بفعل فاعل، ودع فريق المغرب الفاسي مسابقة كأس الاتحاد الإفريقي، التي يحمل لقبها، بعد «مؤامرة» كونغولية - أنغولية، نفذت بإتقان في مقابلة كتب لها أن تجري قبل ساعة من الانتخابات البرلمانية الكونغولية، التي ينافس فيها على أحد مقاعد مدينة دوليزي، رئيس نادي ليوبارد، أحد كبار تجار الذهب في القارة الإفريقية. هزيمة الماص، إضافة إلى هذه الأسباب، تحكمت فيها أمور أخرى تتعلق بقلة التركيبة البشرية، وطرد رشيد الدحماني مبكرا، مما أثر كثيرا على سير اللقاء. فكما كان متوقعا، تراجع فريق المغرب الفاسي إلى الوراء من أجل امتصاص ضغط فريق ليوبارد، الذي بادر منذ البداية إلى شن حملاته على المرمى الفاسي، حيث سدد بابا نداي كرة متقنة، ابتعدت قليلا عن مرمى الحارس أنس الزنيتي، الذي عاد ليتصدى ببراعة لكرة سيزار، في الوقت الذي عمد فيه لاعبو الفريق الفاسي إلى تبادل الكرة بهدوء. وأعطى المدرب الناصري تعليماته للدحماني والحراري بضرورة المساندة الدفاعية، مما قلل من محاولات الماص الهجومية. وبدأت خيوظ المؤامرة تنكشف للعيان، بعدما أهدى الحكم الأنغولي بالتيزار ضربة خطأ لصالح فريق ليوبارد في الدقيقة 25، وأشهر البطاقة الصفراء في وجه الدحماني، على لمسه للكرة، وهي الحركة التي لم يشاهدها سواه، ثم أكمل مهمته بإشهار بطاقة صفراء ثانية لنفس اللاعب، وأجبره على مغادرة أرضية الميدان، وسط ذهول الجميع، وهو ما اعترض عليه مدرب الحراس، عبد الحق الكتامي، الذي تلقى بدوره البطاقة الحمراء، وهو نفس المصير الذي لقيه الثلاثي يونس اليوسفي وعمر النمساوي وسعيد الحموني. وتواصل اللقاء، على نهج واحد، حيث والى فريق ليوبارد هجماته على المرمى الفاسي، محاولا استغلال النقص العددي، بينما حاول لاعبو المغرب الفاسي تهدئة اللعب، أملا في إنهاء الشوط الأول بهذه النتيجة. لكن بالمقابل، كان الحكم الأنغولي، يتحين الفرص كي يقضي على آمال الفريق المغربي، حيث كان يعلن عن أخطاء وهمية، إحداها كانت في الدقيقة 40، عندما احتسب خطأ ضد اللاعب اليوسفي، سجل منها ديابولي الهدف الأول. وزدادت محن المغرب الفاسي، الذي تلقى ضربة موجعة ثانية، انضافت إلى طرد الدحماني. فقد تعرض الحراري لإصابة منعته من مواصلة اللقاء، ليتم تعويضه بالجوباري، وهو الاختيار الوحيد الذي كان متوفرا للمدرب الناصري، بفعل النقص العددي الكبير، والغيابات المؤثرة لعدد من أبرز لاعبي الفريق. وخلال الشوط الثاني، استمر الوضع على ما كان عليه، حيث تواصلت «السيطرة» الكونغولية، مع بعض المحاولات الخجولة من فريق المغرب الفاسي، عبر الجوباري وديوب، وسط تألق الحارس أنس الزيتي، الذي أنقذ كرة صعبة في الدقيقة 60، إثر ضربة رأسية من سيزار. وكانت الفرصة الوحيدة لفريق المغرب الفاسي في الدقيقة 73، إثر تسديدة قوية للجوباري، لكن الحارس لوتونو أبعدها بصعوبة. تراجع لاعبي المغرب الفاسي أعطى الفرصة لمهاجمي ليوبارد، للزحف أكثر، وسط ضغط جماهيري كبير، وظلم تحكيمي بين أثر على تركيز دفاع المغرب الفاسي في بعض اللحظات، التي خرج فيها يوسف البصري وأنس الزنيتي عن النص. وأضاف الحكم الأنغولي ست دقائق كوقت بدل ضائع، رغم قلة التوقفات خلال الشوط الثاني. ومع مرور الدقائق الست تناسى الحكم أن يعلن نهاية اللقاء، لتأتي الدقيقة 99، حيث سقط لاعب ليوبارد تسيبا وحيدا داخل منطقة الجزاء، ليقتحم الجمهور الملعب فرحا وسط حالة من الذهول للاعبي الماص، الذين شاهدوا أحلامهم تقتل بدم بارد. ووسط هذا الاقتحام، تعرض رشيد الدحماني ومحمد صخرة للاعتداء بالضرب من قبل الجمهور، بينما عاشت البعثة حالة من الرعب، ليتوقف اللقاء لأكثر من ربع ساعة، نفذت بعدها ضربة الجزاء، التي رغم محاولات الزنيتي لصدها، كانت قوية وسكنت المرمى، ليعلن بعدها الحكم عن نهاية اللقاء، منهيا بذلك مهمته بقتل طموح فريق المغرب الفاسي، الذي عاش في هذه الرحلة معاناة فوق الوصف، أعادتنا إلى شريعة الغاب، فحتى رجال الأمن ساهموا في إثارة الرعب. إن المغرب الفاسي في هذه اللحظات يبقى أحوج ما يكون إلى جماهيره، وإلى تكاثف جميع الجهود، لمواصلة توهجه، فالخروج من هذه المسابقة لا ينبغي أن يؤثر على وحدة الفريق، بل يجب أن يكون دفعة وحافزا لإعادة الانطلاق من جديد.