أصبحت الجرائم البيئية هواية لصيقة بالفاعلين المحليين بمدينة الصويرة،من جريمة إلى جريمة نتابع مآسي بيئية تأتي في كل مرة على جانب استثنائي من الموروث الايكولوجي لموكادور التي تصارع إرادات ابعد ما تكون عن خدمة اهداف التنمية المجالية المندمجة. بعد جريمة الاجهاز على المجال الغابوي والغطاء النباتي المحيط بمدينة الصويرة بداية القرن العشرين بفعل القطع غير المرخص والرعي الجائر, الشيء الذي جعل الصويرة تحت رحمة التصحر وتراكم الاتربة التي دفنت جزءا مهما من المدينة وجعلتها شبه مقطوعة عن باقي المملكة في اتجاه مدينة أسفي، وبعد جريمة اجتثاث الكثبان الرملية التي تختزن تنوعا ايكولوجيا متفردا خضوعا لسطوة الاسمنت والأجور وضربا لقرابة قرن من المجهودات المبذولة من طرف مهندسي وموظفي المياه والغابات الذين تمكنوا من تثبيت حزام أمني طبيعي مشكل من الكثبان الرملية التي تطلب استقرارها اللجوء إلى تقنية التعريش ذات الكلفة البشرية والمالية الباهظة على مدار القرن الفائت، اليوم، وعلى مصب واد القصب المصنف منطقة رطبة ذات اهمية ايكولوجية بالنسبة للطيور خولتها دخول موقع رامسار سنة 2005 ، نشهد فظاعات ايكولوجية حولت المنطقة إلى مصب للواد الحار ومقبرة لنفايات أوراش البناء, مما يستدعي حالة من التعبئة على اكثر من مستوى من اجل تحديد المسؤوليات. شكايات المواطنين مغاربة وأجانب تفضح وجها خطيرا من اوجه اختلالات الحكامة في مستواها البيئي والإداري والمحلي، كما وقفت الاتحاد الاشتراكي على خطورة الوضع اثر زيارة ميدانية للمواقع المنكوبة. " هنالك مياه ملوثة قادمة من الغزوة تصب في واد القصب الذي يستحم فيه الاطفال والشباب لساعات طويلة ويضمن استمرارية تنوع ايكولوجي خاص، ناهيك عن العائلات التي ترتبط بعض انشطتها ذات الطابع الفلاحي بمياه الواد " يستنكر احد المقيمين الاجانب. من اين تأتي المياه الملوثة ؟ على مستوى المصالح البلدية، الموقف واضح يحيل على التقارير التي تم انجازها قبل سنتين من الآن ، والتي تحمل المشروع السكني الصويرةالجديدة غير المربوط بالشبكة العمومية للتطهير السائل مسؤولية تلويث مصب الواد اثر عملية تنفيس الحفرتين الصحيتين اللتين تؤمنان تدبير المياه العادمة. " هذا مشكل يعود إلى سنتين قبل الآن، اعددنا تقارير في هذا الشأن، والتزمت شركة الشعبي للإسكان بوقف تدفق المياه الملوثة نحو الواد في مقابل انجاز اشغال محطة التطهير السائل على مستوى منطقة الغزوة لحل هذا الإشكال نهائيا ، للأسف نعيش من جديد نفس الإشكال " صرح لنا مسؤول في بلدية الصويرة. اتصلنا بشركة الشعبي للإسكان التي نفت أن تكون لها اية علاقة بالمياه الملوثة موضوع المشكل، مؤكدة بأن خدمة التطهير السائل تتم بشكل طبيعي بالصويرةالجديدة عبر آلية الحفر الصحية التي يتم تدبيرها وتنفيسها تحت مراقبة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب. كما أكد احد مسؤولي الفاعل العقاري بأن شركة الشعبي للإسكان قد استجابت لدعوتين للاجتماع بادر إليهما قائد منطقة الغزوة، آخرهما يوم 14 ماي 2012 ، غير أن الاجتماعين أجلا بسبب غياب بعض أعضاء اللجنة. في المقابل أكدت شركة الشعبي للإسكان بأنها قد باشرت فعليا أشغال انجاز محطة التطهير السائل لأجل حل هذا المشكل نهائيا. معلومة أكدتها السلطات المحلية بمنطقة الغزوة, حيث أوضحت بأن أشغال الحفر قد تجاوزت كيلومترا، كما أكدت في المقابل بأن لجنة مشتركة بين كل المتدخلين ستنتقل إلى مصب واد القصب بحر الأسبوع المقبل قصد تحديد أسباب المشكل وتحديد المسؤوليات ممتنعة في المقابل عن اعطاء اي تفسير لهذا الاشكال البيئي. وماذا عن نفايات اوراش البناء؟ داخل المجال الغابوي الرابط بين الصويرة والغزوة، وعلى طول شريط مصب واد القصب، مشاهد لمئات الاطنان من نفايات أوراش البناء التي تتم مراكمتها بشكل فظيع يهدد التنوع الايكولوجي للمنطقة ويشوه جماليتها. السلطات المحلية اكدت المشكل, موضحة بأن هذه الممارسة تتم بشكل شبه يومي، وخصوصا بالليل من طرف ارباب الشاحنات الذين يفضلون القاء نفاياتهم عند المصب بسبب عامل القرب، علما أن هنالك مطرحا مجهزا وفق الشروط المطلوبة بمنطقة دوار العرب. كما اكدت بأن مجهوداتها تبقى إلى حدود اللحظة قاصرة عن القضاء على هذا الممارسة وهو ما يتطلب تعبئة امكانات بشرية لوجستية مهمة ليلا ونهارا. على الطريق بين الصويرة والغزوة، نقرأ لافتة تدعو المواطنين إلى الامتناع عن القاء نفايات اوراش البناء في الغابة، وبالقرب من اللافتة اطنان من النفايات . هذه الآلية التحسيسية ء فشلت في ردع المعتدين على المحيط البيئي. السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو ماذا سيتبقى من مدينة الصويرة بعد عشرين سنة اذا استمر هذا التدمير الممنهج والمتسارع لتراثها ؟ بما في ذلك التراث المعماري الذي يعرف حالة من التراجع والتآكل أهم العوامل المتدخلة فيه بشرية.