انطلقت الأيام الكاميرونية بالمغرب على إيقاع يعد من جهة بانخراط كلا البلدين في مسلسل التغلب على مختلف الجوانب التي تعرقل الرقي بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى نفس المستوى الذي بلغته العلاقات السياسية والدبلوماسية، ويؤمن من جهة ثانية للفاعلين الاقتصاديين المساهمة الجادة في نسج علاقات متينة تساهم في الرفع من حجم الاستثمارات وفي تبادل الخبرات وإقامة علاقات شراكة تعود بالنفع على الجميع. فصباح يوم الأربعاء أشرف كل وزير التجارة الكامروني ليك ماغلوار مبارغا أتانغانا ووزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة المغربي عبد القادر عمارة على افتتاح الأيام الكامرونية بالمغرب التي تنظمها وزارة الصناعة الكامرونية ما بين 2 و 6 ماي الجاري بفندق روايال المنصور بالدارالبيضاء، ورغم أن الجلسة العلنية، التي تمت بحضور عناصر وازنة من الفاعلين الاقتصاديين ومن ممثلي الإدارات والمؤسسات العمومية في كلا البلدين، كانت بمثابة جرد لأهم مميزات العلاقات الثنائية بما في ذلك أولا تنامي حجم المبادلات والاستثمارات الثنائية والفرص المتاحة ومكانة كل من البلدين في محيطه الجغرافي وفي مؤهلاته لتوسيع مجال التعاون بين دول القارة الإفريقية، وثانيا تقوية ديناميكية العلاقات عبر تبادل زيارات المسؤولين وتوسيع الشراكة في عدة قطاعات، فإن الشروحات المطولة التي استمع إليها عمارة أثناء قيامه بجولة عبر الأروقة لم تحل دون عقد جلسة مغلقة تداول خلالها الوزيران، قضايا متعددة، وهو ما تم تفسيره باستعداد الطرفين لتدليل الصعاب.. الصعاب المطروحة بين البلدين متعددة منها ما هو مرتبط بتبسيط مساطر تنقل الأشخاص وكلفة الفيزا والسفر، ومنها ما هو مرتبط بالمناخ الاقتصادي سواء تعلق الأمر بمستوى الرسوم الجمركية المرتفع أو بعدم التوفر على خط بحري مباشر. كل ما راج بين الوزيرين عززته معطيات جديدة من أبرزها اللقاء الذي جمع الوفد الكامروني المكون من 31 شخصا بأعضاء الجمعية المغربية للتصدير، ثم الإعلان عن تنظيم «مغرب التصدير» لقافلة جديدة إلى العاصمة الاقتصادية الكامرونية دوالا في غضون شهر يونيو المقبل حيث يرتقب أن تتم بمشاركة وفد هام من رجال الأعمال المغاربة، أما اللقاءات الثنائية بين الفاعلين الاقتصاديين التي انطلقت بكثافة صباح أمس، فمن غير المستبعد أن تمهد لنسج علاقات شراكة وتعاون في مختلف الميادين الاقتصادية والتجارية والخدماتية، فبعد أن أعلن عمارة بأن على الطرفين القيام بقفزة نوعية لإخراج القانون التجاري، الذي يوجد قيد الدرس، إلى حيز الوجود، فإن الوزير الكامروني مبارغا أتانغانا دعا إلى المزيد من الاستثمارات المغربية في الكامرون واستغلال الفرص التي يتيحها بما في ذلك المؤهلات الذاتية كوفرة الموز والخشب والحاجة الماسة إلى إنجاز البنيات التحتية ومشاريع السكن وغيرها من المشاريع الخدماتية، فضلا عن المؤهلات الجيواقتصادية التي تجعل من الكامرون بلدا له مكانة متميزة في سوق إفريقيا الوسطى المكونة من حوالي 110 ملايين نسمة وفي سوق فضائه الاقتصادي الذي يشمل حوالي 280 مليون نسمة أي ما يقترب من حجم السوق الاستهلاكية الأمريكية واستنادا إلى ما راج في حفل الافتتاح فإن حجم المبادلات الثنائية في ارتفاع مستمر ولكنه مستقر في مستوى متواضع، مقارنة مع نوعية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، فما بين 2008 و 2011 ارتفع من حوالي 200 مليون إلى حوالي 384 مليون درهم، ولكن كل المؤهلات متوفرة لتدارك الموقف ولجعل كل من المغرب والكامرون يلعب دورا رياديا في نسج علاقات نموذجية بين دول إفريقيا الشمالية ودول جنوب الصحراء. وكان إجمالي حجم المبادلات التجارية بين المغرب والكاميرون قد بلغ 98ر47 مليون دولار سنة 2011 مقابل 17 مليون سنة 2006 . وترتكز أهم واردات المغرب على الأخشاب والقطن والموز والقهوة والكاكاو. فيما ترتكز صادراته على الورق والورق المقوى والأجهزة الكهربائية والأسمدة والأحذية والألبسة والمنتجات الغذائية والمواد البلاستيكية. وبالنسبة للاستثمار المغربي بالكاميرون فإنه اتخذ منحا تصاعديا إذ ارتفع من 7 ملايين دولار سنة 2007 إلى 73 مليون دولار سنة 2011 . وتمتاز هذه الاستثمارات بتنوعها ومكانتها في تحسين مستوى العيش بالكامرون إذ شملت قطاعي المياه والخدمات المالية. وتؤمن الخطوط الملكية المغربية ربط الدارالبيضاء بكل من العاصمة الإدارية ياوندي والعاصمة الاقتصادية دوالا برحلات يومية. ويرتبط البلدان بثماني اتفاقيات تعاون وتخضع العلاقات التجارية الثنائية لمقتضيات الاتفاقية التي وقعت بمراكش في 15 أبريل 1987 .