بعد عودته الى الساحة الدولية ، يواجه الرئيس السوري بشار الاسد ، قرارات صعبة يمكن أن تغير الصورة السياسية للشرق الاوسط. وقد ساعدت محادثات السلام مع اسرائيل والتعاون فيما يتعلق بلبنان، على ظهور سوريا على الساحة الدولية مجددا ، وتوج ذلك بزيارة قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، ليصبح أول رئيس غربي يزور سوريا منذ مقتل رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري عام2005 . ولكن الاسد يواجه ضغطا لتغيير تحالفاته القديمة مع ايران وجماعات متشددة ، ولكي يتخذ اجراءات محددة تجاه لبنان للقضاء على الانطباع بأن سوريا ما زالت ترفض قبول سيادة جارها الاصغر. وذكرت مصادر مطلعة بزيارة ساركوزي ، أن سوريا طلبت من فرنسا المساعدة في محادثات السلام المتعثرة مع اٍسرائيل. وتأجلت جولة من المحادثات وصفها الاسد بأنها حاسمة عدة مرات بعد استقالة مفاوض اسرائيلي. وقال دبلوماسي في العاصمة السورية ، ان الاسد يريد مواصلة الحديث مع اسرائيل دون الالتزام بشيء ، مضيفا أن ذلك أمر يمكن تفهمه ، اذ أن اسرائيل أيضا لم تقدم له أي شيء. وفي ماي الماضي، أعلنت سوريا واٍسرائيل اجراء المحادثات بعد شهور من غارة شنتها طائرات اسرائيلية على هدف في شرق سوريا. وقالت واشنطن ، حليف اسرائيل الوثيق ، ان المكان الذي استهدفته الغارة كان مفاعلا نوويا. وتركزت أربع جولات من المحادثات غير المباشرة حتى الان على مصير مرتفعات الجولان التي احتلتها اسرائيل في حرب1967 . وتطالب دمشق باعادة كل الجولان ، وتريد اسرائيل في المقابل من سوريا أن تقلص علاقاتها مع ايران، وتقطع علاقاتها مع حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) ، و«حزب الله »اللبناني ، وهو ما قد يعني طرد قيادات ل«حماس» من دمشق ، وقطع خط امداد مزعوم ل«حزب الله» من سوريا. و في هذا الصدد ، نفت «حماس» تقريرا صحفيا عربيا بأن خالد مشعل ، رئيس المكتب السياسي ل«حماس»، المنفي ، سينتقل الى السودان ، ولكن «حماس» ستخسر سياسيا اذا وقعت اسرائيل وسوريا على اتفاق سلام. وقالت تركيا، التي تقوم بدور الوسيط بين اٍسرائيل وسوريا ، ان المحادثات بين الجانبين ، ستستأنف في وقت لاحق من الشهر الحالي. ولكن اسرائيل لم تؤكد ذلك ، وشكك دبلوماسيون في دمشق في أنها ستجرى في مثل هذا الوقت القريب ، بينما تواجه اسرائيل حالة من عدم التيقن السياسي بسبب استقالة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت. وتفضل سوريا التحرك صوب محادثات مباشرة فقط بعد أن تصل ادارة أمريكية جديدة للبيت الابيض. وقال الاسد ان الدور الامريكي ضروري ، ولكن تركيا ستستمر في كونها الوسيط الرئيسي. وحرصا على الابقاء على الخطوط مفتوحة مع ايران ، وافق الاسد على طلب ساركوزي بأن يحاول المساعدة في تخفيف المواجهة بين طهران والغرب بسبب برنامج ايران النووي. ولكن سوريا ذاتها تخضع لتفتيشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب الموقع الذي قصفته اسرائيل العام الماضي. وزار الاسد أيضا روسيا لمناقشة صفقات أسلحة أغضبت اسرائيل ، وأبقى على اتصالات مع خصوم الولاياتالمتحدة في العراق ، الامر الذي أدى الى زيادة التوتر مع واشنطن ولندن. ويواجه اتفاق الشراكة الاقتصادي ، المقترح بين سوريا والاتحاد الاوروبي ، معارضة من بريطانيا اذا لم تقطع دمشق دعمها المزعوم للمتسللين للعراق. ويحتاج تمرير الاتفاق الى موافقة كل الدول الاعضاء بالاتحاد الاوروبي. وقال دبلوماسي اخر ان سوريا ما زالت تعاني من مشكلة في تصرفاتها، مضيفا أن الادارة الامريكيةالجديدة لن تغير ذلك. وتابع أن من بين سبل تحقيق ذلك تبادل السفارات مع لبنان ، والبدء في ترسيم الحدود ، والتوقف عن دعم المسلحين في العراق. وقد وافق الاسد ، في الآونة الاخيرة ، على بدء علاقات دبلوماسية مع بيروت ، وترسيم الحدود ، ولكن هذه قضايا تبت فيها لجان. وأوضح ساركوزي أن التقارب الفرنسي لن يستمر دون اجراءات سورية محددة. وقال الصحفي السوري ، ثابت سالم ، ان اغراء عودة مرتفعات الجولان والمزايا الاقتصادية للسلام ، ستدفعان الحكام السوريين الى تغيير وضعهم على الساحة الدولية. وتابع أن سوريا تضع دائما مصالحها أولا ، مضيفا أن القضية ليست ما اذا كانت سوريا يمكنها فك ارتباطها بايران أو «حزب الله» أو «حماس»، ولكن اذا لم تعد اسرائيل مرتفعات الجولان وفشلت المحادثات، فسيعود الامر لنقطة الصفر.