لا شك أن احتلال المسلسل التركي المدبلج «ماتنسانيش» الرتبة الأولى من حيث المشاهدة حسب الأرقام المقدمة عبر وسائط الإعلام المكتوب له أسباب عدة والأكيد أن هناك تفسيرات يمكن أن يستفيد منها المخرجون والممثلون المغاربة وحتى كتاب السيناريو. إن الدوافع الكامنة وراء هذا الانشداد المنقطع النظير له أسباب محددة يمكن إجمال بعضها في ما يلي : 1 - الإطار الفني : اعتمد الطاقم الفني للمسلسل على تقنيات تصوير هائلة ودقيقة وعلى استغلال فضاء شبه قروي بجماليته من أجل تقديم صورة تلفزية جذابة، وهذه خاصية تميز الدراما التركية على مدى سنوات وفي كافة الأعمال، كما أن المخرج عمد إلى الاشتغال على المناظر الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، مستعملا كذلك ماكياج وملابس تحصر الشخصية في محيطها ووضعها الاجتماعي دون مبالغة أو بهرجة 2 - القصة : لابد أن القصة في مجملها رغم طولها استطاعت أن تحافظ على أعلى نسب مشاهدة، حيث أن المتفرج لا يمل، بل يبقى مشدودا إلى الأحداث والوقائع ينتظرها بشغف والأكيد أن، البناء الحكائي له دور كبير في ذلك، كما أن الكاتب عمل على استحضار قيمة الصراع الطبقي بين طبقة الملاك والمأجورين، صراع تشكلت أطرافه في شخصية خلود التي تمثل الطبقة المسحوقة وشخصية خديجة التي تمثل الطبقة الارستقراطية، ثم تتوازى حكايات مرادفة ووقائع تنسجم مع جوهر القصة 3 - الدبلجة: ساهمت الدبلجة إلى اللهجة المغربية في نجاح السلسلة وجذب اهتمام شريحة عريضة من المجتمع خاصة التي تعاني من الأمية 4 - الشخصيات : المشاهد المغربي تعاطف بشكل كبير وأحبوا شخصية خلود أو سراب وأصبحت فردا من أفراد الأسرة وهذا راجع لأنهم يرون فيها أنفسهم لأن معاناتها مع القهر والظلم والاستبداد هي معاناتهم، لأن طموحها وصراعها لاختراق طبقة النبلاء هو نفس الهاجس الذي يميز الفئات المسحوقة اجتماعيا.. إنه رمز لقهر جبروت فئة مالكة للثروة، تحاول أن تجد موطئ قدم لها فيه. إن ثراء الشخصيات وغناها كرشيد وجمال وانتصار وسمير الأب ومحمود، إذا تجاوزت إطارها المحلي لتصبح جزء من مجتمعات أخرى كالمجتمع المغربي الذي يعيش صدمة قيم كونية طابعها الحداثة مع انشداد إلى الماضي 5 - غياب المنتوج المحلي : يعتبر غياب سلسلة مغربية في قيمة مسلسل خلود عاملا كبيرا في نجاح البديل التركي في انتظار ما سيجود به شهر رمضان، ولقد أكدت سلسلة «ماتنسانيش» أن البرمجة خارج إطار الشهر الفضيل قد تنجح إذا ضمنا لها توقيتا للعرض يكون مناسبا، وسيبقى التساؤل كبيرا ومدويا في آذان البعض، متى سيتم الاهتمام بالمنتوج المغربي علما أن لدينا مقومات ضخمة يمكن استغلالها..