لا حديث في الشارع الشمالي هاته الأيام إلا عن قناديل البحر أو كما يسميها أهل الشمال «أغوا فيفا »، هاته الحيوانات الرخوية المزعجة في بعض الأحيان و المؤذية في أحايين عدة، تفسد على المصطافين متعة الاستجمام و تشكل خطرا على كل من لامست جسده محدثة حروقا و تقرحات جلدية خطيرة حسب كل صنف أو نوع . بل أصبح مشكل رداءة مياه شواطئ مارتيل و المضيق و الفنيدق و أمسا ، حسب تصنيف وزارة الطاقة و المعادن، أمرا ثانويا أمام هاته الكائنات . و حسب العديد من المصطافين، فإن أول ما يستهل به في كل فترة استجمام ، هو السؤال عن تواجد قناديل البحر أم لا قبل ملامسة ماء البحر . إذ أصبحت السباحة في السواحل الشمالية مرادفة للسعات هاته الكائنات المائية ، التي بمجرد لمسها لجسد الإنسان تحدث التهابا حادا تليه تقرحات في غالب الأحيان بفعل الرغبة في حك البقعة التي لامست تلك القناديل، متبوعة بارتفاع في درجة الحرارة ، و غالبا ما تلسع المستحم في عدة مناطق في الجسم بفعل كثرتها ، حيث أنها تعيش في مجموعات كثيرة جدا ، و تنتقل في شكل مجموعات مخيفة. تهديدات قناديل البحر لا تهدد المصطافين وحدهم ، بل تتعداه إلى تهديد البحارة في هاته الشواطئ ، حيث يؤكد العديد من البحارة في هذا الشريط الساحلي تعرض شباكهم للإتلاف بفعل هاته المخلوقات الرخوية ، التي عوض أن تجرف شباكهم السمك تعلق بها ملايين قناديل البحر ، و بفعل وزنها تتلف شباكهم و في بعض الأحيان يضطر الصيادون للتخلص من هاته الشباك التي قد تهدد توازن سفنهم، حيث يضطرون إلى قطع تلك الشباك . و غالبا ما تضطر بعض القوارب إلى إلغاء رحلاتها جراء هاته الإجتياحات . كما أن العديد من المهتمين بالشأن البحري يربطون ما بين هاته القناديل و تراجع الثروات السمكية بالمنطقة. غير أن مسؤولا بشعبة البيولوجيا الحيوانية بكلية العلوم، أكد للجريدة أن هاته المخلوقات التي اجتاحت السواحل الشمالية بكثرة هاته السنة ، كان متوقعا اجتياحها بهذا الشكل، بالنظر إلى كون المغرب عرف خلال السنة الماضية ندرة في تساقط الأمطار ، و كذا بفعل التغيرات المناخية التي شهدها العالم ، و أن طبيعة و سلوك هاته الرخويات التي تدخل في شعبة الإسفنجيات و التي يشكل الماء نسبة تصل إلى 90 في المائة من وزنها و بعض أعضائها ، و ما يفسر خروجها إلى القرب من الشط يعود بالأساس إلى البحث عن العوالق البحرية التي تشكل غذاءها المفضل ، و إلى انقراض العديد من المخلوقات التي تتغذى على هاته الرخويات مثل السلاحف و بعض الأسماك الصغيرة . وأضاف الدكتور أن تدهور البيئة البحرية بالساحل الشمالي بسبب التلوث ، و كذا التغيرات المناخية عاملان أساسيان في بروز هاته الكائنات إلى حد يمكن وصفها بالظاهرة . و أن استمرار هاته العوامل من شأنه أن يشكل خطرا على صحة المصطافين و البحارة على السواء . من جانبه أكد مهتم بالشأن البيئي بمدينة المضيق، أن على السلطات العمومية و المنتخبة إيجاد حلول وبدائل آنية للمواطنين الراغبين في الاستمتاع بحلاوة البحرة ، في انتظار إيجاد حلول جذرية للظاهرة ، و ذلك عبر الإستفادة من تجارب الجارة إسبانيا في مجال محاربة هاته الظاهرة ، من خلال إقامة مناطق و محميات للاستجمام ، و بالتالي مد شباك عازلة تمنع تسرب هاته الرخويات إلى أماكن العوم . وهذا مايفرض على العديد من المصالح المعنية الإنخراط في محاربة هاته المخلوقات ، و خصوصا مصالح وزارة الطاقة و المعادن و الماء و البيئة ، و وزارة الداخلية ، و الصحة ، و السياحة و الفلاحة و الصيد البحري ، لكون جل هاته المصالح معنية بشكل مباشر بتداعيات استفحال هاته الظاهرة ، و أن استفحالها يشكل خطرا على البيئة و سلامة و صحة المواطنين و على الثروة السمكية بالمغرب ، و أن معالجة هاته الظاهرة تستوجب طرق جميع المنافذ و الحلول لأجل مواجهتها بعدما أصبحت تهدد العديد من القطاعات الحساسة بالإقتصاد الوطني.