كما كان متوقعا، كان لدفاتر تحملات مصطفى الخلفي وزير الاتصال تداعيات كبيرة. إذ بعد أن تم التصدي لمحتوى هذه الدفاتر، سواء من المؤسسة التشريعية معارضة وأغلبية، وحتى من داخل الحكومة نفسها، ها هي هذه الدفاتر تطيح أيضاً برأس أحمد غزالي رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، بعد أن وجهت اتهامات إلى هذه الهيئة التي أجازت دفاتر التحملات الخاصة بالاعلام السمعي البصري العمومي في ظرف 48 ساعة، ليأتي محله في إطار تفعيل الدستور الجديد. أمينة لمريني الوهابي كرئيسة للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري وجمال الدين الناجي مديراً عاماً، في حين قررت الحكومة في مجلسها يوم الخميس الماضي، تمديد العمل بدفاتر التحملات القديمة الخاصة بشركتي القطب العمومي السمعي البصري إلى غاية نشر الدفاتر الجديدة في الجريدة الرسمية، وذلك بعد إدخال التعديلات اللازمة، وهو ما يناقض كلام وزير الاتصال الذي سبق أن هدد بتقديم استقالته في حالة عدم تطبيق هذه الدفاتر، قبل أن يتراجع عن هذا التهديد أمام نواب الأمة في لجنة التعليم والثقافة والاتصال. كما يناقض أيضاً القرار الذي اقترحه نبيل بنعبد الله وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، بصفته رئيساً للجنة التي أقرها المجلس الحكومي، بعدما صرح الخلفي في أجوبته عن تدخلات البرلمانيين، حينما صرح قائلا: إن القانون واضح في هذا المجال. فبمجرد التأشير على دفاتر التحملات من قبل »الهاكا« تصبح مصادقا عليها وتعرف طريقها للتنفيذ. وأضاف «حتى ولو أن الحكومة عملت على مراجعة هذه الدفاتر، وإن لم تقبلها الهاكا، يقول الخلفي، فلن تتضمن التعديلات في هذه الدفاتر، وهو ما يناقض قرارات الحكومة المتخذة يوم الخميس الماضي، كما سبق للخلفي، وفي تصريح لجريدتنا، أن نفى ألا يتم إعمال بنود دفاتر التحملات، إلا في شهر شتنبر 2012، في رد على ما نشرته بعض الجرائد الوطنية، قبل أن نفاجأ بتطبيق بعض بنودها في فاتح ماي 2012. وكان الفريق الاشتراكي بمجلس النواب قد انتقد المنهجية المتبعة من طرف وزارة الاتصال في تمرير دفاتر التحملات والتي تشكل سابقة غير مستحبة من الحكومة عبر الوزارة، في بسط سيطرتها على الاعلام السمعي البصري العمومي، والتي كانت مصحوبة بتصريحات موازية من طرف وزراء في الحكومة ينتمون إلى العدالة والتنمية في اتجاه إرهاب العاملين في القطاع، وتهديد نواب العدالة والتنمية باللجوء إلى الشارع«.وتأكيد بنكيران أن الربيع العربي »مازال يدور« .وسجل الفريق الاشتراكي الأمر الواقع الذي حاول الخلفي فرضه، بعدم إشراك الحكومة والبرلمان، مما أربك طرق التسيير الادارية والتقنية، التي كشفت أن العامل السياسي والايديولوجي الذي لا يعي طرق اشتغال المؤسسات الاعلامية. هو المتحكم.إذ سجل ملاحظون أن وزراء العدالة والتنمية ملزمون بتطبيق رؤية منظمتهم الإصلاح والتوحيد. وكان الفريق الاشتراكي شدد على أن »الهاكا« لو قامت بعملها، لتم تجنيب البلاد هذا التوتر. كما طالب بإعادة تأطير النقاش بخصوص قطاع الاعلام العمومي والابتعاد عن الاختزالية، مشيراً إلى المبادىء الأساسية التي يجب أن ينبني عليها القطاع لتطوير المرفق العمومي، وهي المهنية، الحياد، الموضوعية، التنافسية، ثقافة المرفق العام، الحرية والحكامة والتدبير المالي والبشري، حتى يكون الاعلام آلية لترسيخ المشروع المجتمعي المشترك. في نفس الإطار، أثارت العديد من المصادر مآل ما تم تنفيذه من بنود دفاتر التحملات بالإعلام السمعي البصري في فاتح ماي 2012، وطالبت بإيقاف هذه البنود، على اعتبار القرار المتخذ من طرف المجلس الحكومي الأخير الذي قرر تمديد العمل بدفاتر التحملات القديمة، إلى غاية نشر الدفاتر الجديدة في الجريدة الرسمية. فهل سيتم توقيف هذه البنود؟ سؤال ننتظر الإجابة عنه على أرض الواقع في القريب العاجل، كما يفرض ذلك المنطق.