كثيرا ما عبرت أوساط المتتبعين بإقليمخنيفرة عن استنكارها الشديد لما تعرفه محميات وغابات الإقليم من مظاهر التخريب والاستنزاف الممنهج، غير أن لا أحد توقع أن تمتد هذه المظاهر لمحمية ملكية للقنص، حيث خرجت مصادر مؤكدة عن صمتها لدق ناقوس المنبه حيال ما يجري بالمحمية الملكية المتواجدة بمنطقة «رأس برياخ»، الواقعة على تراب أجلموس، إقليمخنيفرة، من خراب وضغوط مهددة إياها بفناء شامل لدورها الايكولوجي والبيئي، ولمكانتها الطبيعية المتميزة بغاباتها ووحيشها وطيورها، إذ في الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عن ربط المحاسبة بالمسؤولية، لا يزال بعض المتسيبين «يعيثون في الأرض فسادا» ويضعون أنفسهم فوق قوانين البلاد. فبالإضافة إلى مظاهر القطع الجائر لأشجار «الكروش» على حساب الملك الغابوي للدولة، فإن المحمية الملكية تتعرض بشكل مستمر لشتى أشكال النهب والترامي، من خلال إقدام مستغلين غابويين معينين على اجتثاث وإبادة مساحات واسعة من غابات «البلوط الأخضر» داخل المحمية المذكورة. ولم تستبعد مصادرنا أن هذه الفضائح تجري بتواطؤ مع بعض المسؤولين الغابويين مقابل اختيار موقع المتفرج وغض الطرف. المستغلون الغابويون المشار إليهم يحصلون، حسب مصادرنا، على تراخيص تسمح لهم باستغلال قطع غابوية مدنية في ملك الخواص بقلب المحمية الملكية أو بمحيطها، إلا أنهم يستعملون هذه التراخيص في استهداف الملك الغابوي للدولة، وللمحمية الملكية، من خلال تنفيذهم لأسلوب الاقتحام والنهب أمام مرأى ومسمع من الجهات المفروض فيها السهر على احترام القوانين والحدود الغابوية. ولم يفت مصادرنا الكشف عن مساحات هامة ظلت إلى وقت قريب غنية بأشجار يزيد قطرها عن 80 سنتيمترا، خاصة بمنطقة «ثلاث أبرباش»، التي لا تبعد عن مركز للمياه والغابات إلا بحوالي 100 متر، وكذا بمنطقة «أمغوس» من الجهة الغربية للمحمية الملكية. نفس الوضع الكارثي عرفته منطقة «أمدغوس»، خلال العام الماضي، حيث تم استنزاف مساحة شاسعة تمتد من القطعة رقم BF 306 إلى القطعة رقم BF 313، وما يليها على مسافة بطول كيلومتر وعرض 35 مترا. ولتسهيل عمليات التخريب يعمد المخربون إلى تحويل الأنصاب الغابوية bornes forestières من مكانها القانوني، وتغيير حدودها، بهدف توسيع الرقعة المهضومة وشرعنة الاستيلاء على المزيد من المساحات بطرق من الاحتيال المنظم، وقد سبق للمحققين اكتشاف عملية تغيير لأنصاب حدودية يعود تاريخ وضعها لعام 1933، وإتلاف المسافات الموضوعة بينها. أما بمنطقة «موفراس» فلم تسلم بدورها من أعمال التخريب، حيث أكدت مصادرنا أن هذه المنطقة سبق لها أن عرفت عام 2000 اجتثاث أزيد من ثلاث هكتارات من غابة تقع في حدود المحمية الملكية، إذ لم يقتصر الأمر بالمخربين عند حدود القطع، بل أنهم تمكنوا من «استصدار» موافقة من إدارة المياه والغابات لتحفيظها وضمها لملك الخواص المجاور للمحمية، استنادا لملف التحفيظ رقم 11718، قبل تراجع هذه الادارة عن موافقتها إثر قيام لجنة خاصة كانت قد حلت بعين المكان، خلال أبريل الماضي، ووقفت على مواقع القطع العشوائي، سيما بين القطعة BF 206 و BF 207، حسبما كشفت عنه مصادرنا التي لم تفتها الإشارة لتحركات قام بها للمنطقة مسؤولون إقليميون وجهويون من مصالح المياه والغابات.