تنظم جمعية مهرجان الرباط الدولي للثقافة والفنون تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، الدورة الثامنة عشر لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف تحث شعار «الثقافة والفن في خدمة التنمية»، وذلك في الفترة المتراوحة ما بين 22 إلى30 يونيو2012 بالرباط. بحسب إدارة المهرجان اختيار هذا الشعار جاء أولا انطلاقا من قناعة راسخة للجمعية بأن المجال الثقافي والفني يلعب دورا أساسيا في خدمة التنمية، وثانيا للتأكيد لمن لايزال غير مقتنع بهذه البديهية، أن هذه حقيقة لا مناص منها، ومن جهة أخرى فللسينما دورها الأساسي في قضايا التنمية المستدامة، حيث أصبحت تعرف هي الأخرى تطورا سريعا بفعل التطورات التكنولوجية السريعة والرقمية. وأكد نفس المصدر أنه بالرغم من الصعوبات المادية التي تواجه المهرجان وتقف كحجر عثرة أمام الاستمرار والتطوير وبلوغ الطموحات والغايات المسطرة من قبل الجمعية، فهناك إرادة وعزيمة قويتان مشحونتان بروح نضالية وغيرة على الوضع الثقافي بالعاصمة الرباط من أجل تجاوز كل المعيقات والعقبات بمجهودات ذاتية للجمعية والشركاء المتعددين للمهرجان. فهذا المهرجان قد راكم تجربة وخبرة احترافية لمدة 18 سنة في التنظيم، اللوجيستيك والعلاقات الخارجية، بالإضافة إلى أنه كسب جمهورا كبيرا يتابع برنامجه المتنوع والمتعدد الهادف لترسيخ ثقافة سينمائية جديدة تواكب التطورات المعرفية والتكنولوجية الحديثة في مجال الفن السابع على الصعيد العالمي. لقد أصبح المهرجان قبلة للعديد من المنتجين الكبار، المخرجين المرموقين وألمع الممثلين والممثلات ذات النجومية العالمية والمنتمين لعدد من الدول العربية، الإفريقية، الأوربية، الأسيوية والأمريكية من أجل المشاركة في جائزة الحسن الثاني الكبرى للمهرجان. وتشهد هذه الدورة الثامنة عشر مشاركة ((17 دولة، وهي المغرب مصر، الإمارات، لبنان، تونس، إيران، تركيا، فرنسا، بلجيكا، ألمانيا، العراق، بورتوريكو، الأردن، هولاندا، البرازيل، إسبانيا والصين أما فيما يتعلق بشريط افتتاح المهرجان، لقد وقع الاختيار على شريط «السيد لزهر « Monsieur Lazhar» للمخرج الكندي فيليب فلاردو والذي تم إنتاجه سنة 2011، أما شريط الاختتام فسيكون شريط «طلاق» séparation للمخرج الإيراني أصغر فرهادي، فهذا الشريط قد حصل على الأوسكار سنة 2012 كأحسن شريط أجنبي، والدب الذهبي ببرلين في سنة 2011 . وتترأس لجنة التحكيم للمهرجان الكاتبة المغربية غيثة الخياط المعروفة بكتاباتها ومساهماتها المتعددة في مجالات الابداع خاصة مجال الفن السابع، كما تضم لجنة التحكيم في عضويتها عددا من الفعاليات السينمائية الدولية، من المغرب، تركيا، الكوت ديفوار، سوريا، وبورتوريكو. وستكرم هذه الدورة عددا من الفعاليات السينمائية الوطنية والأجنبية من بينها محمد أومولود العبازي المخرج المغربي السينمائي، وسيقدم المهرجان ثلاثة أفلام أمازيغية من انتاجاته، وفعاليات أخرى على الصعيد الدولي، وستقدم خلال هذه الدورة السينما التركية، المغربية، وسينما الهجرة، وسينما الطفل، والسينما الوثائقية، وشرائط تخص الربيع العربي، وبهذا سيقدم المهرجان قرابة 80 شريطا سينمائيا خلال هذه الدورة . وما يميز هذه الدورة 18 كذلك، أنها ستشكل فضاء رحبا لعدد من الفعاليات السينمائية القادمة من فرنسا، بلجيكا، مصر، تركيا، هولندا، إيطاليا، اسبانيا، ألمانيا من أجل تدارس قضايا أساسية ذات راهنية في مجال الفن السابع من خلال ثلاثة موائد مستديرة الأولى ستتداول في «رقمنة القاعات السينمائية»، والثانية ستناقش موضوع له راهنية كبيرة يتعلق الأمر «صناديق الدعم للفيلم»، والثالثة ستتطرق «دور الجهات ولجان الفيلم في الإنتاج والرقي بالقطاع السينمائي»، وستنظم هذه الموائد المستديرة التي ستستقبل كل واحدة منها أكثر من 160 فعالية تنتمي لحقول مهن السينما، الإعلام والإبداع بتعاون مع المعهد الثقافي الفرنسي ووزارة الاتصال ووزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة والمركز السينمائي المغربي، فضلا عن أن المهرجان سينظم ندوة تتعلق «بالنقد الأدبي والسينمائي أية علاقات؟» بتنسيق مع كلية الآداب التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط والجمعية المغربية لنقاد السينما، وستتوج هذا الموائد المستديرة بتقارير تتضمن كل الخلاصات والتوصيات والاقتراحات لتشكل أرضية فكرية ونظرية وميدانية لعمل لجن الفيلم التي تم تأسيسها والتي تخص جهات المغرب. وكعادته يختار المهرجان أحد التجارب السينمائية في العالم، التي قامت بمجهودات بارزة، وتركت بصماتها خلال السنة في مجال السينما، لتكون ضيفة شرف على المهرجان، ففي هذه السنة 2012 ، فقد وقع الاختيار على السينما التركية كضيفة شرف لما أعطته خلال هذه السنة في مجال الفن السابع ونظرا لحضورها الوازن على الصعيد الدولي. وفي إطار الموسم الثقافي الفرنسي-المغربي 2012 يساهم المعهد الفرنسي بالمغرب في تنظيم تكريم صندوق دعم سينما الجنوب الذي خلقته كل من وزارة الثقافة ووزارة الشؤون الخارجية الفرنسيتين، بالموازاة مع فعاليات المهرجان، فهذا التكريم سيضم برمجة 6 أفلام من بين 500 فيلم التي استفادت من هذا الصندوق في الفترة ما بين 1984 - 2011. يذكر أن الفضاءات المخصصة لعرض كل الأفلام المبرمجة في الدورة الثامنة عشر للمهرجان هي المسرح الوطني محمد الخامس، سينما الفن السابع، سينما الملكي، ثم قاعة جيرار فيليب التابعة للمعهد الفرنسي بالرباط، وفضاء ساحة أبي رقراق بالإضافة لمحج جدة الذي سيخصص للنسخة الثانية لمعرض محاربة القرصنة. وعبر خيي عن إعجابه بالفنانين محمود لمليجي وأحمد زكي وعمر الشريف لعالميتهم ولقدرتهم على استخدام أساليب تعبيرية إبداعية تتخذ عمقا داخليا بعيدا عن الأداء السطحي، محاولا استعارة تجاربهم في تشخيص الأدوار، من خلال لغة الحركات وقسمات الوجه والنظرات و كذلك باستخدام الصمت المعبر. واعتبر الفنان الذي انتقل مباشرة ليُكرم في مهرجا ن مارتيل السينمائي، أن الممثل في أمريكا يتوفر على كثير من الإمكانات المساعدة لإتقان أدواره، أما محليا فالأمر مختلف، ويحتاج الفنان أن يقوم بنفسه بكل ما يستلزمه الدور السينمائي إذا كان هدفه الإتقان. وأكد أن الجانب الشكلي لأداء الدور جد مهم، لكن ما يرتكز عليه التشخيص هو العمق الداخلي للشخصية الذي ينبغي استجماعه من خلال كل ما يتفاعل في المجتمع من تجارب متعلقة بالموضوع والتي يمكن اعتبارها خزانا أساسيا ينطلق منه الفنان في عملية الإبداع. وبرغم أهمية الحوار والتخاطب بين الممثلين إلا أن بعض المشاهد يمكن أن تؤدى بطريقة فنية تنوب فيها الحركة والصمت عن الكلام. وقد أكد الفنان محمد خيي أن «تشخيص الأدوار يتطلب تحضيرا صارما وصدقا في الأداء لكي يتفاعل المتلقي مع الشخصية في أبعادها المتعددة »، «كانبغي نشخص الدور ماشي نمثلو، باش نأديه بصدق والجمهور يتيق بالشخصية». وباح خيي للحاضرين بأن الفضل في مسيرته يرجع لعباس إبراهيم إذ قال «يرجع الفضل في كثير مما تعلمناه لأستاذنا الكبير عباس إبراهيم رحمه الله الذي تكونا تحت إشرافه، وقد كان يقول لنا «خاص الممثل يكون بركاك»، فهو يحثنا بذلك على قوة الملاحظة الدقيقة لتفاصيل ما يدور حولنا» . ويهتم خيي كثيرا بضبط الممثل لتشابك خيوط العلاقات المرتبطة بالدور الذي يتوخى تأديته ، لكي يعطي لكل بعد من أبعادها أهميته، إذ في الواقع يمتلك الجميع تلقائية في التعامل مع شبكة العلاقات التي تحيط بكل واحد، فيكون التعامل والتفاعل بحسب الموقع وتبعا لخصوصية العلاقة. وحول مسألة النمطية في الأداء يعتقد ذ. خيي أن إعادة تشخيص نفس الأدوار لا يعني بالضرورة السقوط في النمطية، إذ من الممكن تنويع المقاربات لتأدية نفس الأدوار بأشكال مختلفة وبزاوايا نظر متباينة لتفادي السقوط في التكرار الممل للمتلقي. يجد خيي نوعا من «السحر» في كل الأشكال الإبداعية (رسم - شعر- رقص - تشخيص أدوار...)، «لابد من إبداع هذا السحر في أداء أي دور سينمائي، فما يضيفه الفنان هو«التفنن في نقل الواقع»، و «يمكن نمثل سكايري ويلقى فيها المتفرج متعة وجمالية وتفنن». وتحدث الممثل عن تجاربه في بعض أفلامه فقال «إن تشخيص الأدوار يتطلب من الممثل تخزين شخصيات متنوعة من خلال ملاحظاته الدقيقة، وعند الشروع في تأدية الدور تخرج إحدى تلك الشخصيات وأقواها». إن تشخيص دور «مافيوزي» في فيلم «القرصان الأبيض» استدعي تأثيث الدور بكل ما يحيل الناس على مصداقية الشخصية (شكل اللباس ، الألوان ، طريقة الكلام والحركات والنظرات...) شخصية «القايد» في مسلسل «جنان الكرمة» «ملقمة» بحيث أخذت المشية عن أحد قدماء المحاربين في قلعة السراغنة، كان يدخن «الكيف» ويلبس بطريقة خاصة وكانت له مشية متميزة، أما طريقة الكلام لدى «القايد» فهي مأخوذة من الممثل العالمي «مارلون بروندو» في فيلم «العراب». وقد كان للفنان مارلون بروندو تأثيرا عميقا في مسار محمد خيي حيث قال أنه يحرص دائما على رؤية أفلامه خاصة قبل الذهاب لتصوير أعماله. وختم اللقاء، بمحاورة طويلة بين الممثل والحاضرين لمنتدى «فيليا»، وهو منتدى ثقافي، ينظم لقاءات ومنتديات أدبية شهريا، في مجموعة من الفضاءات، بالعاصمة الرباط