بامتياز، ومحطة نضالية أبانت عن نضج الطبقة العاملة تحت قيادة ك. د. ش . و. ف. د. ش في التعبير عن سخطها وغضبها من حكومة أخلت بكل الالتزامات اتجاه الملف المطلبي للشغيلة. هذا بلدنا الذي نعيش فيه ونتنفس هواءه، وهذا شعبنا العظيم الذي لم يتأخر أبداً في اللحظات الصعبة لقول كلمة الحق والصواب، في مارس 1955، انتفضت الشغيلة في وجه الاستعمار وربطت مصيرها ونضالاتها بمصير الحركة الوطنية. وسنة 1978، أسست بديلها التاريخي الذي ربط مصيره وكفاحه بالحركة التقدمية الديمقراطية في وجه الاستبداد والتحكم والظلم. إنها دينامية أصيلة ومتجددة لن يستطيع أي أحد استئصالها. مسيرة 27 ماي الحضارية, كانت رسالة لمن يهمه الأمر، وبالدرجة الأولى الحكومة، وكان من المفروض على أول جهاز تنفيذي في ظل الدستور الجديد، التعامل بالحكمة واللياقة الضروريتين مع هذا الحدث، لكن تصريحات رئيس المجلس الحكومي جاءت مخيبة للانتظارات. ليس مضمون التصريح هو المهم، لأنه ببساطة لا يوجد مضمون، لكن شكل الكلام يبعث على الحزن على هذا البلد، لو لم تكن ضرورة الآليات الديمقراطية محتاجة لأحزاب وقوانين ونخب سياسية، لبحثنا عن أفضل من يجيد فن «»القوافي»« و» »التقشاب»« و «»الهضور»« من الحلايقية ليقود الحكومة، لأن دوره لن يتجاوز التنكيت والترفيه على المواطنين، بدلا من تكسير الدماغ للبحث عن الحلول للمعضلات الاجتماعية والاقتصادية للوطن. ولطالما بحثت للرجل عن أعذار، من قبيل حداثة عهده بالتدبير، ومن قبيل قلة تجربة محيطه من المستشارين المقربين أو من قبيل جهله بالواقع الذي لا تحجبه عيون الغربال، لأنه وحزبه ببساطة لا تربطه أية صلة بتاريخ الحركة السياسية الوطنية، لكونه منتوج لفكر مستورد يروج له بنجاح قائده القرضاوي عبر أكبر مكتب للدعاية المجانية قناة الجزيرة. ولأن الفقيه الذي نكن له كامل التقدير والاحترام، قد يصل الى تقبيل يده في التقليد المغربي الأصيل، للدور الذي يلعبه في المسيد وفي الحومة وفي الدوار وفي القبيلة، دون أن يحشر أنفه في الشؤون السياسية، يكون سيداً أسمى فوق منبر الخطابة، يقول ما يراه مناسباً أمام معشر المصلين، وحتى وإن أخطأ في التقدير، فلا أحد ينبس ببنت شفة تجنباً للغو وتجنباً لإبطال أجر الصلاة، لذلك، قد يكون قد اختلطت على رئيس الحكومة أمور عديدة، لعله يتكلم تعقيباً وإبداء لرأيه حول الأحداث، وكأنه واقف على منبر الخطيب، متأكداً أن لا أحد سيرد على كلامه، هذا الخلط في الوظائف سيجني على صاحبنا العديد من المشاكل إن لم يتدارك سريعاً حقيقة مكانته ودوره في التعامل بحكمة وجدية وواقعية مع الأحداث، لأن لصبر الطبقة العاملة حدود.