مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات التشريعية بفرنسا يومي 10و17 يونيو، بدأ النقاش والتساؤل حول طبيعة البرلمان المقبل ،هل سيكون برلمانا أبيض مثل سابقيه،أم أن التنوع كما يسميه الفرنسيون سوف يدخل الى قصر البوربون؟ والتنوع يعني الأقليات الثقافية والدينية بفرنسا، والتي تتشكل في غالبيتها العظمى من المغاربة والجزائريين، خاصة أن الانتخابات التشريعية السابقة لم تسمح ولو بدخول شخص واحد من أصول مهاجرة الى البرلمان الفرنسي إذا استثنينا جورج بول جوفان التي انتخبت عن باريس لكن أصولها من جزر الأنتيل الفرنسية وليس من افريقيا. رغم تقدم عدد من المرشحين في الانتخابات السابقة ينتمون الى الاقليات الثقافية، منهم 17 مرشحا تقدم باسم الحزب الاشتراكي،15 باسم الاتحاد من أجل حركة شعبية،28 باسم حزب الوسط الموديم و 70 باسم الحزب الشيوعي الفرنسي ، لم يدخل أي منهم الى البرلمان. هذه السنة الجميع يتوقع تكسير هذا التقليد السيء بفرنسا الذي يغيب أبناء المهاجرين عن البرلمان رغم وجود طاقات كثيرة منهم في مختلف الأحزاب ومنهم مناضلون لهم مسار طويل في العمل السياسي، خاصة ان الحكومة الحالية تضم أربعة وزراء من أبناء هذه الاقليات منهم نجاة فالو بلقاسم،يمينة بنغيغي، قادر عريف وفلور بيلغان. فهل يعرف البرلمان نفس التنوع الذي عرفته الحكومة. بعد الجدل الذي عرفته فرنسا مباشرة بعد تعيين الحكومة ،حيث لاحظت كل الصحف والمتتبعين غياب فرنسيين من أصول الهجرة بالدواوين الوزارية التي كانت كلها بيضاء وتم تجاهل هذه الكفاءات رغم الاشارات السياسية التي أعطاها الرئيس الجديد بالاهتمام بهذه الفئات والنساء في التعيينات الجديدة، باستثناء ديوان يمينة بنغيغي الذي يوجد على رأسه مدير من أصل مغربي. في الانتخابات التشريعية الحالية، كل الاحزاب قدمت مرشحين سواء أحزاب اليسار: حوالي 50 مرشحا من أبناء الهجرة ، فيما قدم الحزب الاشتراكي لوحده 25 مرشحا منهم 10 في دوائر انتخابية يمكن أن تسهل دخولهم الى البرلمان .أما حزب اليمين «الاتحاد من أجل حركة شعبية» فقد زكى حوالي 15 ترشيحا، في حين أعلن حزب الوسط «الموديم» لفرنسوا بايرو عن تقديم 10 في المائة من مرشحي التنوع من مجموع الترشيحات التي يدعمها في هذه الانتخابات. لكن من مجموع الترشيحات المقترحة كم منهم لهم حظوظ وبإمكانهم النجاح في هذه الانتخابات ؟ جزء كبير من مرشحي الحزب الاشتراكي من أصول مهاجرة يوجدون بدوائر يمكن الفوز بها، لكن أغلب المرشحين لا ينتمون جغرافيا لنفس الدوائر مما خلق عددا من المشاكل مع مناضلي الفروع المحلية، وتقدم جزء منهم ضد مرشحي الحزب الرسميين مما يقلص حظوظهم في الفوز. وقد حاولنا رصد أهم المرشحين من أصول مغربية ومغاربية بمختلف الدوائر رغم صعوبة هذا العمل ،لأن أغلب الاحزاب ترفض الكشف عن أصول المرشحين وهو إجراء يمنعه القانون الفرنسي وإذا كانت رشيدة داتي عن اليمين ونجاة فالو بلقاسم عن الحزب الاشتراكي لا تتقدمان الى هذه الانتخابات التشريعية لأسباب مختلفة، وكلها يغلب عليها طابع الاقصاء ورفض الاقليات بفرنسا والتعامل معها بتحفظ، فإن ذلك يعكس صعوبة المهمة حتى بالنسبة لهاتين النجمتين في الحياة السياسية الفرنسية. العديد من المرشحين لهذه الانتخابات من أصل مغربي حصلوا على تزكيات أحزابهم، وحظوظهم متوفرة مثل مالكة بنبارك التي تتقدم باسم الحزب الاشتراكي بمنطقة هورن، المرواني بلحاج سالم يتقدم عن منطقة الجيروند باسم النضال العمالي، نور الدين نشيط بمنطقة الواز عن الحزب الرديكالي لليسار. اما مولاي حاميدي فيتقدم بالموزيل بدون انتماء حزبي. كريم لعناية بدائرة لوار عن حزب الخضر، مونير الساطوري عن حزب الخضر بالدائرة التاسعة بالايفلين بالضاحية الباريسية، ورشيدة لمليحي وهي ايضا عن حزب الخضر ،سعيدة مفتاح الخير بمدينة لولفور عن الحزب الراديكالي لليسار، وأيضا خديجة الدكالي عن حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» وهي أيضا من أصول مغربية مثل دانييل الشاوي عن الحزب الاشتراكي وهما يمثلان فرنسيي الخارج. كما تتقدم العديد من الوجوه المغاربية: قادر عريف وهو وزير مكلف بشؤون المحاربين يتقدم باسم الحزب الاشتراكي، سارة بنعمار من أصل تونسي تتقدم باسم الاتحاد من أجل حركة شعبية، الياقوت عيشور عن الخضر ،صابرينا جلال بمدينة رانس وهي من اصل جزائري عن الحزب الاشتراكي ،فريدة بوداوود عن الحزب الاشتراكي أيضا. هذه بعض أسماء المرشحين وأصولهم وهم يمثلون المغاربيين والفرنسيين من أصول مهاجرة. لكن إذا كان أغلب المتتبعين يتكهنون بوصول 10 منهم على الاقل الى البرلمان الفرنسي، فإن هناك من يرى أن ذلك غير ممكن سواء لصعوبة الدوائر وازدياد قوة اليمين المتطرف، أو لأن أحزابهم اقترحتهم بدوائر انتخابية توجد بها خلافات وصراعات داخلية مما يضعف حظوظهم، لكن الدور الأول يوم الاحد المقبل سوف يكون مؤشرا على النسبة التي سوف تتمكن من دخول مجلس النواب الفرنسي.