لم تصنع نزهة بيدوان لنفسها برجا عاجيا بالرغم من لقبها الأولمبي وألقابها العالمية الأخرى، بل بقيت ملتصقة بتربتها، ببساطتها، بحبها للناس.«نزهة بيدوان » زوجة البطل عبد العزيز صاهير، وأم محمد ياسين، وياسر. بفضل مسؤوليتها، وتقديرها للحياة الزوجية تعيش حياة زوجية ناجحة، زادها سعادة، اجتماعها هي وزوجها على الإنخراط كبطلين في مجموعة من الأعمال الخيرية، والإجتماعية بمختلف مناطق المغرب، من سكورة بوارزازات إلى آيت امحمد بأزيلال إلى شفشاون. عن تكريمها من طرف الملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس، عن نجاحها في حياتها الزوجية، عن علاقتها بزوجها، عن ذكرياتها، فتحت لنا بيدوان قلبها، وتحدثت بتلقائية عن مايعتبره البعض حميميا، لأنها وبكل بساطة تعتبر نفسها بنت الشعب، وليس لديها ماتخفيه عن هذا الشعب الذي أحبها والذي تبادله نفس الحب. قمت بكل شيء يرفع راية الوطن. من خلال الرجوع إلى مساري الرياضي، فقد قمت بكل شيء يرفع راية وطني، الذي أحمله في قلبي لأن كل أبناء وطني حملوني في قلوبهم وعلى أكتفاهم، وطني رفع إسمي، لأنه المنشأ، إنه من شكلني من احتضنني وهو من جعلني أتربع المكانة التي أحتلها الآن. أنا مقتنعة بهذا المسار. مساري الرياضي جعلني أصنف ضمن المائة الأوائل الذي فازوا ببطولة العالم وذلك حسب التصنيف الذي أنجزته مجلة «التايمز» منذ سنتين. مساري فيه العديد من الآلقاب التي تبقى حلم كل عداء وكل رياضي. فأنا الفائزة بميداليا ت أولمبيية، وعالمية ، وعربية، كما أنني فائزة برقم قياسي إفريقي والذي يرتب ضمن أحسن الأرقام القياسية في مسافة 400 حواجز. ولما أعلنت إعتزالي، فإن ذلك جاء بعد العديد من التتويجات على الصعيد المغربي، العالمي والقاري، العربي الفرنكفوني، وألعاب البحر الأبيض المتوسط. الممارسة الرياضية متجذرة في العائلة الرياضة لم تكن إختيارا، بل هي متجذرة في العائلة، فالوالد رحمه الله كان ملاكما، و أخوايا عبد الرحيم ومصطفى رحمهما الله، أيضا، كانا رياضيين (كرة السلة والقفز الطولي) وإذا كانا قد بقيا في مجال الرياضة المدرسية والوطنية، فإن ممارستي للرياضية رفعتني إلى العالمية. في البداية اختارت لي والدتي الجمباز كرياضة بدار الشباب، لكن ألعاب القوى كانت اختياري. نادي الأولمبيك المغربي وبداية اللقاء مع زوجي صاهير. أنا وزجي عزيز صاهير ننتمي إلى نفس الفريق(الأولمبيك المغربي)، حيث كنا نمارس نفس الرياضة مع اختلاف في التخصص. وهذا ما ساعد على التقارب. وكانت بداية علاقتنا بمعهد مولاي رشيد خلال معسكر تدريبي، حيث كان عزيز ضمن المنتخب الذي كان يشرف عليه سعيد اعويطة، في حين، كنت أنا ضمن الفريق الوطني للشبان، وكان ذلك سن 1988 . زواجي بعزيز كان سنة 1992، ولم أكن حينها بطلة، وهذا يعني أن علاقتنا لم تكن تتحكم فيها النجومية، أو الشهرة، بل تتحكم فيها العلاقة المبنية على علاقة إنسانية سامية فيها الكثير من الإحترام لبعضنا البعض. بداية علاقتنا، رسمت لباقي حياتنا مسارا جميلا، مسارا فيه التكامل، الإحترام الحب الصادق، الذي يقدر الشخص لذاته، وليس لما هو عليه من مكانة داخل المجتمع، والحمد لله أننا كنا من أبناء الشعب البسطاء. ممارستنا لنفس الرياضة جعلت زواجنا ناجحا. إن كوني وزوجي نمارس نفس الرياضة مع اختلاف في التخصص، جعل حياتنا الزوجية ناجحة بكل المقاييس. نحن الإثنين، وبحكم انتمائنا للفريق الوطني، كنا نعرف مامعنى المعسكرات التدريبية، وما معنى تهييىءالظروف للحضور القوي خلال الملتقيات الدولية خاصة، وأننا لم نكن متواجدين في نفس التظاهرات، والملتقيات دائما. إن زواجنا كرياضيين في بداية الطريق ولهما طموحات، جعلنا نؤجل الإنجاب إلى سنة 2002 ،أي بعد مرور عشر سنوات عن زواجنا، وهذا مر من دون أن تكون هناك أية نقاشات حول الإنجاب، والتسرع فيه، لأن صاهير عزيز الزوج رياضي محترف، يقدر زوجة رياضية، محترفة، ويقدر أنه ليس صعبا التضحية ببعض الوقت، لأنه كان يعرف بأن الحياة مستمرة بعد نهاية المشوار الرياضي والذي ليس طويلا في كل الحالات. تخطيطنا كرياضيين لحياتنا الزوجية بتبصر، وواقعية، جعلنا نهتم كثيرا بتحضيراتنا للملتقيات الدولية، وكم كانت كثيرة تنوعت بين التهيىء لبطولة العالم، والألعاب الأولمبية، وكان كل واحد منا يتفهم طموح الآخر. هذا التفاهم في الحياة الزوجية، مكننا من التفوق في مسارنا الرياضي بشكل كبير، فعزيز حقق الكثير من الألقاب والإنجازات، وأنا كان لي أكثر من موعد لتحقيق بطولة العالم، والفوز بميدالية في الألعاب الأولمبية إضافة إلى العديد من الألقاب القارية والعربية. نعم بكل صدق إن نجاحنا في حياتنا الزوجية، هو ماجعلنا نهدي لوطننا العديد من الألقاب، وهو ماجعل نشيدنا الوطني ينشد في أكبر محافل ألعاب القوى. حملت القميص الوطني عشرين سنة لذلك أربي أبنائي على المواطنة ونحن في مسارنا الرياضي، وبداية التألق، أنجبنا محمد ياسين الذي شرفنا صاحب الجلالة الملك محمد السادس بتسميته. وهنا دخلت حياتنا تجربة أخرى كانت لها نكهة أخرى، وكان فيه عزيز نعم الأب، ونعم الزوج، إنه الأب الحنون، الصادق، الأب الذي تحمل الكثير، وساعدني كثيرا في تربيته، لأن حياتي الرياضية كانت في بدايتها وبعد خمس سنوات سنرزق بإبننا الثاني ياسر في سنة 2007 . وهنا لابد من القول بأن تربيتنا لأبنائنا تختلف عما كانت عليه تربيتنا من طرف آبائنا. نحن نخاف كثيرا على أبنائنا، نحن نوجه أبناءنا نحو الرياضة، نحو الموسيقى، نحو الدراسة والمسرح. في حين كانت تربيتنا تعتمد على ما نقرره نحن داخل دور الشباب والمؤسسات التعليمية وما يكتشفه المربون بدواخلنا من مواهب. بالنسبة لكل من محمد يا سين وياسر، فإنهما يمارسان كرة القدم بإحدى المدارس الرياضية، كما يمارسان رياضة الدراجة، ومن حين لآخر يجريان إلى جانبي. أنا وعزيز نشجع ولدينا على ممارسة الرياضة، لأنها ستعيننا على تربيتهما. إلى جانب كل هذا فهناك تربيتهما على حب الوطن والقيم، والتشبع بقيمه، كيف لا وأنا وعزيز حملنا القميص الوطني ورفعنا الراية أكثر من عشرين سنة. هناك تجارب عالمية ناجحة عبر العالم هناك زيجات من داخل الحقل الرياضي، لكن هذا لايعني أنها كلها عرفت النجاح، لأن الخطر الذي يحطم الحياة الزوجية داخل هذه البيوت، هو عدم التمييز بين الحياة الرياضية، والحياة الزوجية. هذا الإصطدام كان مصيره نهاية لحياة زوجية كان يجب للرياضة أن تكون عاملا لتعميقها وجعلها أكثر متانة. مقابل ذلك هناك تجارب ناجحة وبكل المقاييس وأعطي كمثال تجربة «أكاسي» وزوجته لاعبة المضرب الألمانية، وهناك أيضا تجربة البطلة الألمانية العالمية هايكي دريشلر. الجميل أن الإستقرار العائلي يعطي تفوقا في المسار الرياضي ، وهذا جميل جدا. العمل الجمعوي جاء بعد الإعتزال نحن كأبطال، ننحدر من الطبقات الشعبية، وعلينا أن نفكر في أبناء وطننا الذين يعانون من الحاجة أو في وضعية هشة. ولهذا فعلى الأبطال المغاربة التفكير بجدية في العمل الجمعوي، وهناك الكثير الذي يمكن القيام به. إن العمل الجمعوي والإجتماعي يبعد البطل عن دائرة النسيان. فيما يخص هذا الجانب، فإنني وزوجي عزيز صاهير إضافة إلى مجموعة من الأصدقاء أسسنا جمعية «المرأة إنجازات وقيم» وهي تجربة جعلتنا ننظم العديد من الأنشطة، من أهمها سباق النصر بالرباط. وبغض النظر عن رهان رقم 22 ألف امرأة تشارك فيه، والذي يكون هدفه الأول والأخير تشجيع المرأة على ممارسة الرياضة، والمشاركة في السباق ولو بالجلباب، فإننا ننظم مجموعة من التظاهرات الرياضية خارج مدينة الرباط، بحيث نزور دور الطالبات والعجزة، كما نظمنا تظاهرة رياضية بسكورة، وأخرى بشفشاون، كما زرنا مؤسسات تعليمية بجماعة آيت امحمد بإقليم أزيلال، حيث قدمنا بعض المساعدات لمجموعة من التلاميذ الفقراء، وقد جاءت فكرة زيارة آيت امحمد بعد رسالة عبر الفيسبوك توصلت بها من طرف أحد الأساتذة. إن هذه الأعمال هي واجب على كل بطل داخل جمعية «المرأة إنجازات وقيم» نشتغل أنا وعزيز كأعضاء مثلنا كباقي الأعضاء الآخرين، حيث تحدد المهام، وهذا ماجعلنا ننجح في هذه التجربة الإجتماعية المهمة. أجمل ذكرياتي من أجمل ذكرياتي هو الوقوف أمام يدي صاحب الجلالة الملك الراحل الحسن الثاني الذي وشحني، ونفس الشيء حظيت به عندما وشحني صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وعندما تفضل جلالته وسمى ولدي محمد ياسين وياسر. وهذا أعتبره أغلى من الميدالية الأولمبية والألقاب العالمية. إن تكريمي داخل المغرب يبقى أغلى من كل تكريم نلته خارج المغرب. صاهير عبد العزيز الزوج والرياضي مساري الرياضي انطلق منذ سنة 1987 في صنف الفتيان بعدها انتقلت إلى صنف الشبان، وكانت البداية فى القاهرة خلال البطولة العربية، وبعد تحقيق العديد من الإنجازات، تم اختياري ضمن الفريق الوطني المغربي. حققت العديد من الإنجازات العالمية كالفوز بالجائزة الكبرى ببرشلونة، وفزت بالبطولة الأفريقية سنة في 3000 م موانع، كما حصلت على المركز الثالث خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وفي نسخة أخرى من نفس الألعاب فزت بالميدالية الذهبية، كما شاركت مشاركة موفقة في أول مشاركة لي في العدو الريفي ضمن المنتخب المغربي، وحصلت على المرتبة السادسة ببطولة العالم بطوكيو. هذه بعض من الإنجازات والتي كان دائما العلم الوطني يرفع في محافلها. زواجنا كان قبل التألق علاقتنا كانت ونحن في بداية مشوارنا الرياضي، وهذا يعني أننا لم نكن أبطالا بعد، وكان ذلك سنة 1992 . كوني رياضيا متزوج من رياضي كنت أقدر جيدا حاجة نزهة إلى تهييء كل الظروف لكي تخوض السباقات في ظروف جد حسنة، وفي أجواء نفسية يطبعها الهدوء والطمأنينة، لأنني كنت أقدر ذلك وأعرف تأثيره الإيجابي للحصول على أحسن النتائج، وأغلى الألقاب. إنني وأنا أخدم مصالح نزهة الرياضي كنت من خلالها أخدم وطني، لأن الفوز بميدالية عالمية، هي شرف لنا جميعا كمغاربة. مقابل ذلك كانت نزهة توفر لي نفس الأجواء، وقد جعلنا هذا التفاهم من إحراز العديد من الألقاب، والنجاح في حياتنا الزوجية. ميداليتنا ذهبيتان في أقل من ربع ساعة تفوقنا في حياتنا الزوجيية كان ثمرته حصول المغرب على ذهبتين سنة 1993، الأولى حصلت عليها في 3000 موانع، وبعدها بربع ساعة فازت نزهة بالميدالية الذهبية في مسافة 400 متر حواجز، كيف يمكن التعبير عن هاتين الفرحتين، فرحة الوطن، وفرحتنا نحن كزوجين. بعد ذلك كان قدري مع الأعطاب، لكن ذلك كان فرصة أمامي لكي أوفر المزيد من الظروف الجيدة لنزهة لكي تزيد في تألقها، وكان الهدف هو الألعاب الأولمبية سنة 2004 . وكان دوري هو أن أوفر كل الظروف لكي تحقق نزهة حلم الألعاب الأولمبية. نحس براحة ونحن ننخرط في العمل الإجتماعي الآن وبعد أن انتهى زمن التداريب الشاقة والمتعبة، وبعد أن لم يعد هناك هاجس تحطيم الأرقام والفوز بالميداليات، انخرطت أنا وزجتي نزهة في العديد من الأعمال الإجتماعية ، وهذا مسار آخر، مسار يجب أن ينخرط فيه كل الرياضيين والفنانيين لأنه يدخل البهجة على من هم في حاجة إلى المساعدة.