تميز فاتح ماي هذه السنة بفرنسا بتأثير الكبير للحملة الانتخابية الرئاسية في دورها الثاني على النقاشات النقابية. فأغلب الشعارات النقابية كانت تطالب برحيل الرئيس المرشح نيكولا ساركوزي بل لأول مرة يخرج الأمين العام بيرنار تيبو زعيم أكبر نقابة فرنسية «س ج تي» عن حياده ليطالب بالتصويت على الاشتراكي فرنسوا هولند، والمطالبة برحيل الرئيس الحالي للجمهورية، نظرا لسلبية حصيلته في المجال الاجتماعي وتدهور وضع العمال حسب نفس النقابي ،وهو موقف عبرت عنه كل التظاهرات النقابية التي شهدتها باريس التي كانت كل شعاراتها موجهة ضد الرئيس السابق لفرنسا. هذا الموقف جعل اليمين ينتقد بشدة هذا الانحياز الواضح والتدخل في الانتخابات الرئاسية، حيث حافظت النقابات الفرنسية منذ سنة 1988 على حيادها في الانتخابات الرئاسية بعد أن كانت نقابة «السي جي تي» في السابق مرتبطة بالحزب الشيوعي الفرنسي. هذا الموقف جعل مرشح اليمين نيكولا ساركوزي يعقد تجمعا كبيرا بباريس بساحة التروكاديرو يوم فاتح ماي للحديث عن « فرنسا التي تعمل «، وهو إيحاء عن وجود فرنسا أخرى لا تعمل وتستفيد، وهو ما جعل الرئيس المرشح يكون في مواجهة مع عالم العمال والنقابات . فاتح ماي لم يكن يوم حظ بالنسبة للرئيس المرشح ،فمارين لوبين زعيمة اليمين الفاشي والتي كانت في تجمع آخر في باريس بساحة الأوبرا، اعتبرت أن ساركوزي مثله مثل اليسار وبالتالي لم تناد بالتصويت عليه رغم أن ساركوزي تحول في الايام الاخيرة الى ناطق رسمي بأفكارها حول الهجرة ،الإسلام ،الحدود والأمن من أجل الحصول على أصوات ناخبيها. أما المرشح الاشتراكي فرنسوا هولند، فقد اختار يوم فاتح ماي أن يترك الساحة للنقابات وسافر الى مدينة نافير من أجل وقفة إجلال للوزير الاول لفرنسوا ميتران بيير بيرغوفروا والذي مات منتحرا، وتميز بمساره المتميز من مجرد عامل الى رئيس للوزراء. لكن كل الانظار في هذه الحملة الانتخابية التي مازالت كل استطلاعاتها الرأي تقدم فرانسوا هولندا فائزا في هذه الانتخابات، توجهت مساء يوم الاربعاء الى المواجهة التلفزية بين المرشحين والتي يعول عليها كثيرا نيكولا ساركوزي من أجل تجاوز تأخره في استطلاعات الرأي، وهي مواجهة بكل تأكيد ستكون بين مرشحين لكن بين تصورين مختلفين في كل شيء، سواء في التصور الى فرنسا أو التصور الى أوربا او التصور الى العالم. وبكل تأكيد فساركوزي سوف ينزل بكل ثقله في هذا المواجهة التلفزية حول الهجرة والاسلام باعتبارهما الخطر الذي يهدد فرنسا ومستقبلها، في حين سيعمل فرنسوا هولند للدفاع عن فرنسا أكثر إنسانية ،فرنسا تنظر الى المستقبل ولا تخاف من العالم ،فأي تصور وأي فرنسا سوف تنتصر في هذه الانتخابات هل فرنسا الخائفة والمحافظة ،فرنسا فيشي والكراهية أم فرنسا القوية والمنفتحة، فرنسا الانوار والتآخي الإنساني؟ يوسف لهلالي