«الموسم الدراسي الحالي يتميز باختلالات الموسم الفارط وخصاص حاد في الموارد البشرية إضافة إلى مظاهر الأزمة، وتحديات كبرى هذه السنة كطرح أنظمة التقاعد ومراجعة صندوق المقاصة وانعكاساتها على المطالب الاجتماعية لنساء ورجال التعليم ، والخطاب الملكي الأخير أعطى إشارات واضحة من أجل النهوض بالمنظومة التربوية وإصلاحها... ذلك أهم ما أكد عليه الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، التابعة للفدرالية الديمقراطية للشغل الأخ عبد العزيز إيوي خلال مداخلته في اختتام فعاليات الأيام التكوينية التي نظمها المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم فدش بمراكش. عبد العزيز ايوي ركز أيضا على أن الامتحانات المهنية هي مكسب مهم لرجال التعليم، كما أن تعديل بعض الجوانب التقنية على مستوى المواضيع وطبيعة الأسئلة هي ثمرة المطالب التي عملت الوزارة على الاستجابة إليها، فيما تعمل النقابة على المطالبة بأن تصبح نسبة النجاح « الكوطا» جهوية وليس وطنية. إيوي ذكر أيضا بالأوضاع الاقتصادية التي تشهد تدهورا بالمغرب، واقتراض الحكومة لستة مليارات هو دليل على أن الحكومة ستراجع عدة مؤشرات وقرارات. والزيادات الأخيرة في المحروقات هي قرار جاء تحت ضغط الصندوق الدولي، وهو ما انعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطن. «الحكومة، يضيف عبد العزيز ايوي، مقبلة هذه السنة على مراجعة صندوق المقاصة وبالتالي استهداف المواد المدعمة، والطبقة المتوسطة من المأجورين ستكون لا محالة هي الأكثر تضررا. تراجع الحكومة عن مجموعة من المكتسبات وأبرزها قرار التعويض عن فقدان الشغل لأسباب اقتصادية، هو ضغط جاء من أرباب العمل، كما أن الحكومة ألغت أيضا اتفاق 2011 والذي يقضي بخلق الدرجة الجديدة للترقي، وهو ما يسمى مراجعة صياغة القرارات وإعادة تأويل مضامينها. اذن الحكومة أفرغت الحوار الاجتماعي وربحت شهورا من المراوغة وجعلته في غرفة الانتظار...» عبد العزيز ايوي شدد أيضا على أن «توقف البرنامج الاستعجالي لم يتزامن مع توقف الاختلالات التي رافقته وبالتالي الخصاص المهول في الموارد البشرية كرس الاكتظاظ في الأقسام ليصل ل 60 تلميذا للقسم الواحد. كما أن الطاقم الإداري يشهد نقصا خطير في الإدارات التابعة للمؤسسات التربوية و الجامعية حيث الآلاف من الطلبة أو التلاميذ مقابل عدد قليل من الإداريين. موسم دراسي مع وقف التنفيذ، حيث الرؤية غير واضحة وعدم الإعلان عن أي تصور جديد للتعليم وهو ما يكرس الضغط الذي سيزداد على نساء ورجال التعليم بحيث تزايد أعداد المتمدرسين يقابله نفس عدد رجال التعليم ، كما أن الحكومة ستعود إلى إعادة توظيف المتقاعدين لسد الخصاص بالمؤسسات التربوية». كما أردف قائلا : « موقفنا كان واضحا من أجل الدفاع عن المدرسة العمومية، ووضعية الانتظار هي وضعية خطيرة وليست هناك استراتيجية واضحة للإصلاح لدى الوزارة» . وفي ما يخص التعليم بالوسط القروي، أكد إيوي أن هذا الأخير يشغل 43 في المائة من نساء ورجال التعليم والوزارة لم تقم بالتقليص من حجم معاناة رجل التعليم، حيث أصبح الوسط القروي مهملا بل ازدادت المعاناة. والوزارة لم تقم بأي إجراء لتفعيل بناء المدارس الجماعاتية، حيث كان مبرمجا 205 بنيت منها 5 فقط منذ 2009 الى 2011. والتالي لم تنجح في تحسين التمدرس وهو ما جعل العديد من المؤسسات التعليمية لاتزال تشكو من الوضعية الكارثية التي تعيشها، والمغرب يحتل مراتب متأخرة عالميا التنمية البشرية في مجال التعليم». اعتراف الحكومة ، يضيف ايوي، بأن 2 مليون تلميذ ليس لهم مكان بالمدرسة ولم يصلوا للمدرسة، هو إخفاق كبير للنظام التعليمي المغربي. وفي تأكيده على الأوراش المقبلة حول إصلاح منظومة التقاعد، أكد إيوي «أن الرفع من سن التقاعد الى 62 سنة والرفع من اقتطاعات التقاعد وقانون الإضراب هي اقتراحات تلح الحكومة على مراجعتها وإصدار قوانين للتحكم في الإضرابات، وهذه الاجراءات ستكبل الحريات النقابية المكتسبة، وبالتالي ستؤثر على المكتسبات الحالية للمأجورين. كما أن اقتراحنا لقانون جديد لنساء ورجال التعليم أصبح رهين الأزمة، إضافة إلى نظام للترقية وبالتالي تأجيل مجموعة من المطالب الاجتماعية. فالتعويض عن المناطق الصعبة جعل من بعض الأقاليم تطالب بدمجها، وهو إجراء حدد منذ 2009 وحتى الآن لم يجد الطريق السريع الذي نتوخاه». مستجدات وملفات تخص الوضع التعليمي بالمغرب ومواقف النقابة تجاهها، ركز عليها عبد العزيز إيوي في عرضه بمراكش، والذي اختتم كلمته بالتأكيد على اعتبار أن قطاع التعليم هو ثاني قطاع بعد القضية الوطنية، مما يستوجب العمل على تطوير المنظومة التربوية ودعمها ووضع تصور جديد لها، مع المحافظة على المكاسب الحالية وهو ما يجعل من الوحدة والتكتل في توحيد الرؤية والمطالب ، السبيل الوحيد للضغط لتحقيق ما تصبو إليه الأسرة التعليمية. الأيام التكوينية التي نظمها المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم بمراكش، والمنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل بمراكش، بتنسيق مع مركز التكوين والأبحاث والدراسات التربوية والتي تدخل في إطار الإعداد للامتحانات المهنية 2012. هذه الدورة تأتي بعد النجاح الذي حققته سابقتها والتي برهن من خلالها المنظمون على الأسس الجديدة للشريك الاجتماعي والفاعل التربوي ودوره في النهوض بالمدرسة العمومية وإنجاح البرامج الجادة. الدورة التكوينية والتي خصصت لتكوين وإعداد نساء ورجال التعليم للامتحانات المهنية، عرفت حضورا مهما لمتدخلين ومهتمين بالشأن التربوي بالجهة، إضافة إلى حضور مكثف لمترشحي هذه الامتحانات مما يزكي الإطار المرجعي لنجاح مثل هذه التظاهرات. دورة شتنبر لهاته السنة اختار لها منظموها شعار: «التكوين مدخل أساسي لإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية»، «وهو عمل يظل في جانب آخر رهين بجودة عمل المدرسين وإخلاصهم والتزامهم ، وهذه الجودة ترتبط بشروط أهمها التحفيز والتمهين والتكوين ، مع مراعاة المتغيرات التي عرفتها هذه المهنة على المستوى الوطني والدولي . فدور المدرس لم يعد ينحصر اليوم في مجال التربية والتعليم، بل تجاوزه إلى مجالات وأدوار أخرى. فهو فاعل أساسي في نقل المعارف وترسيخ قيم المواطنة وحقوق الإنسان ومكون للمتعلمين ومنشط ومؤطر للحياة المدرسية ومشارك في تنمية البحث وممثل لمؤسسته التعليمية وفاعل جمعوي، وهو ما يفرض اليوم تحديدا جديدا لأدواره ولمهامه». هذا أهم ما ركز عليه الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم حميد اليوسفي في تصريحه ل»الاتحاد الاشتراكي» من خلالها على أهمية الدور الايجابي للنقابة كفاعل اجتماعي وتربوي، وليس مقتصرا على المعارك النضالية فقط. اليوسفي شدد على الأهمية القصوى لمثل هذه التظاهرات ودورها في النهوض بأوضاع المدرس، وتمكينه من الانفتاح على مستجدات الحقل التعليمي وتقاطعاته مع المدرسة الواقعية، وتأكيد فعاليتها من خلال المكونين ذوي الخبرات في هذا المجال . كما أضاف اليوسفي في تصريحه أن النقابة الوطنية للتعليم( فدش) عازمة على السير في مثل هاته اللقاءات لتقريب المدرس من الواقع التعليمي، والتأكيد من خلاله على أن دوره ليس فقط حجرة الدرس بل هو تفجير لطاقات ومواهب ظلت حبيسة نتيجة قمع ممنهج لسنوات عدة. كما اختتم تصريحه للجريدة بأنه ومعه جل أعضاء المكتب والمناضلين، واعون بأهمية مثل هاته الأنشطة وأن النقابة دوما حاضرة في كل المناسبات، وهو ما يبرهن احتفالاتها وتنظيمها لأنشطة خلال عيد المدرس وعيد المرأة وتكريم المناضلين والمتقاعدين من نساء ورجال التعليم والذين أسدوا خدمات جليلة للمدرسة والنقابة. بدوره الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم «ف.د.ش» محمد أيت واكروش، وفي تصريحه ل»الاتحاد الاشتراكي» أكد على أهمية الدورة التكوينية كمعيار حقيقي للدفاع عن المدرسة العمومية والنهوض بالقدرات المعرفية لنساء ورجال التعليم، لتكون حافزا حقيقيا للانخراط في مخطط طموح وجاد للنهوض بالمدرسة، وبالتالي ضمان فرص نجاح أقل تكلفة من سابقاتها وأكثر نجاعة على مستوى المردودية. «وإذا كنا في النقابة الوطنية للتعليم، يضيف الكاتب الجهوي، ندافع عن الحقوق المادية والمعنوية لنساء ورجال التعليم، فإننا لم نقصر يوما في الدعوة إلى المزج بين ثقافة الحق والواجب . وفي هذا السياق تأتي هذه الأيام التكوينية والتي نعتبرها شكلا من أشكال الدفاع عن حقوق المدرسين ورد الاعتبار لمهنتهم وتعزيز الالتزام برسالتهم التربوية، ضمن مدرسة تتوفر على بنيات وتجهيزات وأسلوب تدبير يضمن تحقيق الجودة، إضافة إلى برامج تكوين مناضلي ومناضلات النقابة عن بعد أو تكوينات محلية، كما أننا نؤكد أن البرنامج الاستعجالي لدينا عليه ملاحظات ونثمن بعض جوانبه الايجابية، وبالتالي فالعمل النقابي في هذا الإطار هو السبيل الوحيد للدفاع عن المدرسة العمومية بثقافة الحق والواجب وليس بمنظور نمطي للريع النقابي». من جهته أكد النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بمراكش مصطفى اعدري على أهمية هذه الدورات، مركزا في كلمته ل»الاتحاد الاشتراكي» أنها مبادرة طيبة حيث يتم فيها التأطير والتكوين للامتحانات المهنية مع رؤية واقعية لمواضيع الامتحانات، كما أن مبادرة النقابة الوطنية للتعليم (فدش) هي جادة وتجسد التشارك الحقيقي بين الإدارة والشركاء الاجتماعيين، وبالتالي النيابة الإقليمية هي عند وعدها لدعم مثل هذه المبادرات لضمان تكوين حقيقي وجاد لنساء ورجال التعليم في جميع المجالات. حفل الاختتام عرف توزيع شواهد تقديرية للأطر التي ساهمت في إنجاح هذه الدورة ودعمها لمجهودات المكتب الإقليمي بمراكش والتي عملت بتضحية وتفان على خلق روح التضامن بين مكونات الأسرة التربوية. حضور وازن للمكتب الوطني في شخص عبد العزيز ايوي عرف إشادة خاصة من الجميع، وهو ما اعتبره الجميع تكريسا لثقافة القرب والإنصات لمناضلي ومناضلات النقابة. كما أن الحضور المكثف والثقة الكبيرة الباديتين على محيا المستفيدين و المستفيدات من هده الدورة التكوينية إضافة إلى دينامية منظميها، أضفى على اللقاء طابع الجدية والرغبة في تبادل الخبرات والمعارف والتعرف على مستجدات الساحة التعليمية، خدمة للمدرسة العمومية ولمدرس مسؤول قادر على رفع تحديات جيل المدرسة المغربية الحديثة.