قامت السلطات المحلية بهدم الأرضيات الإسمنتية وحجز جميع مواد البناء من حديد ورمل وإسمنت استعملها عدد من الجزارين لبناء محلات تجارية في ملتقى شارعي العيون والبارودي ببني ملال، بعد أن حاول بعضهم اعتراض عمل السلطات بإشهار السلاح الأبيض في وجوههم . الترامي على الملك العام بغرض بناء دكاكين تجارية هو من مخلفات انحراف مشروع إنشاء محلات تجارية بهدف إفراغ الشارع العام بوسط مدينة بني ملال من الباعة المتجولين و الفراشة وتنظيمهم بشكل لائق في فضاء مناسب. المشروع أشرف عليه في البداية المجلس البلدي لبني ملال الذي خصص لحوالي 180 بائعا متجولا و فراشا أمكنة محاذية لسور المقبرة الإسلامية لبناء دكاكين تجارية بعد إحصائهم من طرف لجنة مشتركة مكونة من الجماعة و السلطات المحلية ، لكن جهات معينة استغلت هذه المناسبة و دفعت مجموعة من الأشخاص للإحتجاج أمام مقر الولاية و مقر البلدية، بدعوى أنهم لم يستفيدوا من هذا المشروع كزملائهم . ليفتح المجلس من جديد باب الطلبات و يستغل من طرف بعض الأعضاء من المجلس الذين حولوا الأمر إلى تسابق انتخابوي، فتقاطرت الطلبات التي بلغت أكثر من 7000 طلب ... ضغط احتجاج جمعية التجار المتضررين من الفراشة بوسط المدينة بشارع أحمد الحنصالي و ساحة الحرية وزنقة أمغالا و باب مراكش، ورد فعل الباعة المتجولين و الفراشة، وتخوف السلطات من الحراك المجتمعي خلال ما يسمى بالربيع العربي، دفع المسؤولين، مجلسا وسلطات محلية، إلى البحث عن مخرج لتهدئة الأوضاع، و ذلك بتوزيع أمكنة لبناء محلات تجارية بسوق برا، علما بأن الجماعة لا تملك سوى جزء صغير من هذا السوق الأسبوعي القديم، في حين يتبع جزء كبير منه إلى وزارة التجهيز والنقل إلى جانب جزء آخر في ملكية الخواص. العملية انحرفت بدورها عن ما خطط لها، فعرف هذا الفضاء المتواجد بشارع محمد الخامس غزوا كبيرا و فوضى عارمة، حيث تم توزيع البقع التجارية بشكل عشوائي متجاوزا اللجنة المكلفة و المتكونة من عضوين من مجلس الجماعة و باشا المدينة و ممثلين عن الباعة و الفراشة. فهاجمت الفؤوس و المعاول المكان بشكل هستيري و قسمت الأرض إلى خانات لفائدة « جمهور» جله لا ينتمي لقطاع التجارة، بل عدد منهم من أصحاب السوابق و خريجي السجون، و منهم من أخذ مكان اللجنة المكلفة و أصبح هو المشرف الفعلي على التوزيع باسم المسؤولين الجماعيين. فعمت الزبونية الانتخابية و بات الحصول على المكان بمقابل مالي يتراوح بين 5000 درهم و 20.000 درهم و بعضهم حصل على 4 أو 5 محلات ، فتحول المكان إلى ساحة لاغتيال الملك العام بدون حق وإلى مبارزات يومية بين «جمهور» غريب على المدينة تحت أنظار المسؤولين ، منتخبين و سلطات، المفروض أنهم مكلفون من طرف وزارة الداخلية بتطبيق مخططات مشروع تأهيل مدينة بني ملال و الذي رصدت له ميزانية تفوق 108 مليار سنتيم. فوضى عارمة وتسيب كبير حولا الفضاء إلى «مسخ عمراني» مخلفا استياء عميقا لدى سكان المدينة بينما شجع صمت و عدم تدخل السلطات مجموعة من الوافدين الجدد على المدينة إلى تجاوز فضاء سوق برا و الترامي على رصيف الشارع العام ليتدخل والي الجهة أول أمس و يأمر بتوقيف المشروع كليا . وقف النزيف أمر مهم ، لكن الأهم هو معالجة المشروع بمراجعته من أساسه حماية للملك العمومي و صيانة لحق المواطنين في العيش و التجول في فضاء لائق ، مع محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجريمة المقترفة في حق المجال والبيئة .