أكدت نتائج المؤتمر 24 للأممية الاشتراكية، المنعقد في نهاية الأسبوع بكاب تاون بإفريقيا الجنوبية، والمكتسبات التي حصل عليها المغرب، في شخص الاتحاد أو في الموقف من القضية الوطنية المصيرية وانهزام المحور المساند للانفصال، مصداقية الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كفاعل رئيسي في المنظمة الدولية العتيدة، وكمخاطب ذي مصداقية من طرف الجميع. وهذا الوقع داخل أكبر تجمع سياسي في العالم اليوم ، تأتى له من خلال ما راكمه من عمل في المنظمة الأممية، وما سجله المتتبعون والأعضاء من تميز وتفرد في مقاربة القضايا الرئيسية التي ساهم في معالجتها أو التفكير فيها، ومن ثمة تأثيره في القضايا الاساسية التي يكون على الاشتراكيين في العالم أن يواجهوها. إن ما يجعل صوت الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يجد آذانا صاغية من طرف الأعضاء، من أوربا وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، مجموع عمله الفكري والسياسي والعملي المنصب على صلب القضايا التي تستأثر باهتمام العالم عموما، واهتمام الأحزاب والدول المنتمية الى الأممية الاشتراكية. أولى هذه القضايا التي ثبت تأثير الموقف الاتحادي فيها، قضية البحر الأبيض المتوسط والعلاقات الأورو متوسطية،والقضايا المتعلقة بتطورات الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية والعالم العربي، ومستجدات الأوضاع الإفريقية. لقد اتضح أيضا أن طريقة العمل داخل المنظمة، بمعانقة كل القضايا الانسانية، تدعم وتسند التمترس وراء الدفاع عن القضايا الوطنية المشروعة، كما أنها تجعل لحامل المقاربة الصوت المسموع والإنصات والقدرة على تحقيق النتيجة. أعضاء الأممية الاشتراكية ثمنوا في مجهود الاتحاد الاشتراكي، كذلك، آراءه ومقترحاته حول تصحيح البيت الداخلي لهذه المنظمة، وهي مقترحات يمكن تلخيصها بالقول إن الاتحاد لا يريد إصلاحا شكليا، تاكتيكيا أو تجميليا، بل إصلاحا يأخذ بعين الاعتبار، من جهة التراث الأوربي في الأممية الاشتراكية، وهو توجه أصبحت القارات الأخرى تسلم به، ومن جهة أخرى «التحكيم بين هذا الماضي وبين الحاضر والمستقبل المطبوع بميسم التعددية القطبية ، وهي تعددية أصبح من المسلم به أنها تحكم المستقبل في العالم عموما والمنظمة خصوصا. وقد راكم الاتحاد الاشتراكي رأسمال الثقة الذي يحظي به اليوم بين الأحزاب الاشتراكية العالمية، من خلال عمله الدؤوب من أجل علاقات جنوب - جنوب من أجل تطويرها، مع استحضار ضرورة الوعي المغاربي بهذا التوجه، من أجل تغيير العلاقات مع الشمال، أو ما يعرف في أدبيات العلاقات الدولية علاقات شمال - جنوب. التحيين الدائم لأفكار الاتحاد حول العلاقات الاقتصادية، وحول الأزمات التي تهز اقتصاديات الدول، كان نقطة قوة بدوره، لأنه كشف تميز الأطروحة الاتحادية في هذا المضمار، لا سيما في ما يخص الربط بين الأزمة في أوروبا وتأثيراتها ونتائجها على دول الجوار جنوب المتوسط، ومن بينها بلادنا. ومن المحقق أن الأرضية الفكرية الحداثية والتقدمية للاتحاد، والتي صاغها عبر الارتباط بقضايا التحرير والديموقراطية وبناء الكيان الإنساني الحر، أسعفت حزب القوات الشعبية في أن تكون له بصمته في الدفاع عن حقوق النساء، لأن مناضلاته ومناضليه يتكلمون باسم الدفاع عن حقوق النساء، الإفريقيات والعربيات ، لاسيما في هذه الظروف المحيطة بالربيع العربي، والتي تحدق فيها بوادر الردة ومخاطرها، بما حققته المرأة العربية في العديد من الأقطار بفعل نضالاتها ومواقفها. وكان أصدق تعبير عن الإقرار بدور الاتحاد ومركزية عمله وصدق دفاعه وانحيازه لقضايا التحرر والتقدم ، الإجماع الذي حققته وفاء حجي، وهي تنتخب رئيسة للأممية الاشتراكية للنساء باسم حزب القوات الشعبية. من طرف عموم المؤتمرين في المنظمة الدولية.. وكذا النتيجة الانتخابية التي حصلت عليها نزهة الشقروني، كنائبة للرئيس. إن الاتحاد عندما يراكم هذه الانتصارات فهو إنما يراكمها خدمة للوطن. واعتبر ذلك رصيدا لخدمة بلادنا وقضاياها الرئيسية، وعلى رأسها الوحدة الوطنية. ولذلك ، فقد استطاع الوفد الاتحادي أن يدفع المنظمة نحو ربط القضية باتجاهين متكاملين: اتجاه مساندة الأممالمتحدة في الوصول الى حل، واتجاه الحرص على إبقاء القضية نقطة في جدول اعمال اللجنة المتوسطية، التابعة للمنظمة، وفي ذلك هدف سياسي مفاده أن القضية ذات خلفية نزاع جهوي، عوض مساعي الخصوم الذين يقدمون قضية وحدتنا الترابية على اعتبارها قضية تصفية الاستعمار. إن مصداقية الاتحاد، ورأسمال الثقة الذي حظي به، هي في المحصلة رأسمال مغربي وطني ديموقراطي، نابع من الانتماء القوي والدائم والأبدي للاتحاد ومناضلاته ومناضليه بقضايا الوطن.