استطاع الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين تمرير تعديل يتعلق بإقرار ضريبة على الثروة داخل لجنة المالية. إن المنطلقات التي حكمت الدفع بهذا التعديل تأتي في إطار التفعيل الديمقراطي للدستور والحراك السياسي والاجتماعي الذي تعرفه بلادنا والذي أنتج نقاشات حول الإصلاحات بكافة أبعادها السياسية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية، وأثمر رفع مجموعة من الشعارات من طرف الحكومة ارتكزت أساسا على محاربة الفساد والتقليص من الفوارق الصارخة وإقرار العدالة الاجتماعية،تعد عملية إصلاح الضرائب في شموليتها إحدى المتطلبات التي يستلزمها تدبير الشأن العام من أجل حكامة اقتصادية جيدة وتوازن اجتماعي عادل واستقرار سياسي ديناميكي لبلادنا. نعتقد أن الشروط الذاتية والموضوعية تستدعي وضع إصلاح المنظومة العامة للضرائب حتى تصبح في صلب النقاشات الجارية من أجل معالجة الاختلالات الحالية وإقرار نظام جديد يمكن من تعبئة السياسة الجبائية في إطار التوزيع العادل للثروة الوطنية. ولعل مبدأ الإنصاف يفترض إقرار ضريبة تضامنية يجب أن تكون إحدى مكونات النظام الضريبي الجديد. ولذلك فإن هذا المطلب لازال ضروريا وملحا أكثر من أي وقت مضى لكن وفق مقاربة تندرج في إطار شمولي تتطلب إرادة سياسية قوية من أجل محاربة الريع والاحتكار والرشوة واستغلال النفوذ والعمل على فرض احترام الالتزامات الضريبية والاجتماعية واتخاذ تدابير إجرائية لإدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية النظامية العادية. ولذلك يجب الشروع في وضع نظام لإعادة التوزيع في كليته، وذلك قصد الاستجابة لمتطلبات التضامن في كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية بغية تقليص الفوارق وإقرار العدالة المتوخاة. أما بخصوص الدفوعات التي تقدمت بها الحكومة للالتفاف على هذا التعديل الهام والمتعلقة في حالة تطبيقه بضعف المردودية الاقتصادية والاجتماعية ومخاطر تهريب الأموال إلى الخارج والتأثيرات التي ستعرفها تحويلات المغاربة بالخارج وتداعيات ذلك على الذمة المالية لرجال الأعمال فضلا عن الصعوبات الإجرائية في مجال التطبيق. فقد أبانت التجربة الأوربية أن العديد من الدول قامت بإقرار مقاربات للمساهمة التضامنية، دون أية تأثيرات جانبية فالعديد من الدول أبدعت أساليب جديدة لدفع الأغنياء إلى المساهمة منها مثلا: { الرفع من الضريبة على الدخل المرتفع بنسب استثنائية (3./. في ألمانيا)؛ { الاقتطاع من مداخيل فوائد الادخار (10./. في اللوكسمبورغ)؛ { الرفع من نسب الضرائب المطبقة على الفائض غير المنقول (حالة الدنمارك) { تطبيق ضريبة على الأملاك العقارية (فلندا)؛ { الاقتطاع من المنبع من أرباح صناديق الاستثمار (15./. في بلجيكا)؛ إذن ففي المغرب، يجب البدء بتطبيق ضريبة تضامنية ستساهم في التخفيف من أعباء صندوق المقاصة وبالتالي التشجيع على قيم التضامن والتآزر بين فئات المجتمع والانخراط في المجهود الجماعي للبناء الديمقراطي والتنموي للبلاد. وأعتقد أن تطبيق هذه الآلية سيكون بمثابة تجربة لتطوير هذه الآلية أو البحث عن بديل لها. لكن الأساسي أن تساهم فئة الميسورين ولو جزئيا في امتصاص الخصاصات الاجتماعية المتراكمة وإقرار مبادئ الإنصاف والعدالة. فهل ستمتلك الحكومة الشجاعة السياسية اللازمة لتجسيد شعاراتها على أرض الواقع أم ستلجأ إلى تعبئة مجموعة من المستشارين لفرملة هذا التعديل الهام والحيوي؟