يعرف سوق العقار من خلال حكايات لوبياته التي تشبه إلى حد كبير أفلام «ألفريد هتشكوك» المشوقة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما عرفه ملف الرسم العقاري الوهمي رقم 15/19219 من تطورات مثيرة، مضحكة أحيانا ومرعبة أحيانا أخرى، ادعى مشتري هذا الرسم العقاري الوهمي مجهول الموقع من طرف المصالح المختصة بالمحافظة العقارية بسطات، أن العقارات من رقم 45 إلى رقم 71 بزنقة ابن سينا-درب عمر-سطات، توجد برسمه العقاري المشار إليه. وقد استطاع تضليل العدالة من خلال خبرة معاينة أنجزها له الخبير المحلف الأستاذ أحمد الضعيف سنة 2005، وأصدرت المحكمة بسطات قرارا يقضي بطرد أصحاب العقارات المشار إلى عناوينها أعلاه، لكن أثناء عملية التنفيذ، أكد الخبير المحلف الأستاذ جواد عبد النبي في خبرته بتاريخ 2008/5/14 أن الرسم العقاري المذكور لايوجد ضمن قائمة الإحداثيات؛ وبالتالي يستحيل التعرف على موقعه، مما جعل نفس المحكمة تصدر قرارا يقضي بصعوبة تنفيذ قرار الطرد!... أمام هذا الوضع، التجأ صاحب الرسم العقاري الوهمي المشار إليه إلى رفع دعوى قضائية ادعى فيها منع المحافظة العقارية من إجراء العمليات الهندسية. لكن أثناء تنفيذ القرار الاستئنافي القاضي بعدم منع المحافظة من إجراء العمليات الهندسية في الرسم المذكور اتضح أن مهندسي المحافظة لم يستطيعوا ولن يستطيعوا معرفة موقع هذا الرسم. والسؤال المحير الذي يطرحه جميع سكان زنقة ابن سينا هو كيف استطاع هذا المضلل صاحب الرسم العقاري الوهمي المذكور معرفة موقع رسمه العقاري، إذا كان مالكا معه على الشياع بناء في ذلك وفي الوقت الذي عجز فيه خبراء محلفون كثر من ذوي الاختصاص باعتبارهم مهندسين طبوغرافيين خصوصيين انتدبوا جميعهم من طرف محاكم سطات لذلك، وكذلك الشأن بالنسبة لجميع مهندسي المحافظة بمدينة سطات وعددهم تجاوز -لحد الآن- حوالي خمسة عشر وزيادة. إنه التفنن في التضليل والتدليس والنصب والاحتيال. ويتساءل مالكو العقارات المتضررون أليست هذه جرائم يعاقب عليها القانون؟!... إن مالكي العقارات المشار إليها لايمنعون المحافظة من إجراء العمليات الهندسية في الرسم العقاري موضوع النزاع، ولكنهم يتمسكون بأن تكون المحافظة على معرفة دقيقة بموقعه، لأن الأمر يتعلق برسم عقاري له رقم والمفروض أن تكون حدوده معروفة وموقعه معروف، الأمر لايتعلق بملكية يراد تحفيظها ولها مسطرتها الخاصة. إن تحفظ ما هو محفظ وسلك مسطرة التحفيظ تحت ذريعة إجراء العمليات الهندسية بشكل فضفاض يعتبر تحايلا على القانون، وهي أيضا جريمة يعاقب عليها القانون. إذا كان ملف هذا الرسم الوهمي فارغا، فعلى المحافظة أن تتحمل مسؤوليتها وتقوم بالتشطيب عنه، لا أن تستمر في لعبة القط والفأر. إن محاربة الفساد تتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات المنصفة والصحيحة. إن عون التنفيذ المكلف بالملف التنفيذي 11/916 بخصوص إجراء العمليات الهندسية في الرسم الوهمي المشار إليه عاش خلال ثلاث محاولات وضعا صعبا: فهو من جهة، حرص على تنفيذ منطوق الحكم بحذافيره مؤازرا في ذلك بأفراد القوة العمومية التي سخرت لهذا الغرض. وقد دون في محاضره الثلاثة أنه ليس هناك منع لمهندس المحافظة من إجراء العمليات الهندسية. ومن جهة أخرى، لم يستطع إغلاق الملف «الله يكون في عونه». فعلى من تقع مسؤولية إغلاق الملف، إذن، على اعتبار أن عملية التنفيذ قد تمت وفق منطوق الحكم؟!... وهذا أيضا يتطلب كثيرا من الشجاعة في نطاق محاربة الفساد. ومن النتائج الخطيرة لهذا التضليل المدمر الذي قيل ويقال عنه إنه أخطر من القتل ما هو عسير أن يستسيغه العقل الآدمي، ذلك أن أحكاما قضائية صدرت لفائدة المضلل صاحب الرسم الوهمي، بخصوص تعويضه عن عدم استغلاله لرسمه العقاري. إن العقل يتوقف عن الاشتغال: مضلِّل بارع يُعوَّض وبمقتضى أحكام عن عدم استغلاله لرسم عقاري لا يوجد إلا في مخيلته، لتكون حصيلة ما جناه تقارب مليون درهم ويكون الضحايا: أسر معوزة لا تجد ما تسد به رمق العيش من مالكي العقارات التي أكد خبراء المحكمة جميعهم أن عقاراتهم قد تكون لا تربطها أية صلة بالرسم العقاري الوهمي 15/19219، طالما أنهم لم يستطيعوا التعرف على موقعه. نتمنى من الساهرين على ورش إصلاح العدالة المفتوح التقاط هذه الصيحات المضحكة والمبكية في نفس الآن. لكن الأنكى والأمر والمؤلم حقا أن تنجز خبرات بخصوص مسألة التعويض هذه دون الدخول إلى منازل أصحابها والتأكد من المساحات التي يستغلونها ولا عدد البيوت التي تكون منازلهم. إنه منطق العصابات التي تشتغل بشعار: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». وهكذا وبعملية تضليل أو تدليس أو نصب أو تزوير، نسميها ما شئنا، اغتنى «مستثمر عقاري» من أبناء جاليتنا المقيمة بالخارج، حسب أقواله وادعاءاته، ومن جيوب أناس تحت عتبة الفقر!... في نطاق ما تبقى من إنقاذ ماء الوجه، وجه المتضررون أصحاب العقارات موضوع النزاع ومعهم جمعية المساندة لمؤازرة السكان المنضوين تحت لوائها شكايات إلى السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بسطات، متهمين صاحب الرسم العقاري الوهمي رقم 15/19219 بتضليل العدالة لنيل أحكام ألحقت أضرارا كارثية بأسر معوزة هي في أمس الحاجة إلى الحماية من لوبيات العقار الفاسدة المتفننة في النصب والاحتيال مع الاختباء في جبة جاليتنا المقيمة بالخارج. جمعية المساندة لمؤازرة السكان (سطات)