للمغاربة ذاكرة يصعب استبلادها ولنا وطن نخاف على أمنه واستقراره، إنها الخصوصية الوطنية التي دفعتني إلى مساءلة السيد بنكيران صاحب التبريرات العجيبة التي تهم الزيادة في سعر المحروقات التي قررتها حكومة الحزب الأغلبي على المغاربة خلسة دون سابق إعلام أو تهيئة نفسية لتمنح لأصحاب الكريمات التي أعلنها وزير النقل والتجهيز، إمكانية الزيادة في أسعار تذاكر السفر دون مراعاة لخصوصيات هذه السنة المالية الصعبة. من حيث المبدأ نعتقد جازمين ضرورة مراجعة صندوق المقاصة بصيغة تضمن العدالة في الاستفادة من الدعم العام، لكن تبريرات السيد الرئيس المستفزة للمغاربة لم تقنعني وشعبويته الباهتة لم تجد أي صدى لها في سمعي ووجداني رغم كل المرونة التي أبديتها لتقبل هذا القرار، يقول أنه يود أن يدعم القدرة الشرائية للفقراء عبر استرجاع أموال الدولةالمنفقة في صندوق الموازنة وسيعمل على تحويلها إلى إعانات مباشرة لفقراء المغرب. لكن ماهي الصيغة التي سيعتمدها لتخصيص هذا الدعم الموجه لهذه الشريحة المجتمعية، وهل يتوفر على تشريح دقيق تحدد من خلاله خريطة الفقر والغنى والحدود الفاصلة بينهما؟. أسائل السيد الرئيس صاحب القرارات العجيبة !!! حول من سيخول له توزيع تلك الاعتمادات المرصودة للفقراء؟؟ وعدم تمكن البعض من استغلال ذلك انتخابيا عبر نسج مركبات مصلحيه محليا وجهويا ووطنيا تعمل بشكل رهيب على توظيف كل شيء في استغلال لواقع الأمية والفاقة بالمجتمع، ففي الوقت الذي كان ينتظر المغاربة أن تعمل الحكومة على تسطير برامج واضحة لمعالجتها، والحد من الفوارق المجتمعية والتصدي للأمراض الاجتماعية، يفاجأ الجميع بالقرارات المرتجلة وبالنبرة المستفزة في التحليل والإقناع التي يعتمدها الأخ الرئيس، لكن أعتقد بكامل والوعي والإدراك المعرفي ودون أي تحريف سياسي، أن محاربة الفقر والمظاهر المرضية في المجتمع لا تعد حقلا جديرا وبالاهتمام !!! من طرف الحكومة الحالية لأن من خلال استمرارية هذه المظاهر والأمراض، ستستمر معالم المشهد السياسي الحالي معتمدة على البنية التقليدية والفقر كميكانيزمات استقطابية رابحة ومكرسة لتقدم التيار المحافظ في المجتمع، في غياب واضح للتنافس حول البرامج والمشاريع المجتمعية. وأمام كل ذلك وعبر استعلاء مقصود على الواقع يتوجه الرئيس إلى الشارع المغربي ويخاطب المغاربة «اركبوا الحافلات !!! فيقول»راني ما غاديش نخلص ليكم المازوط ديال السيارات ديالك».فأجيب حضرته إننا لا نطلب منك بونات الكازوال ولكن من حقنا أن نتساءل معك عن أي حافلات سنركب؟ هل حافلات النقل الحضري المجانية بدولة النمسا؟ أم سيارات الأجرة الخاصة بفرنسا المعتمدة بشكل محرر وفق دفاتر تحملات واضحة المعالم دون أي تميز واحتكار، لكننا نعلم وتعلم جيدا يا رئيس الحكومة أننا سنضطر لركوب حافلات أصحاب الريع والمأذونيات، تلك التي لا زالت في ملكية من استفادوا من رخصها خارج مساطر واضحة عبر منهج التمييز والحظوة عن باقي المغاربة، تلك الحافلات التي لا تتوفر على شروط السلامة والآمن ولا تحترم معايير السفر وراحة المسافرين، حيث يبدو ركابها مثل قطعان الغنم في انتهاك صارخ لحقوق المواطنة واحترام لجودة الخدمات، فالإعلان عن أصحاب الكريمات لا يعد غاية للمجتمع بقدر ما يتطلع المغاربة إلى حكامة واضحة في التسيير وإفراز سياسة تؤهل هذا القطاع، وتسمو به على غرار ما يميز وسائل النقل بالبلدان المتقدمة. سأكون عادلا معك، ولن أحملك مسؤولية هذا الواقع الرديء وستتحمل مسؤولية القرارات التي لا تؤخذ عبر تشخيص واضح واستحضار لبعد النظر وتجعلك تخبط خبط عشواء، وتعتمد التعتيم والشعبوية منهجا لإقناع المغاربة. إن مصالح الوطن ليست محط سجال ولا مزايدات شعبوية. فالشعوب لها ذاكرة وتأريخ الشعبي محفوظ في باطن الضمير يصعب استبلاده عبر جدال تبسيطي وسطحي، وسيتأكد بالملموس أنكم وصلتم للحكم بشكل خاطئ وأنكم لم تأتوا في الوقت المناسب ولا تمتلكون مشروعا مجتمعيا حقيقيا، وأن عهدك هو عهد الكوارث والأزمات والتراجعات، فالمغاربة لهم حس سياسي ذكي سيمكنهم من تصحيح المسار والتصدي لكل الانزلاقات. لقد كنا ننتظر من الربيع المغربي نمو أزهار وردية تفوح روائح العطر الزكي منها ويبتهج من خلالها الوطن ويسر ببهجته الناظرين لكن للأسف خريف 2011 خرجت منه عناكب نسجت شباكها على المجتمع وفق تطلعات محافظة تعيد تقليم الأظافر وتلتهم رحيق الورود وتنفث سمو ما في المجتمع. المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية