كشف المكتب الوطني للحبوب والقطاني أن مخزون المغرب من الحبوب لا يتعدى خمسة أشهر في حين رأت مصادر أخرى أن المخزون لا يتجاوز ثلاثة أشهر. ومهما كان الرقم الصحيح من بين هذين الرقمين المتضاربين فإن كلاهما ينذران بأزمة حقيقية بالنسبة للمغرب وأمنه الغذائي ، إذ رأى خبير مغربي في تصريح للجريدة، أن الاحتياط الاستراتيجي في هذا المجال يجب أن يصل إلى 75 في المائة من الاستهلاك السنوي، وهو ما لا يتوفر لحد الساعة، الأمر الذي يفرض على الحكومة التحرك بشكل استعجالي لضمان قوت المغاربة، في حين لاحظ أن أسعار الحبوب بمختلف أنواعه في السوق العالمية تعرف ارتفاعا كبيرا ، وأن روسيا البلد المعروف بتصديره لهذه المادة استعملت منتوجها في الحرب السياسية الدائرة الآن وأحجمت عن تإصدير حبوبها بكل أنواعه لاستعمالها كورقة ضغط في هذا المجال. نفس المصدر أشار للجريدة أن المغرب كان يستورد من حليفه الاستراتيجي ، ما بين 18 مليون و30 مليون قنطار، إلا أن التدهور الاقتصادي والمالي الذي تعرفه الدول الأوروبية ، خلق ارتباكا لدى الفاعلين المغاربة في جميع القطاعات وخاصة في قطاع الحبوب. ونبهت مصادرنا إلى أن الحكومة لم تكشف عن أية إجراءات ملموسة وعملية للاستيراد في هذه المرحلة، خاصة تزويد الفلاحين بالبذور المختارة حتى يتمكنوا من إعطاء انطلاقة الموسم الفلاحي المقبل في الوقت المحدد، سيما وأن جل الفلاحين عانوا من الموسم الفلاحي لهذه السنة، كما تراكمت عليهم الديون في ظل عدم تمكينهم من التأمين بعدما أعلنت وزارة الفلاحة مجموعة من المناطق أنها غير منكوبة عكس الحقيقة، وهو ما أثار احتجاجات عديدة ، وكنموذج على ذلك منطقة الشاوية ورديغة، وخاصة بإقليم برشيد. وفي غياب أية إجراءات مستعجلة، تضيف هذه المصادر، من شأن ذلك أن يرهن مستقبل البلاد، في حين سجل هناك غموض كبير بخصوص المعلومات المرتبطة بالمعلومة الاستراتيجية وبالقوت اليومي للمغاربة. وهو ما يزيد من مضاعفة الارتباك لدى الفلاحين وعموم المستهلكين. وإلى جانب ضعف الاحتياط المغربي في الحبوب، يسجل أيضا تآكل الاحتياط الخاص بالعملة الصعبة، على اعتبار أن شراء الحبوب من الأسواق الدولية يتم بواسطة العملة الصعبة مما يفرض على الحكومة وضع كل المعلومات الاستراتيجية في متناول المغاربة. وتساءلت مصادرنا هل ستتحرك الحكومة لدعم الاحتياط الخاص بالحبوب على الأقل لمدة ثمان أشهر المقبلة؟ في سياق آخر، كان مخطط المغرب الأخضر قد تبنى في توجهه الزراعة ذات القيمة المضافة الموجهة للتصدير ، لكن لاحظ المتتبعون تعثر هذا المنهج خلال السنة الماضية ، إذ لم يتم تغطية حاجيات المجمعين للحبوب من أجل الاكتفاء الذاتي، فبالأحرى مراكمة الاحتياطي في هذا الباب. كما أن المجمعين توصلوا بالبذور بشكل متأخر من طرف «سوناكوس » الشيء الذي أربك السوق وأفرغ مخطط المغرب الأخضر من مضمونه في هذا المجال.