكير قادتها وتدبيرهم للأمور، فضلا عن براعته في الإلقاء وفصاحته في الخطاب الممزوج بروية العارف وهدوء المتمكن، كل هذا وغيره من الإمكانيات المعرفية والإدراكية والذي قل ما يجتمع في شخص واحد جعل من مصطفى سلمى المشهود له بالأخلاق والعفة وصدق القول قوة نموذجية تفوق إمكانيات قوة بشرية متعددة الأفراد والإمكانيات، وأصبح بها سلاحا فتاكا رأت فيه جبهة البوليساريو خطرا يتهدد استقرارها ويعصف بمشروعها إن هي تنازلت تحت أي ظرف من الظروف وسمحت بدخوله إلى مخيماتها. فكان قرارنا الرسمي على أعلى مستوى بإعلان مصطفى سلمى ولد سيدي مولود شخصا غير مرغوب فيه بالمخيمات أيا تكن النتائج، ومن هنا جاءت التضييقات على مصطفى وتهديده وشن الحملات الشرسة ضده - والتي لا أتفق معها طبعا - وبعدها سجنه ومن ثم تهجيره قسرا في سابقة من نوعها لم تعتمدها القيادة مع أي شخص قبله، فقد كان الهدف إبعاد مصطفى سلمى بأي ثمن، فلأول مرة أحس أن الإخوة في الأمانة العامة وأعضاء الحكومة لم يعد يهمهم الحفاظ على صورة الجبهة في المنتظم الدولي، ولم يعيروا اهتماما لنداءات المنظمات الإنسانية والهيئات الحقوقية، ولا التنديدات والبيانات الاستنكارية في حقها، رغم أنم كانوا يعلمون علم اليقين أن ذلك سينعكس سلبا على صورتها في المنتظم الدولي ويضعها في موقف إحراج، إلا أن الاختيار كان صعبا بقبول التضحية بدور ظل يلازمها منذ بداية الصراع كحركة تحرير مغلوب على أمرها ومنظمة بريئة تعاني الويلات دفاعا عن طرحها، كل هذا ضحت به جبهة البوليساريو وقبلت أن تكون لأول مرة محل انتقاد حتى من أقرب حلفائها وهو ثمن باهض قبلت أن تدفعه لأجل شيء واحد وهو عدم دخول مصطفى سلمى سيدي مولود من جديد إلى عقر دارها. وربما من هنا يتبين بالملموس أن جبهة البوليساريو وقيادتها تعرف حق المعرفة معدن الرجل وما يمكن لهذا الشخص الفرد أن يقوم به وما يمكن أن يهيئ من السبل لتقويض مشروعها الاستقلالي، وهنا أتأسف على عدم قدرة الجبهة على كسب شخصية من طينة مصطفى سلمى سيدي مولود الذي أفتخر به.
قد يتساءل القارئ الكريم عن الأسباب والدواعي التي جعلت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تنشغل بقضية مواطن أو فرد وتعطيها حجما قد يبدوا أنه أكبر من حجمها لدرجة قد يتصدع معها مسار البوليساريو التحرري والتضحية بمكتسبات دولية مهمة. وسأحاول فيما يلي أن أجيب قدر الإمكان وبكامل المسؤولية كل التساؤلات في محاولة لإجلاء الغموض عن خفايا وأسرار الحرب المعلنة من جبهة البوليساريو على مصطفى سلمى ولد سيدي مولود.
بداية أحب أن أؤكد على خلاصة مهمة هي أن القارئ لا بد أن يضع في اعتباره أمرا ينبغي أن يعتبره من المسلمات، وهو أننا سنخلد سنوات وسنوات ذكرى إعلان مصطفى سلمى سيدي مولود بمدينة السمارة عن تأييده للحكم الذاتي وعزمه الرجوع إلى المخيمات دون أن نشهد ذلك الرجوع أو دخولا فعليا لمصطفى سلمى إليها على أرض الواقع، وذلك نابع عن قناعة مني أنه مهما يكن في قادم الأيام من أحداث ومجريات، فإن البوليساريو وحتى الحليفة الجزائر ستلاعب المنتظم الدولي وستبتكر الحلول والمخرجات التي تضمن بقاء مصطفى سلمى بعيدا عن مواقع نفوذها، وهنا نعرج على مفارقة غريبة وهي أن البوليساريو في وقت تقدم نفسها للعالم كدولة قائمة الذات نراها تمنع بكل الوسائل فردا ممن يفترض أنه من رعاياها، وهي التي لم تكف يوما عن مناشدة العالم أجمع والتوسل لمنظماته لزيارة المخيمات والإقامة بها، وبلغ بها الحد توجيه الدعوات حتى لأعدائها بدعوى أنها لا تخشى أو تخفي شيئا وأنها ذات مشروعية على الأرض غير قابلة للطعن، فكيف يمكن أن يجتمع فيها هذا التناقض الصارخ والازدواجية اللامنطقية ؟ ولماذا الترحيب حتى بالأعداء في ديارها والمنع بكل الوسائل لمن كان ينظر إليه إلى وقت قريب كواحد من أبنائها وخدام نظامها ؟.
لا يمكننا أن نجد مبررا لهذا التعامل الشاذ من طرف جبهة البوليساريو سوى أنها تعرف حقيقة الرجل وقدرته المدمرة وحنكته ودهاءه في التخطيط وسرعته في التنفيذ، وتخشى من أن يكون عائدا بمشروع جديد لا يمكن لمصطفى سلمى وهي التي خبرته أن يراهن عليه دون أن يعرف مدى جدواه وفاعليته وبالتالي قدرته على تجسيده في الواقع، ومن هنا فإن قيادة البوليساريو اتفقت على أن لا تمنحه الفرصة التي يتحينها للانقضاض على مجدها الزائف وتاريخها المزور، انتقاما لمجد آباءه وأبناء عمومته الذين لهم الحق نسبا وعددا وشرفا في أن يديروا شؤون الصحراء.
إن الخطر الحقيقي الذي تخشاه البوليساريو والجزائر لا يدركه سوى الفاهمين المدركين لتاريخ الصحراء الحقيقي، فمنع مصطفى سلمى ولد سيدي مولود من الدخول إلى المخيمات وتأطير ساكنتها هو خوف من ميلاد حركة داخل الحركة، لها القدرة على نسف مشروع الاستقلال إلى الأبد، فجبهة البوليساريو تخشى من مشروع مصطفى سلمى الذي يستهدف أبناء عمومته من قبيلة الركيبات لبيهات وتأطيرهم تمهيدا لتحالف قبلي كبير يضم الأقطاب الرئيسية لقبيلة الركيبات الأم خاصة منها ذات الامتداد المتجذر بمنطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب، وهو ما سيقلب الموازين خاصة إذا ما انطلق مشروع مصطفى سلمى من منظور يعيد الوضع بين الصحراويين بالمخيمات إلى الوضع ما قبل تأسيس جبهة البوليساريو وهو الوضع السليم والمقبول والمتوافق عليه بين كافة أطياف ومكونات المجتمع القبلي بالصحراء، وهو الوضع الذي يعطي الأولوية في الحكم وإدارة دفة تسيير شؤون القبيلة إلى «لخيام لكبارات» ، وهو الأمر الذي إن نجح مصطفى سلمى في حشد الإجماع له من داخل المخيمات فسيكون من شأنه أن يزيح محمد عبد العزيز «أحمتو ولد خليلي ولد محمد البشير» رئيس البوليساريو عن زعامة الجبهة لصالح واحد من أبناء «لخيام لكبارات» التي لا تتوفر شروطها بالضرورة في محمد عبد العزيز نظرا لأصوله التي لا تعود لقبيلة الركيبات وهي حقيقة يعرفها الكثيرون حتى شيوخ فخذة قبيلة الركيبات الفقرة التي يدعي الانتماء إليها، إلا أن غالبية ساكنة المخيمات يتجنب الخوض في هذا الأمر مخافة الاتهام بالمس بما يعرف بالوحدة الوطنية التي يستغلها عبد العزيز في مواجهة أي تحرك قبلي قد يعصف بمشروعية زعامته.
وهنا لا ينبغي أن نغفل أن أغلب ساكنة المخيمات خاصة منهم من يؤمنون بزعامة «لخيام لكبارات»، قد قبلوا مرغمين فيما مضى ويقبلون اليوم إلى حين زعامة محمد عبد العزيز لأسباب مرحلية تتعلق كما أسلفنا بمشروع إقامة الدولة الصحراوية، والخوف من أن يكون أي تحرك سببا في جلب العار على صاحبه ممن يتجرأ على ضرب قدسية الوحدة الوطنية، وهو الأمر الوحيد الذي يبقي عبد العزيز في مكانه إلى حد الآن، ولا أدل على ذلك من أن كثيرا من اللقاءات والتجمعات التي يحضرها شيوخ كبار وازنين كانت تعرف مشاحنات وسجالات ما حدا برئيس البوليساريو تجنب عقدها منذ زمن، والجميع بالمخيمات يعرف حادثة وقعت في أحد هذه اللقاءات عندما تحدث أحد الشيوخ وهو في الوقت ذاته جندي في صفوف البوليساريو بلغة شديدة اللهجة حملت نوعا من الوعيد لشخص محمد عبد العزيز حين وجه له الخطاب مباشرة وأمام الملأ بأن ما يجمعنا بك هو العهد فيما مضى وأننا ننتظر فقط نهاية مشكل الصحراء آنذاك سنقتص منك وسنثأر لدماء أبناءنا بدمك ، انتهى كلام الشيخ .
وهنا يظهر جليا أن اللاجئين الصحراويين يرضون بزعامة محمد العزيز فقط لخوفهم على تشتيت شملهم وحفاظا على تماسك جبهة البوليساريو، أما محمد عبد العزيز فلا أقل من أن يكون شخصا متجاوزا وغير مرغوب فيه، وينظر له بدونية، اعتبارا لتاريخه السيء وتورطه في القتل، ثم ادعاءه زورا انتماءه لقبيلة الركيبات، وهو الأمر الذي يعرف شيوخ الركيبات قبل غيرهم كذبه ويقبلونه إلى حين، في الوقت الذي يعول فيه هو على ماضي جبهة البوليساريو وما يعتقد في قرارة نفسه أنها إنجازات قديمة قد تشفع له. وبعدما تأكد أن أبناء الصحراء الأصليين يسعون إلى اقتلاعه ويأبون زعامته عليهم، ها هو اليوم يعمل ويقرب منه أفرادا يتشابهون معه في كل شيء، فأغلب من يديرون اليوم دفة القرار في جبهة البوليساريو لا ينتمون إلى قبائل الصحراء الأصلية ولا علاقة لهم بقضية الصحراء، وإنما ساقتهم الأقدار وقواهم عبد العزيز من خلال منصبه ليتحكموا في مصير الصحراويين، مستغلين شعار القبيلة جريمة وطنية لإبعاد أهل الصحراء وخيامها الكبار عن دوائر القرار ومنع أي توجه قبلي قد يطيح بهم، ليفسحوا الطريق لأنفسهم من أجل التحكم في خيوط قضية الصحراء وإطالة أمدها تحقيقا لمآربهم، وتأجيلا لموعد الحل النهائي لقضية الصحراء الذي سيكون بالضرورة يوم نهايتهم واندحار زعامتهم والإعلان عن القصاص منهم لما قدموه من سالف الأعمال. لأجل هذا ستظل جبهة البوليساريو ترفض أي حل ينهي قضية الصحراء ولأجل هذا تحاول إقبار مبادرة الحكم الذاتي، أضف إلى ذلك اعتمادها في السنوات الأخيرة على نضالات مستوردة ودفاعها المستميت عن أشخاص لا ينتمون للمجال الجغرافي الصحراوي وتسويقهم للمنتظم الدولي على أنهم صحراويون يدافعون عن استقلال الصحراء فيما أبناء الصحراء لا يملكون الحق في تقلد أي منصب مؤثر وإن تقلدوه فليس إلا للبهرجة والدعاية، كل هذه الإجراءات وغيرها الكثير تحاول قيادة البوليساريو من خلالها تمييع قضية الصحراء وإخراجها من جوهرها الحقيقي، وإقناع المنتظم الدولي أنها مشكلة عصية على الحل، من أجل كسب الوقت استغلالا للزمن في تأجيل حرب مشروعية من يمثل الصحراويين التي يعرف عبد العزيز ومن معه من القادة أنهم أكبر الخاسرين فيها لصالح أبناء «لخيام لكبارات».
من هنا نفهم الأسباب الكامنة وراء حرب محمد عبد العزيز على مصطفى سلمى، فهو يعرف طينة الرجل ويعرف انتماءه القبلي جيدا ويعلم أكثر من غيره التأثير الذي قد يحدثه اتحاد قبيلة مثل الركيبات لبيهات على مشروع موحد خاصة إذا كان يضمن عودة الشرعية لها كقبيلة تاريخية قادت في حقب زمنية قبائل الصحراء جميعها ولعل تجربة خطري الجماني على رأس الجماعة الصحراوية كرجل الإجماع بين كل القبائل الصحراوية خير مثال. كما أن البوليساريو تعرف أن مصطفى سلمى واع بكل ما ذكرنا سابقا وواع أكثر من غيره بحجم قبيلته وغيرها من القبائل الصحراوية الأصيلة وأكثر من ذلك تعلم علم اليقين أنه رافض لواقع رضوخ الصحراويين لحكم أقلية لا علاقة لها بأرض الصحراء، وأكثر ما يخافه محمد عبد العزيز ويراه خطرا ليس بعده خطر أن مصطفى سلمى ليس مثل الشيوخ الذين عرفوا وسكتوا، أو رضخوا لأجل مصالحهم أو تحقيقا لأهداف سياسية مستقبلية بعد الاستقلال، إنه يعرف أن مصطفى سلمى اليوم لا يؤمن بالحدود ولا ينوي الرضوخ، لأنه يرى أنه واحد من أبناء « لخيام لكبارات » وله الحق في أن يرى مستقبلا أفضل له ولأبنائه ينصفهم وينصف قبيلتهم التي تستحق الريادة والقيادة، أما من يرضى بالاستبداد وحكم الأقليات والدخلاء فلا يستحق أن يكون من أبناء «لخيام لكبارات ».
ولأن مصطفى سلمى لا يحاول العودة إلى المخيمات بوازع قبلي أو دعوة لتغيير واقع الحكم في الصحراء فقط لأن «لخيام لكبارات» هي من تستحق تاريخيا قيادة الصحراء، بل على العكس هو عائد إلى المخيمات بمشروع مبادرة الحكم الذاتي كمبادرة في اعتقاده أنها قد تلقى الإجماع والقادرة على جمع الصحراويين تحت سقف واحد يضمن تعايشهم وتعاونهم مع حفظ مكانتهم وعزوتهم، حل اقترحه ملك المغرب على الصحراويين الأصليين وطبيعي أن يرفضه غير الصحراويين أو من نصبوا أنفسهم مدافعين عن الصحراويين من أمثال عبد العزيز وبعض قادته، وهو أمر لن يبقى مقبولا لأن الصحراويين يريدون حلا يجمع شتاتهم وهذا لن يتم إلا بجمع كلمتهم على كلمة رجل واحد كما الأيام الخوالي وهنا أصبح لزاما أن يسترد أولاد «لخيام لكبارات» حقهم في إدارة شؤون الصحراء وتوحيد كلمة الصحراويين والعيش بأمان في وطنهم وبلدهم بعد أن ضمن لهم ملك البلاد من خلال مبادرته مكانتهم وأعلن للعالم أنهم أبناء عمومته الذين سيتعامل معهم دون وسيط أو رسول، وهو ما كانوا عليه قبل تأسيس البوليساريو وما يرون أنه الحل الأمثل لإنهاء مشكل الصحراء.
لأجل هذا عمل محمد عبد العزيز على استمالة مصطفى سلمى وإغرائه بما أوتي من متاع السلطة والمال لثنيه عن الخوض في أحقية قيادة الصحراويين، ومنعه من تقديم مشروع الحكم الذاتي كحل يضمن للصحراويين عودتهم لأرضهم بعلاقة مباشرة مع ملكهم. غير أن مصطفى سلمى رفض أن يبيع شرعيته، وأن يدنس قدسية وأحقية قبيلته في أن تتبوأ المكانة التي تستحق. فكان لزاما أن يجمع محمد عبد العزيز ومن معه أمرهم على أن يمنعوا مصطفى سلمى ولد سيدي مولود من دخول المخيمات إلى الأبد، مخافة أن يجتمع على فكره من يثقون به ومن يوالونه، ومن أصلا ينتظرون على أحر من الجمر أن تعود لهم الشرعية المسلوبة، لأجل هذا قررت جبهة البوليساريو إعلان مصطفى سلمى شخصا غير مرغوب فيه بالمخيمات. إلا أننا أكيدون أن مصطفى سلمى لن يعدم الوسيلة لتحقيق فكرته ونصرة قضيته التي يشتركها معه الآلاف من الصحراويين التواقين إلى حكم أهل الصحراء أرضهم في منأى عن الدخلاء، فمتى تعود الصحراء إلى سابق عصرها؟، ومتى ترجع ل «لخيام لكبارات» الشرعية المسلوبة؟، ومتى سننعم بلم شمل الصحراويين جميعا تحت سقف حل واحد؟، أكيد أن الأمر لن يتم إلا بمعرفة من سينتصر في صراع الشرعية التاريخية التي رأيناها اليوم في صراع جبهة البوليساريو مجتمعة ضد فرد واحد هو مصطفى سلمى سيدي مولود ولد «لخيام لكبارات» ، على أمل أن يقدم الغيورون على هذا البلد العون له ولطرحه، وأن تسعى الدولة المغربية على أعلى مستوى فيها لتقديم العون الكامل له نصرة للحكم الذاتي أولا وجمعا لشتات أبناء الوطن الواحد وعودة بمنطقة الصحراء إلى سابق عهدها لحمة واحدة وقبائل موحدة تأتمر بأمر ملك البلاد عبر مواثيق وعقود بيعة ورثتها عن الأجداد.
البشير مصطفى السيد شقيق
مؤسس جبهة البوليساريو
عضو الأمانة الوطنية، وزير دولة مستشار بالرئاسة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.