أكد ادريس لشكر،عضو هيئة دفاع خالد عليوة,المتابع على خلفية ملف القرض العقاري والسياحي, بأن عملية المراقبة التي خضعت لها هذه المؤسسة عرفت خروقات كثيرة قام بها السادة القضاة, الذين تجاوزوا مجموعة من الضمانات المرتبطة بحقوق الدفاع المكفولة بموجب القانون رقم 62.99 بشأن مدونة المحاكم المالية. وذلك خلال إنجازهم للرقابة على تسيير القرض العقاري والسياحي. وهو ما أثر بشكل سلبي على جوهر المآخذ وجعلها تنحرف عن تكييفها القانوني الحقيقي. بحيث نشرت في تقرير هذا المجلس لسنة 2009 بحالتها غير القانونية. والتي تداولتها الصحافة بشاكلتها الخاطئة والمغلوطة: وهو الأمر الذي ألحق بسمعة المعنيين بالأمر ضررا فادحا أمام الرأي العام الوطني. وأوضح ادريس لشكر في حوار نشرته أسبوعية «الآن» بأن القانون واضح ولا يقبل تأويلات عديدة. فضمانات الحق في الدفاع المنصوص عليها في القانون الذي ذكرته تفرض على المجلس الأعلى للحسابات احترامها والسهر على أجرأتها قبل اتخاذه لأي قرار بالمتابعة أو بالإحالة على السيد وزير العدل قصد اتخاذ ما يلزم بشأن التدابير الجنائية. وكذا قبل تقديمه للتقرير السنوي على أنظار الملك ونشره بالجريدة الرسمية. وشدد لشكر على أن الرقابة التي أنجزها قضاة المجلس الأعلى للحسابات هي رقابة على التسيير تنظمها المواد من ال 75 إلى ال 85 من مدونة المحاكم المالية. والمشرع يحدد بشكل دقيق الإطار القانوني للمسطرة والضمانات الواجب احترامها خلال ممارسة الرقابة على التسيير. في مقتضيات وأحكام ا لمواد ال 79 إلى ال 85 من هذه المدونة. وتتجلى المخالفات المرتكبة من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات والماسة بحقوق الدفاع المخولة للمعنيين بالمراقبة بموجب النصوص القانونية الجاري بها العمل في: التعسف في استعمال سلطة الامتناع عن الاستماع. وكذلك خرق الحق في الجواب والتعقيب واستغرب دفاع خالد عليوة, كيف أن قضاة المجلس الأعلى لم يستعملوا صلاحيات الاستماع للمتهمين لتكوين قناعة نهائية ما دامت الملاحظات التي اكتشفها قضاة المجلس الأعلى للحسابات قد اعتبروها مآخذ جسيمة استدعت منهم تكييفها على أنها تشكل أعمالا تستوجب عقوبة جنائية. وهي اتهامات تمس الناس في حرياتهم بل وسمعتهم أكثر من ذلك؟. واعتبر ادريس لشكر أن هذا الامتناعهو خرق يستدعي فتح تحقيق لأنه مس سلبا أحد أوجه الحق في الدفاع. وتساءل لشكر»ألا يعتبر الاستماع إلى المعنيين بالأمر مفيدا, وعلى الأخص المسؤول الأول في البنك؟ ثم ألا يعتبر الاستماع إليهم من طرف المستشارين المكلفين مظهرا من مظاهر الحق في الدفاع الممنوح لهم بموجب قانون المحاكم المالية؟» وأوضح لشكر في سياق حواره مع «الآن» أن المعنيين بالأمر لم يتم تبليغهم بالملاحظات والمآخذ التي سجلها المجلس عليهم: فقبل تحرير أي تقرير بشأن ذلك يحال على الغرفة للتداول فيه. إلا بعد فوات الأجل المنصوص عليه في المادة ال 81، وهو شهران ويبتدئ من تاريخ تبليغ الملاحظات. لقد تم اتخاذ القرار إذن دون السهر على التأكد من احترام الضمانات الأساسية للحق في الدفاع المنصوص عليها قانونا، إذ لم يتم تبليغ المعنيين بالملاحظات واتخذ قرار بشأنهم من دون كفالة حقهم في الجواب والتعقيب على الملاحظات والمآخذ المسجلة بحقهم. وهو ما يعد خرقا سافرا لحقهم في الدفاع، وهو الأمر الذي يقتضي أيضا فتح تحقيق بشأنه. واعتبر لشكر أن تقرير القضاة أنجز بطريقة توحي للقارئ بأن جميع المآخذ ارتكبها خالد عليوة. والحال أن الجزء الغالب منها قام به مسؤولون آخرون وأنجزت أفعالها قبل تعيين عليوة. وعلى هذا الأساس. لو احترم السادة قضاة المجلس الأعلى للحسابات القانون ومتعوا خالد عليوة بحقه القانوني في الجواب والدفاع لكان هذا الأخير قد أوضح لهم حدود النطاق الزمني لمسؤوليته، وتبعا لذلك لكان قد بين لهم ما هي الأفعال التي تندرج في نطاق مسؤوليته وما هي الخارجة عن هذا النطاق. وهو الأمر الذي يستفاد منه أن التقرير المنشور لم ينجز بمهنية من شأنها أن تحقق غاية المشرع من وراء سن قاعدة نشر التقرير السنوي والمتمثلة في تنوير الرأي العام وليس تضليله. ولو كان هذا التقرير أنجز بمهنية لكان على الأقل على قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن يشيروا في تقريرهم إلى أن بعض المآخذ مسجلة في حق المسوؤل عن البنك من سنة كذا إلى سنة كذا، وأن المآخذ الأخرى مسجلة في حق المسؤول عن البنك من تاريخ كذا إلى كذا، لا أن يوهموا القارئ ويتركوا التقرير يوحي لهذا القارئ بأن جميع المآخذ منسوبة لخالد عليوة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نؤكد لكم أن جميع المآخذ التي تم نسبها لخالد عليوة لنا عليها أجوبة وردود ودفوعات تنبني على نصوص قانونية ووثائق مادية, وسجلنا, يضيف ادريس لشكر,أن قضاة المجلس خرقوا عددا من القواعد المسطرية وهو ما أضر بالأطراف المعنية، حيث تم خرق قاعدة عدم جواز نشر الملاحظات بالتقرير السنوي إلا بعد ضمها بالأجوبة. كما تنص على ذلك المادتين ال 99 وال 100 من مدونة المحاكم المالية. ورغم أن المقتضيات القانونية قد ألزمت المجلس الأعلى للحسابات بضرورة تضمين التقرير السنوي المعد لتقديمه الى الملك ولنشره بالجريدة الرسمية تعاليق السلطات الحكومية ومسؤولي المؤسسات والأجهزة المعنية، فإن الغريب في الأمر هو أن المدير العام الحالي هو الذي قدم الجواب عن ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات، رغم أنه لم يكن معنيا بهذه الملاحظات المدرجة بالتقرير، كما لم يكن يملك صفة المسؤول عن القرض العقاري والسياحي إبان الفترة التي أنجزت خلالها مهمة المراقبة واستنتجت عندها الملاحظات المنشورة. ووفقا لقاعدة توازي الشكليات، فإنه كان من باب أولى أن يتم تبليغ هذه الملاحظات الى المسؤولين عنها مادام أن قرار المتابعة الصادر في حقهم قد بلغ لهم شخصيا في محل إقامتهم. ومادام الأمر أدى بتعريض حريتهم وحقوقهم إلى تدابير جنائية: أو العكس أن يبلغ قرار المتابعة ويصدر في حق الأشخاص المبلغة لهم الملاحظات والذين أجابوا عنها رغم أنها لا تعنيهم ولا يملكون الصفة للجواب عنها: فضلا عن هاته الأجوبة فإن الأجوبة المقدمة من غير ذي صفة جاءت يتيمة على شكل التزامات اتجاه توصيات وليس على شكل تعقيبات وأجوبة على ملاحظات، وذلك على خلاف ما هو عليه الأمر بالنسبة إلى التقارير التي تهم مسؤولين في أجهزة أخرى، كما هو عليه الحال بالنسبة إلى التقريرين الخاصين بالمندوبية السامية للمياه والغابات وشركة استغلال الموانئ بحيث جاءت على شكل أجوبة مفصلة. إلى جانب ذلك، تم خرق قاعدة عدم جواز إحالة التقرير على وزير العدل إلا ممن له الصفة كما تنص على ذلك الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة 111 من مدونة المحاكمة المالية. حيث لا يحق لأي شخص كيفما كانت صفته أن يحيل الأمر على وزير العدل إلا إذا كانت لهذا الشخص صفة الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى للحسابات. وهو ما حدث في هذه الحالة، مما يقتضي فتح تحقيق بشأن هذا الخرق المسطري.