عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة إصلاحات هيكلية كان الهدف منها أساسا وضع إطار ماكرو اقتصادي متوازن يسمح بخلق جو سليم لمزيد من الفعالية للسياسات القطاعية ولخلق جو من الثقة لدى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. لقد عملت الدولة خلال هذه الفترة على اعتماد سياسة مالية قوامها الحد من عجز الميزانية وتقليص المديونية وعلى سياسة نقدية تستند على محاربة التضخم. ولقد استفاد المغرب مند 1996 إلى حدود سنة 2008 من سياق دولي مشجع تميز بتصاعد وثيرة النمو على الصعيد العالمي، مما جعل الاقتصاد الوطني في وضعية مريحة سهلت مأمورية الدولة في إنجاح الإصلاح الهيكلي. لكن هذا يطرح السؤال التالي: من استفاد المغرب من ارتفاع وثيرة النمو؟ ومن أدى فاتورة الإصلاح الهيكلي؟ من المؤكد أن فئة قليلة جدا هي التي استفادت من ثمرات النمو ومن المؤكد أيضا أن الفئات الفقيرة والمتوسطة هي التي أدت فاتورة الإصلاح. وفي ظل هذا السياق، فإن الفريق الفدرالي للوحدة والديمقراطية طرح إشكالية سياسة توزيع الثروة وفوائد النمو من جديد. فمن غير المعقول أن تؤدي الفئات الفقيرة والمتوسطة من جديد فاتورة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي بدأت منذ 2008 ولا زالت مستمرة بشكل تصاعدي. أولا: سياسة التوزيع العادل للثروة في قلب اهتمامات الفريق الفدرالي: حان الوقت اليوم لفتح نقاش وطني مسؤول حول سياسة توزيع الثروة الوطنية للاعتبارات التالية: - اقتصاديا: لقد وصل المغرب إلى درجة تسمح من خلالها إعادة توزيع الثروة من الرفع من وثيرة النمو. فالأمر لا يتعلق فقط بتوزيع الثروة الموجودة بل يتعداه إلى كون التوزيع الجديد سيكون في صالح كل الفئات الاجتماعية - اجتماعيا، تنامي الفوارق الاجتماعية بشكل أصبح يهدد تلاحم المجتمع: مظاهر الانحراف والتهميش واختلالات المجال ... - مؤسساتيا: ارتفاع حدة النقاش حول مصير أنظمة التقاعد ونظام الحكامة ونظام الحماية الاجتماعية فالاختلالات التي تعيشها هذه الأنظمة هي جزء من اختلال عام يخص سياسة التوزيع ثانيا: من أجل ضريبة تضامنية على الثروة يستقي النقاش حول خلق ضريبة تضامنية على الثروة مشروعيته من اعتبارات متعددة أهمها: 1/ إعادة الاعتبار خلال العشر سنوات الأخيرة إلى مفهوم وقيمة التضامن في المجتمع المغربي (خلق مجموعة من المؤسسات التي تعنى بالتضامن على رأسها مؤسسة محمد السادس للتضامن) 2/ ينص الدستور المغربي في فصله التاسع والثلاثين (39) « على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور» وينص الفصل الأربعين (40) على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد.» وعليه فإن قيمة التضامن هي من صميم روح الدستور المغربي وتجد تأصيلها فيه 3/ وجود هذا النوع من الضريبة في تقاليد العلاقة بين «المخزن» والمغاربة . فقد كان مثلا المغاربة خلال القرن التاسع عشر يؤدون ضريبة حسب عدد النوافذ التي تتوفر عليها المنازل. فمبدأ التضامن يجد جذوره في مرحلة ما قبل الاستعمار لكن النظام الضريبي الذي تم وضعه خلال فترة الحماية وبعدها قد ألغى هذا المبدأ. * ما هي الضريبة التضامنية على الثروة؟ الضريبة التضامنية على الثروة هي ضريبة تصاعدية (Impôt progressif) يؤديها الأشخاص على ثرواتهم الشخصية ابتداء من قيمة معينة للثروة. ولذلك يتقدم الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية باقتراح التعديل التالي: