شكل موضوع تطوير القدرات التشريعية للبرلمان محور لقاء دراسي نظم يوم الأربعاء بالرباط، من طرف مجلسي النواب والمستشارين، بشراكة مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والاتحاد الأوروبي، وبرنامج «سيغما « (الدعم من أجل الحكامة والتدبير) بمشاركة خبراء مغاربة وأوروبيين. وأكد كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، أن الدستور المغربي أولى مكانة مهمة للبرلمان وخول له اختصاصات ووظائف رائدة، مبرزا أن الدستور وفضلا عن الجانب الرقابي والدبلوماسي، أفرد مواد كثيرة للبرلمان في المجال التشريعي، حيث أن حجم المواد التي هي من اختصاص البرلمان، انتقل من 9 مواد حسب دستور 1996 إلى أزيد من 30 مادة وفق الدستور الحالي، الى جانب الأهمية الممنوحة لمقترحات القوانين التي يخصص لدراستها على الأقل يوم واحد في الشهر وإمكانية تقديم المواطنين لملتمسات في مجال التشريع والتي ينتظر تفعيلها بصدور القانون التنظيمي الذي ينص عليها. وشدد غلاب على أن البرلمان مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتطوير قدراته التشريعية وعمله القانوني في إطار الاختصاصات الدستورية وفي نطاق التنسيق بين مجلسي البرلمان، وكذا التعاون مع مختلف الشركاء والمتدخلين في العملية التشريعية وعلى رأسها الحكومة، من أجل الارتقاء بالأداء التشريعي كما وكيفا، مبرزا أن ما جاء به الدستور الجديد من مقتضيات مهمة من شأنها تبسيط المسطرة التشريعية، وتقليص مدتها والرفع من جودة العمل التشريعي. واعتبر أن تقوية القدرات التشريعية للبرلمان تتطلب مجهودا كبيرا من أجل استيعاب كافة المواضيع المطروحة للمناقشة، سواء في اللجان النيابية المختصة أو الجلسات العامة، الى جانب اتخاذ بعض الاجراءات المواكبة كتوفير طاقم إداري وتقني مؤهل ومتخصص من أجل مساعدة البرلمانيين قصد إنجاز مهامهم على أحسن وجه، وكذا خلق بنك للمعطيات القانونية بهدف تأمين وتوفير المعلومة وتسهيل الرجوع إليها أثناء مختلف المناقشات، وذلك في إطار المعايير المعمول بها على الصعيد الدولي، الى جانب وضع خزانة تتوفر على الكتب والتقارير والابحاث التي قد يحتاجها البرلمانيون وربط علاقات هيكلية مع الجامعات. أما محمد الشيخ بيد الله رئيس مجلس المستشارين، فقد أكد أن نتائج استطلاعات الرأي العام توجه انتقادات كبيرة للبرلمان والتي يمكن أن نلخصها في ظاهرة الغياب السياسي وهيمنة السلطة التنفيذية على العمل التشريعيّ، واللجوء المكثف لتقنية الأسئلة الشفوية في مراقبة العمل الحكومي، وحؤول معطى الاغلبية في ترجمة التعديلات المقدمة، وغياب مبادرات لتقديم مقترحات قانونية واستعمال الفيتو الدستوري في بعض المواضيع كما هو الشأن بالنسبة لقانون المالية». وبرأيه، فإن هذا الأمر جعل المشرع الدستوري «يكترث كثيرا لمكانة البرلمان داخل البناء المؤسساتي الجديد، وحاول من خلال العديد من المقتضيات الجديدة أن يتجاوز ما أبانت عنه الممارسة من قصور في النص الدستوري ومنها دسترة مكانة المعارضة البرلمانية وجعلها مكونا أصيلا (الفصل 10) وتوسيع مجال القانون (الفصل 71)، وحصر ممارسة التشريع على البرلمان (الفصل 70)، وتوسيع أدوات الرقابة البرلمانية (الفصول 100 و101 و105 و106)، ووضع الخبرة المؤسساتية رهن إشارة البرلمان من خلال الفصول 113 و148 و152. وتساءل عما إذا كانت كل هذه الآليات «كافية لعهد برلماني جديد يتجاوز أعطاب الممارسة السابقة، وتمكن البرلمان من استرجاع وظائفه في التمثيل والتشريع والرقابة»، مضيفا أن جودة النص والممارسات الدستورية غير كافية لوحدها لتأهيل البرلمان وتحويل الفرق البرلمانية إلى فرق تعمل بطرق احترافية من شأنها الارتقاء بالتجربة البرلمانية المغربية. ومن جهته، أكد عبد الرحيم عثمون رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين الاتحاد الأوربي والمغرب، أنه في سياق تحديات العولمة فإن البرلمان مدعو اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى القيام بدوره التشريعي التنموي الديمقراطي، مضيفا أن هذا الأمر يتطلب التوفر على القدرة على إصدار تشريعات ذات جودة عالية وملمة بكافة مناحي الحياة. وتعرف أعمال هذا اللقاء تقديم عروض من طرف خبراء مغاربة وأوربيين حول جملة من المواضيع ذات الصلة بالعمل التشريعي، ولاسيما التحديات التي تواجه التشريع البرلماني وطرق الرفع من جودة القوانين وبحث كيفية تعزيز الملائمة القانونية الداخلية والخارجية وأساسا مع الاتحاد الاوربي وكذا تطوير الاداء الاداري للبرلمانات بغية تحسين جودة التشريع.