يوصف بأنه أقوى شخصية نافذة ومؤثرة خلال الفترة السورية في لبنان. الجنرال جميل سيد من مواليد سنة 1950 من عائلة شيعية في البقاع. درس في بيروت في المدارس المسيحية بالفرنسية. وفي سنة 1971، تخرج متفوقاً من الأكاديمية العسكرية اللبنانية، وبصفته كضابط، أرسل إلى فرنسا في بعثة دراسية عسكرية . في سنة 1975، قسمت الحرب الأهلية الجيش اللبناني بين مسيحيين ومسلمين. ابتعد سيد بنفسه عن هذا الصراع حتى سنة 1976, عندما دخل الجيش السوري إلى لبنان لنجدة المسيحيين في صراعهم ضد الفلسطينيين، وانخرط في صفوف وحدات متعددة الطوائف في الجيش اللبناني التي عمل السوريون على تأسيسها وتجميعها في البقاع. عين فيما بعد رئيسا للمخابرات العسكرية في المنطقة. في سنة 1998، عينه الجنرال إميل لحود، الذي أصبح رئيساً للجمهورية في منصب مدير الأمن العام اللبناني. التقى في عدة مناسبات الرئيس بشار الأسد. لكن بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في يناير 2005، طالب المتظاهرون المناهضون لسوريا برأسه. استقال في ماي. سجنه المحققون التابعون للمحكمة الأممية الخاصة بلبنان في ماي، وأفرج عنه بعد 4 سنوات، بعدما لم تنجح المحكمة في إثبات أدلة ضده. عند خروجه من السجن، رفع شكاية في فرنسا ضد القاضي الألماني ديتييف مهليس المسؤول الرئيسي عن اعتقاله وسجنه بتهمة القذف، والقضية لم تحكم بعد. الجنرال جميل سيد يعيش حالياً في الضاحية الجنوبية لبيروت في منزل يحرسه باستمرار جنود من الأمن العام... - هل النظام السوري في مأزق؟ - خلافا للدعاية التي تروج لها القنوات الفضائية الخليجية ووسائل الاعلام الغربية لسوريا,فمنذ 18 شهراً تروج الإشاعات سقوطاً وشيكاً لحكومة بشار الأسد، لكنه مازال في مكانه. هل تعرف دولا كثيرة وضعت في نفس الوطنية وصمدت بنفس الشكل؟ وسوريا تواجه حرباً إعلامية عالمية لم يسبق لها مثيل، وتواجه عداء مستحكماً من جيرانها، وتواجه تدخل دول الخليج العربية التي تخصص موارد مالية لا محدودة لمساعدة المعارضين وتسليحهم. الدولة السورية لم تبحث أبداً عن الرضى ولم ترغب في الامتثال لرغبات الأمريكيين في المنطقة، سواء فيما يخص القضية الفلسطينية أو فيما يتعلق بمساندة ودعم حركات المقاومة كحزب الله أو حماس أو فيما يتعلق بغزو العراق أو فيما يتعلق بعلاقتها الوثيقة مع إيران وأمريكا ومن ورائها فرنسا وانجلترا، بدأت مهمة تدمير الدولة السورية. وتنفذ مهمتها بتواطؤ المملكات البترولية المدينةلواشنطن بكل شيء. لسوء حظ واشنطن، استعادت روسيا مع بوتين قدراتها ولم تعد مستعدة للتخلي عن حلفائها التاريخيين. - كيف يمكنكم مؤاخذة الأمريكيين بدعمهم للديمقراطية في الشرق الأوسط؟ - كفى من النفاق! النظام السوري بعيد كل البعد عن الكمال، ولكن مقارنته بالأنظمة العربية الأخرى المدعومة من الغرب، فإنه يبقى أفضل. على الأقل فسوريا دولة علمانية تسود فيها الحرية الدينية وحرية المرأة وبها كذلك حياة اجتماعية مفتوحة وسلمية بين القوميات. لا مجال للمقارنة مع ما يجري في بلدان أخرى من حلفاء الولاياتالمتحدة التي لا يمكن أن يقام بها قداس أو يسمح فيها للمرأة بقيادة سيارة أو السفر بمفردها! في البحرين ماذا وقع؟ الأغلبية الشيعية قامت بمظاهرات سلمية للمطالبة بإقرار ملكية برلمانية، أي انتخاب الوزير الأول بالاقتراع الشعبي، قامت دول الخليج بإرسال دباباتها إلى هناك ولم تجد الولاياتالمتحدة حرجاً في ذلك. سوريا لم تكن مثالية، ولكن ليس في الشرق الأوسط بلد مثالي؟ انظروا إلى لبنان، صحيح أنه ليس دكتاتورية، ولكنه بلد ديمقراطي تهيمن عليه دكتاتوريات طائفية تسرق الدولة، عندما تتفق فيما بينها ويدمرونها عندما تتخاصم فيما بينها. الحقيقة أن الانسحاب الأمريكي غير المشرف من العراق يعتبر هزيمة غير مسبوقة للغرب. ولتعويض هذه الهزيمة التي أصابت الحلفاء الاقليميين بالهلع. ولاستعادة النفوذ في المنطقة، يحاول الأمريكيون حاليا إعادة إشعال الصراع القديم بين السنة والشيعة. - ماذا يعني لكم »اكتساح« الإخوان المسلمين للسلطة في العالم العربي؟ - بالرغم من التصريحات المطمئنة، فهذه الموجة تشكل خطراً حقيقياً على الطوائف المسيحية في الشرق، المتواجدة هناك قبل ظهور الإسلام. وضد هذا البرد، لا يملك المسيحيون سوى معطفاً وبذلة وقميص. فقدوا معطفهم في العراق وبذلتهم في مصر، والآن يراد أن يفقدوا قميصهم في سوريا وأن يجدوا أنفسهم بملابس داخلية في لبنان. الكثيرون من سكان المنطقة، وخاصة المسيحيين ينظرون إلى سوريا الأسد كجدار، جدار سيؤدي انهياره إلى كارثة. وهذا يخيف حتى أولئك الذين لا يحبون هذا النظام، لأن انهيار هذا الجدار سيؤدي إلى العديد من الحروب الداخلية بهدف خلق خارطة جيو سياسية جديدة في الشرق الأوسط. الجدار السوري الحالي يحمي الأقليات، وخاصة المسيحية والغربيون بدأوا تدمير هذا الجدار. بالفعل أنا لا أفهم ذلك! - الغربيون لا يطالبون سوى برحيل الأسد عن السلطة؟ - ولكن ألا تفهمون أن رحيل الأسد اليوم سيعني تفكيك وحدة سوريا وتمزق جيشها، سيعني الفوضى ثم اندلاع حروب أهلية صغيرة في كل سوريا لن يخرج منها أحد منتصراً باستثناء الجماعات الاسلامية المتطرفة؟ المسيحيون سيحكم عليهم بالهجرة. ألا يكفي ما يحصل في العراق؟ - إذن، ماهو الحل الذي تتصورونه؟ - الوقف الفوري للعنف المسلح من الطرفين، وإقامة حوار سياسي بين حكومة الأسد والمعارضة، أعرف جيداً الأسد، وأنا متأكد أنه سيكون مستعدا لتنظيم انتخابات حرة. لتتم هذه الانتخابات في مناخ سلم اجتماعي وبحضور مراقبين دوليين. وإذا نجح بشار الأسد في جمع 51% من الأصوات ليبق في الحكم، وإلا عليه أن يغادر السلطة بكرامته وفي هدوء، وأن يتم إقرار عفو شامل. ستقولون بأن أيدي الأسد ملطخة بدماء كثيرة، أجيبكم من ليست أياديه غير ذلك حاليا؟ فالسلام هو دائماً ثمرة حوار بين الأطراف التي كانت قبل وقت قصير تتناحر فيما بينها. - أليس أمراً غير عادٍ أن يقاتل حزب الله اللبناني في سوريا إلى جانب الجيش السوري؟ - غير صحيح، في كل هذه القضية، حزب الله هو الحزب اللبناني الذي التزم أكبر قدر من ضبط النفس وروح المسؤولية. صحيح أنه لا يخفى تعاطفه مع الحكومة السورية التي لم تتخل عنه أبداً في مقاومته ضد اسرائيل، ولكنه لا ينظر بعين الرضا لإراقة الدماء السورية. حزب الله يريد حلا سياسياً. في لبنان يحافظ حزب الله على هدوئه، ويبذل كل ما في وسعه حتى لا ينتقل الصراع السوري إلى لبنان.