"في الوقت الذي ينتظر فيه الاشتراكيون الديمقراطيون عبر العالم، نتائج الحدث الهام المتمثل في انعقاد مؤتمر الأممية الاشتراكية في مدينة كاب تاون بجنوب إفريقيا أيام 31،30 غشت و1 شتنبر 2012 لبلورة الأجوبة الاستراتيجية حول مختلف التحديات الاقتصادية والمالية والسياسية والثقافية القائمة حاليا، وصياغة البدائل والأجوبة المطلوبة انطلاقا من المرجعية الاشتراكية الديمقراطية. في هذا الوقت بالذات تأبى بعض الأطراف إلا أن تستغل فرصة انعقاد هذا اللقاء الدولي الكبير لفرض قضايا مفتعلة ضمن أجندة أشغال هذا المؤتمر وقراراته لصرف الأنظار عن القضايا والرهانات الحقيقية المطروحة. إن ما تقوم به جبهة البوليزاريو من محاولات لفرض نزاع الصحراء على جدول أعمال مؤتمر الأممية الاشتراكية، وتغليب حكيها في الموضوع، سواء على مستوى المؤتمرات أو المجالس أو اللجان القارية (لجنة إفريقيا)، أصبح مناورة مفضوحة تتكرر كل مرة بسيناريوهات وإخراجات متعددة في محاولة يائسة لتحريف الحقائق وتطويع الوقائع واستخدام مغلوط، مبتور وأحادي الجانب لمبدأ حق تقرير المصير. إن منتدى الاشتراكيين المغاربة الناطقين بالإسبانية، إذ يؤكد أن المهام والتحديات والأسئلة الشاملة المطروحة على الأسرة الاشتراكية الدولية اليوم هي أكبر من أن تجعلها تنشغل بقضايا مصطنعة، يود أن يقدم للرفاق في الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية الإيبيروأمريكية الأعضاء في الأممية الاشتراكية، جملة من الحقائق بخصوص هذا النزاع ردا على ما يروج له دعاة الانفصال في كل مناسبة تتاح لهم في المحافل والمنتديات الدولية. إن استرجاع المغرب لصحرائه سنة 1975 تم في إطار مسلسل تصفية الاستعمار بعد مرحلة طويلة لم يتوقف فيها المغرب بكل قواه الديموقراطية عن المطالبة بحقوقه التاريخية والقانونية التي أقرتها محكمة العدل الدولية في قرار شهير ومعروف، تعترف فيه هذه الهيئة القضائية الدولية بوجود روابط سيادية للمغرب على هذه الأقاليم -عبر مختلف الحقب التاريخية. ثم إن دخول المغرب إلى أقاليم الصحراء تم بناء على اتفاقية مدريد لسنة 1975 مع اسبانيا كدولة كانت تحتل الإقليم وهي اتفاقية معروفة ومسجلة ضمن وثائق الأممالمتحدة. إن القرار 1514 للجمعية العامة لسنة 1960 والذي ينص على حقالشعوب في تقرير مصيرها قد وجد تجسيده من خلال استرجاع الشعب المغربي لوحدته الترابية التي بقي يطالب بها في أروقة الأممالمتحدة عقودا طويلة قبل أن تتولى قوى إقليمية في إطار سياق الحرب الباردة، خلق ما سمي بجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب( ليبيا القذافي وجزائر بومدين). إن رفع شعار تقرير المصير والحالة هذه يصبح ضربا من التضليل والتجني على الوقائع التاريخية والمعطيات القانونية. وعلى عكس ما يروج له البوليزاريو من كون المغرب يعرقل جهود المنتظم الدولي في إيجاد حل لهذا النزاع، فإن المغرب قدم الدليل في كل مرة خلافا للأطراف الأخرى في النزاع بكونه ملتزما تماما بقرارات الأممالمتحدة في هذا الموضوع طبقا لمبادئ الشرعية الدولية. كما أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل سياسي لموضوع النزاع والذي يضمن للسكان مشاركة واسعة وشاملة في إدارة شؤونهم على كافة المستويات يشكل باعتراف جل أعضاء المجتمع الدولي، عربون حسن نية المغرب واستعداده لإيجاد مخرج لهدا النزاع المفتعل. بخصوص الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية المغربية، فان الأجدر والأصح أن يتم الحديث عن انتهاك هذه الحقوق بشكل يومي وصارخ من طرف البوليزاريو في مخيمات تندوف، حيث يعيش عشرات الآلاف من المواطنين الصحراويين في وضعية احتجاز قسري وظروف رهيبة تنعدم غيها الشروط الدنيا لحريات الرأي والتعبير والتنقل. إن قمة العبث في خطاب جبهة البوليزاريو تتجلى أكثر عند الحديث عن الحراك العربي في محاولة منها لإيهام الرأي العام الديمقراطي الدولي بأنها وريثته. في حين أنها تشكل النقيض الكامل في تكوينها وبنيتها وطرق اشتغالها لكل ما يرمز إليه هدا الحراك من قيم وتطلعات. فجبهة البوليزاريو باعتبارها تجسيدا لبنية تنظيمية ستالينية لا مجال فيها سوى للرأي الواحد تمارسه مجموعة جثمت على قيادة هذا التنظيم لمدة تزيد على 20 سنة هي النفي بعينه لأهداف الحراك العربي ورمزيته، مما يجعل حضور هذا النوع من التنظيم كملاحظ في صفوف الأممية مشكلة على صعيد ميثاق الأخلاقيات، فما بالك ان يتجرأ هذا التنظيم على طلب العضوية الكاملة. إن منتدى الاشتراكيين المغاربة الناطقين بالإسبانية اذ يحرص على وضع الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية أمام هذه الحقائق، واذ يثير الانتباه الى الطابع التضليلي لخطاب البوليزاريو ومجمل حكيه في موضوع نزاع الصحراء، يهيب بالرفاق الاشتراكيين الديموقراطيين بمناسبة انعقاد مؤتمر كاب تاون ، الدفع باتجاه اتخاذ موقف ايجابي مدروس ومتزن بخصوص هذا النزاع، يتجاوز المغالطات التي تروج لها جبهة البوليزاريو ، ويضمن فعلا خدمة السلم والاستقرار والبناء الديموقراطي والتوجه الوحدوي في المنطقة." طنجة في 29 غشت 2012 طبعا الى جانب وظيفتها الاساسية و الاولية و التي هي تشويه الوقائع وقلب الحقائق يمكن ان نتحدث عن وظيفة ثانية للايديولوجيا وهي وظيفة تبرير السلطة بما هي آلية تلجا اليها الطبقات الحاكمة و المسيطرة لإعطاء مبررات لأفكارها، وإضفاء المشروعية على مخططاتها و مشاريعها. هناك ايضا وظيفة ثالثة للإيديولوجيا تنضاف إلى وظيفتي التشويه والتبرير هي ما اسماه ''بول ريكور'' وظيفة الإدماج ،وهي وظيفة أعمق لأنها تمثل المستوى التحتي أو القاعدي للإيديولوجيا ،وهي تظهر في استعمال الطقوس والإحتفالات التخليدية .إننا هنا إزاء بنية رمزية خاصة بالذاكرة الجماعية ،مثل إعلان استقلال أمريكا الشمالية ،والاستيلاء على قصر لاباسيتي أثناء الثورة الفرنسية ،وثورة أكتوبر بالنسبة لروسيا، والاحتفالات التي تعرفها جل البلدان والكيانات السياسية بخصوص الاحتفالات المحلية او الدينية... دور الايديولوجيا ،إذن هنا، هو تامين بقاء مجموعة بشرية ،ووجودها بفضل الصور الثابتة التي تصنعها لنفسها وعن ذاتها. إن الإيديولوجيا لم تمت كما ينظر لذلك البعض ،بسبب انهيار المعسكر الشرقي الذي قاده الاتحاد السوفياتي ،و بفعل انهيار جدار برلين واتحاد المانياالشرقية باختها الغربية ،و بسبب سيادة النظام العالمي الجديد الذي يقوده الغرب ...بل انها ( أي الإيديولوجيا ) لا زالت مفعمة بالحياة لأن عناصر اقتياتها لازالت متوفرة، والتي يشكل الصراع الطبقي اهم عنصر مغذ للإيديولوجيا. ومن ينظر لأسطورة موتها هو يمارسها في الآن ذاته . أليس السعي الى الإقناع بنهايتها خوف من تقويها في ظرفية استحوذت فيها القوى الرأسمالية على كل السلط مخلفة وراءها فوارق طبقية يمكنها ان تتحول الى وقود للصراع الطبقي الذي شأنه ان يفضي الى إعادة التوازن للمجتمعات بما يضمن لها الهدوء بعد العاصفة.