الحلقتان الأولى والثانية من برنامج الكاميرا الخفية «جار ومجرور» تعطيان صورة نموذجية للحيثيات والملابسات التي تمرر فيها صفقات البرامج الرمضانية والتي لا تراعي المبادئ الأساسية للعمل الإعلامي، هذه المبادئ التي تشكل الدعامة الضرورية لنجاح أي عمل وملاءمته للمعايير الفنية المتعارف عليها. «الكاميرا الخفية» مثلا، وكما هو متعارف عليه تقوم على مبدأين: المبدأ الأول انطلاقها من فكرة بسيطة وأصيلة، وفي ذات الوقت ارتكازها على عنصري الادهاش والمفاجأة اللذين ينتجان التشويق والمتعة والتسلية. المبدأ الثاني هو أن تحافظ للمستهدف بالمقلب أو بالمفارقة على كرامته وصورته الاقتباسية، وهو ما يشكل صلب الممارسة الفنية والاعلامية. وبإسقاط بسيط لهذين المبدأين على هاتين الحلقتين نلاحظ كيف أن الحلقة الأولى كلفت أكثر مما يكلفه عرس باذح، بحيث احتاجت لإقامة أفراح فارهة وممول حفلات وضيوف وجوق ومغني من «الطراز الرفيع» ..كل هذا في غياب مقلب طريف ولا مفارقة ذكية.. فقط استفزاز وبسالة حامضة تنم عن جفاف قاحل على مستوى الخلق والابداع. والأدهى من ذلك هو أن الضيف، وهو هنا طهور بدا مستعدا من أجل «طرف ديال الخبز» على حد قوله، أن يقوم بأي شيء، ولو كان الغناء ب«الكاميرونية» وبطريقة كاريكاتورية تعطى صورة عن النجوم التي ابتلينا بهم في الآونة الأخيرة. أما الحلقة الثانية فقد كانت في الحقيقة قمة في الاستهتار وكان حريا بالفكاهي «عاطر» أن يرفض هذه الحلقة صونا لصورة الممثل المغربي ، بحيث قبل أن يشارك في عمل لا يعرف مخرجه ولا موضوعه وأن يمر مباشرة إلى الترديد بشكل ببغاوي حوارا بليدا. إن «جار ومجرور»، وكما كان عليه الأمر في الموسمين السابقين ،هو الاستهتار بالمشاهدين في أجلى صور، إنه كرنفال الرداءة الذي نعاني منه كل شهر رمضان والذي تكلفت فقرة «جار ومجرور» بانطلاق «بسلاته» سيئة الذكر.