يرى حسن طارق في تصريحه للاتحاد الاشتراكي أن تقييم مائة يوم من أداء الحكومة من طرف الجمعية المغربية للعلوم السياسية ليس تقييما إعلاميا, بل إنه تقييم يعتمد منهجية علمية، تقتضي التسلح بأدوات معرفية تضع المسافة مع الحدث وتعيد بناء موضوع الاشتغال من منطلق أكاديمي. من هذا المنطلق فتقييم السياسة العمومية اليوم يحتاج إلى زمن، لأنه على مستوى الوثائق لا نتوفر سوى على تصريح برنامج حكومي، ومشروع مالية، وبرامج عمل قطاعية. ويضيف حسن طارق أن هذا لا يكفي من الأدبيات لتقييم السياسات العمومية، ولهذا فالأمر يحتاج إلى زمن سياسي يسمح ببحث الفرضيات التي اعتمدتها هذه السياسات الحكومية والآثار التي وصلت إليها أو لم تصل. ولهذا يرى طارق أن ما يمكن الحديث عنه هو بعض الملاحظات المتعلقة بالخطاب السياسي الذي أنتج حول هذه الحكومة، ثم الخطاب الذي أنتجه الحزب الأساسي في الأغلبية أو الذي أنتجته الأغلبية، وفي هذا المسار فإن الخطاب السياسي حسب طارق له خمس مميزات أساسية أولها محاولة تقمص فكرة 20 فبراير لأن الكثير من الأحزاب تتحدث وكأن أن هذه الحكومة امتداد طبيعي للحراك الشعبي، وبالتالي العربي. والحال أن مواقف الأحزاب المشكلة للحكومة كانت ضد حركة 20 فبراير. وثانيا أن هناك تجميدا لنوع من الاستمرارية، وكان من المنتظر أن تكون هذه الحكومة حكومة قطيعة وحكومة تغيير بناء على أن هناك تعاقدا انتخابيا بين الحزب الأول والناخبين مبني على التغيير، لكن ما نراه اليوم هو امتداد ومواصلة لنفس السياسيات العمومية. والميزة الثالثة تتعلق بإعادة اكتشاف الحكامة كما لو كانت هي الجيل الجديد لهذه الحكومة دون أخذ أي مسافة مع الالتباسات الإيديولوجية لهذا الأسلوب، وهو مجرد سياق معادي للسياسة والديمقراطية، وهذا دليل واضح على أزمة برنامج وأزمة مشروع في تدبير الحكم. أما الميزة الرابعة فتتلخص في الانزياح الأخلاقي والهوياتي للخطاب السياسي وهو بالفعل مقاربة فرجوية تسويقية بنفس أخلاقي. في حين أن الميزة الخامسة يقول طارق تتمثل في أولوية تدبير العلاقة مع الدولة عوض تفعيل الدستور، مما يؤكد الاشتغال بمنطق التوافق عوض التعاقد الدستوري ومنطق الثقة عوض منطق الوثيقة. المهدي لحلو ليست لحكومة بنكيران صلاحيات مميزة والأمر يعتبر صوريا وشكليا عندما يتعلق الأمر بالملفات الكبرى يرى الخبير الاقتصادي «المهدي لحلو» أن الأداء الحكومي مرتبط ببرنامج الحكومة والأحزاب المكونة لها، وماذا فعلت هذه الحكومة في مهامها التسييرية للبلاد، من هذا المنطلق يرى لحلو أن هناك تضاربا كبيرا بين ما قيل أثناء الحملة الانتخابية وبعدها تشكيل الحكومة، ثم ما يقال الآن ارتباطا بقانون المالية 2012. وهذا التضارب يؤدي إلى شيئين اثنين, إما أنه ليس هناك تمكن من المواضيع والمعرفة بها وعمق الملفات وكنهها، وما هي صفاتها الأساسية ومنطلقاتها أو أن هناك غياب أي إمكانية للقيام بما يمكن القيام به في ظل المؤسسات الحالية وفي نوعية التشكيلة الحكومية وفي إطار العلاقة الكائنة في هرم الدولة. ويضيف لحلو الذي كان يتحدث للاتحاد الاشتراكي على هامش هذا اليوم الدراسي في رحاب الجامعة أن هذه الإشكالات ستشكل عائقا في سير العمل الحكومي ارتباطا بكل المعطيات السلبية المصاحبة لهذا العمل. ويؤكد لحلو أن المرحلة جد صعبة أكثر من قبل وأهمها مرحلة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي ألقت بظلالها على المغرب وشكلت ارتفاعا مهولا في العجز الميزان التجاري الخارجي للمغرب, زد على ذلك الجفاف الذي شكل عائقا في نمو القطاع الفلاحي، و عواقب أخرى في المجال السياحي المحفوف بمخاطر كبيرة تسببها الإيديولوجية الدينية والتصريحات غير المسؤولة لوزراء لا يريدون أن يخلعوا هذا المعطف وهم في حكومة مسؤولة في التدبير العمومي لا تدبير الشأن الديني، وهذا كله حسب لحلو لا يبين أن هناك حلولا ممكنة في أفق الشهور القليلة المقبلة. وفي ما يخص صلاحيات الحكومة الحالية بعد دستور 2011، يرى الخبير الاقتصادي إن الأمر صوري وشكلي وليس لحكومة بنكيران أي صلاحيات مميزة، بل فقط هناك صلاحيات هامشية، تدخل في إطار حرية تعبير بعض الوزراء عن رأيهم. إلاّ أن مرحلة الحسم يحدث فيها تراجع وهو تراجع يعود بنا إلى ما قبل الدستور، الذي لم يأت بجديد على مستوى المؤسسات العامة، فيما يخص توزيع السلط, مما يجعل الحكومة غير قادرة على تنفيذ سياسات اقتصادية واجتماعية هي المتحكمة فعلا فيها. وفي موضوع طرحناه على الخبير الاقتصادي والذي يخص غياب القوانين والتشريعات المصاحبة للدستور والذي كان من المفروض أن تقدمها الحكومة قال «المهدي لحلو» هناك فعلا عجز لوجيستيكي وعجز على مستوى كفاءات الأفراد وعدم الفهم الفعلي للدستور الجديد، زد على ذلك التضارب واللانسجام بين الوزراء داخل الحكومة وهذا المشهد يضعنا في موضع ترقب، وأنه مع الأسف ممكن أن تأتي الأشياء بما لا يحمد عقباه في المستقبل، وهذا ما لا نريده. أحمد عصيد وزراء العدالة والتنمية يوظفون الدين في التدبير الحكومي يرى الخبير الأمازيغي «أحمد عصيد» أن مائة يوم ليست كافية للتدبير الحكومي، لكنها تعطي نظرة عن أسلوب التدبير والاختيارات الكبرى فيما يتعلق بعدد من المجالات والملفات من خلال متابعته الدقيقة لموضوع الحريات والتنوع الثقافي واللغوي. كما يرى أن هناك العديد من الإشكالات التي تثار أولا بسبب تصريحات بعد المسؤولين الحكوميين التي تمس مجال الحريات، ومن جهة أخرى بعض التدابير التي توضع من أجل سلب بعض المكاسب التي تحققت من قبل الشعب المغربي، والتي يكفلها له الدستور. وفيما يتعلق بالأمازيغية, قال عصيد في تصريحه للاتحاد الاشتراكي, إن هناك جمودا تاما في ملف التعليم، مع وجود بعض التحول النسبي الإيجابي في ملف الإعلام، بحيث أن دفاتر التحملات الحالية هي إيجابية بالنسبة للأمازيغية، وفي جانب الهيمنة الإيديولوجية, يرى عصيد أن التيار الأمازيغي كان ينتظر ذلك، لأن هناك تضخما إيديولوجيا في الخطاب الإسلامي، لحزب العدالة والتنمية ووزرائه، ولكي يترك بصمته في التدبير الحكومي، فهو يوظف الدين في عدد من القرارات، وهذا أمر سلبي لأنه يتعارض مع الخيار الديمقراطي الشامل الذي يقوم أساسا على احترام حقوق الجميع, سواء تعلق الأمر بالأغلبية أو الأقلية. ومن هذا المنطلق يرى عصيد أن الحقوق والحريات الديمقراطية يتساوى فيها الجميع ولا تعود إلى الأقلية دون الأغلبية والعكس صحيح، مما سيكون مثار جدال محتدم في الأيام القادمة. ميلود بلقاضي مبدأ التشارك في حكومة بنكيران لم يتضح بعد قال ميلود بلقاضي, إن جمعية العلوم السياسية ملزمة لتتبع كل ما يتعلق بالسياسات العمومية, لأن هناك عرفا دوليا يعطيها هذا الحق باعتبارها جمعية ذات طابع سياسي، ولهذا، يضيف في تصريحه للاتحاد الاشتراكي ، فإن حصيلة مائة يوم من المعطيات والإنجازات تعطي المؤشرات الأولى التي أبانت عنها الحكومة في جميع المستويات. وفي ما يخص المجال الدستوري يرى بلقاضي أنه أعطى لرئيس الحكومة الحالي صلاحيات كبرى في تنزيله على أرض الواقع ولا يمكن انتظار ألف يوم لفعل ذلك، لأن تنزيل الدستور لا يحتاج إلى موارد مالية، بل إلى إرادة سياسية. وإن كان الدستور قد ركز على الديمقراطية والتي هي بوابة للحكامة الجيدة كركيزة للدولة الحديثة, فإن مبدأ التشارك لازال لم يتضح بشكل يؤشر على إستراتيجية في هذا المنحى ،أو في الانفتاح على المجتمع المدني أو الفاعلين غير السياسيين باعتبارهم قوة اقتراحية. وسجل بلقاضي أن حكومة بنكيران متأخرة جداً في إخراج مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بكيفية قيام هذه الهيئات المدنية بما يمنحها الدستور من قوة اقتراحية عامة، علما, يضيف بلقاضي ، أن جمعية العلوم السياسية ستواصل الرصد والمتابعة والتقييم. سعيد خمري الحكومة الحالية أحسن من مثيلاتها التي أفرزها الربيع العربي في الدول المجاورة يرى سعيد خمري, أن الحديث عن أداء الحكومة في مائة يوم ينطلق من رصد الملاحظات الأولى حول تطبيق الإصلاح في بعده السياسي من وضع دستور 2011، وتتجلى هذه الملاحظات في أربعة منطلقات, أولها أن الموضوعية بشكل مطلق أمر غير ممكن، ولهذا فإن الأمور تظل نسبية, وثانيا أن الإصلاح ونجاحه مسألة لا تهم الحكومة وحدها، فالأمر يهم الفاعلين السياسيين كما يهم المؤسسة الملكية والحكومة والبرلمان والأحزاب ,سواء كانت في المعارضة أو الأغلبية، زد على ذلك يقول الخمري المجتمع المدني والنقابات والإعلام. وفي الملاحظة الثالثة يرى خمري أن الحكومة الحالية رغم كل الإكراهات فهي أحسن من مثيلتها في التجارب التي أفرزها الربيع العربي في الدول المجاورة، مثل تونس ومصر وليبيا على اعتبار أن الأمر يتعلق في هذه النماذج بإعادة بناء كاملة للأنظمة السياسية وليس فقط إصلاحها. أما المنطلق الرابع, فهو أمر لا يتعلق بملاحظات حول أداء الحكومة منذ تنصيبها ولكن هو أمر يتعلق بسير عملية الإصلاح وفق روح الدستور الجديد. ويؤكد خمري أن الأمور بدأت بكثير من القلق والحركات غير المستحبة والتي عكست بالفعل اعوجاجا ينبغي رصده وقراءته، مما يدفع إلى القول أن هناك ملاحظات تثير انتباهنا كباحثين في الظواهر والمعطيات، أولها ملاحظتنا لعدد من التعيينات المكثفة وغير العادية لعدد غير قليل للمستشارين الملكيين في الديوان الملكي, وكأن الأمر يتعلق بحكومة الظل. زد على ذلك تعيين عدد من السفراء قبل تشكيل الحكومة وحرمانها من تداول هذه الأسماء داخل المجلس الوزاري واقتراحها من رئيس الحكومة, كما ينص على ذلك الدستور ,إضافة إلى تعيين وزراء في حكومة بنكيران من خارج الأحزاب، ناهيك عن عدم احترام مبدأ المناصفة وملاحظات أخرى لا نستبعد فيها التضارب بخصوص نمو الاقتصاد الوطني المتوقعة بين الحكومة من جهة وبين البنك المركزي ومندوبية التخطيط من جهة أخرى, الشيء الذي يطرح تساؤلا كبيرا وإشكالية كبرى حول من يخضع لمن. محمد الساسي حزب العدالة والتنمية لم يكن حريصا على أن يجعل الأفكار الاستراتيجية الكبرى موضع توافق يرى محمد الساسي في تصريحه للاتحاد الاشتراكي أنه من المفروض في مائة يوم أن تنتقل الحكومة إلى الإجراءات الاستراتيجية التي تكون لها آثار بارزة وظاهرة. ومائة يوم حسب الساسي تشكل الملامح الأولى للتوجه الذي ينبغي أن يكون, إلاّ أن مائة يوم في حكومة بنكيران تحضر فيها الإيديولوجية والارتباك الكبير, لأنها لم تحدد بعد المسارات التي ستحسم بواسطتها الإشكالات التقليدية المطروحة، لكن هذا الارتباك لم يمنع من حضور الدفاع عن الإيديولوجية بالأساس، فوقع نوع من الأخذ والرد بين الحكومة من جهة وبين مراكز القرار في الدولة التقليدية من جهة أخرى . ويرى الساسي في هذا الخضم أن مرحلة ما بعد الدستور مختلفة نوعيا عن مرحلة ما قبل الدستور. فهناك حدث وهناك حقن سياسي ومفاجآت ومبادرات وحراك, جسد بالفعل في هذا الما بعد. ويقر الساسي أن هناك بالفعل تصدعا داخل الحكومة, بل اللاإنسجام, لكن ما لم ينتبه إليه حزب العدالة والتنمية أن هناك 11 وزيرا ينتمي إلى العدالة والتنمية, بينما باقي الوزراء منتمين إلى أحزاب أخرى مختلفة، والتي كانت في حكومات سابقة. وفي البرلمان هناك 107 برلماني منتمي للعدالة والتنمية بينما 280 عضوا منتمين إلى أحزاب أخرى وهذا واقع. ويستغرب الساسي اختزال الحكومة في حزب العدالة والتنمية, والحقيقة أن الواقع أكثر تعقيدا من هذا كله، ولهذا فالملامح الأولى للارتباك يقول الساسي متعلقة بكون وزراء العدالة والتنمية لا يأخذون بعين الاعتبار وجود وزراء آخرين, الشيء الذي يؤدي إلى نوع من التناقض وعدم الانسجام. ويضيف الساسي أن حزب العدالة والتنمية لم يكن حريصا على أن يجعل الأفكار الكبرى الاستراتيجية التي يريد إدخالها حيز التطبيق موضوع توافق داخل الفريق الحكومي، مما يشكل وهما بأن الحكومة هي حكومة العدالة والتنمية، وزد على ذلك الارتباك الحاصل في صفوف المعارضة التي لازالت لم تجد الصيغة الملائمة لتدبير أمرها. الشيء الذي جعل معارضة أخرى تنبثق من داخل الحكومة في وجود مواجهات تكاد تكون متناقضة بين وزرائها، في الأفكار وفي التدبير، ويظهر ذلك جليا في فضاءات الرأي العام بغياب انسجام في برنامج موحد لتدبير قضايا الشأن العام وهذه هي الإشكالية الكبرى علي كريمي هل ستبصم حكومة بنكيران تاريخ المغرب كما بصمته حكومة عبد الله إبراهيم وعبد الرحمن اليوسفي؟ يرى علي كريمي في تصريحه للاتحاد الاشتراكي باسم جمعية العلوم السياسية, أن إدخال موضوع حصيلة الأداء الحكومي في صميم اهتمام الجامعة وخاصة كلية الحقوق شعبة العلوم السياسية يقتضي من الأكاديميين أن يتأملوا وأن يقرؤوا نتائج ثلاثة أشهر من أداء هذه الحكومة, وهي كافية لرسم المسار الذي ستسير فيه هذه الأخيرة، وهل استطاعت فعلا البدء في تنزيل القضايا الواردة في الدستور أم أنها لم تستطع. ويضيف كريمي أن حكومة بنكيران إن هي استطاعت أن تبصم تاريخ المغرب السياسي كما هو الشأن بالنسبة لحكومة «عبد الله إبراهيم» وحكومة «عبد الرحمن اليوسفي»، فسوف تدخل محطة أبحاث ودراسات داخل الجامعة. ومن هذا المنطلق يرى كريمي أن الأكاديميين يتتبعون ما سيحصل، لأن أسلوب الرصد العلمي لا يمكنه أن يكتفي بمائة يوم من التقييم, إلاّ أن هذه المائة باستطاعتها أن تعطي الصورة والملامح العامة للمسار الذي ستتخذه حكومة بنكيران. ولهذا يشير كريمي أن البدايات الأولى أبانت عن اللاإنسجام في الحكومة, وهذا شيء طبيعي في إطار تعدد حزبي مختلف داخل فريق حكومي واحد مما ينتج عنه تدبير صعب للشأن العام وعدم وضوح في ذلك. وبناء عليه, فإن الرصد الأكاديمي للحكومة واشتغالاتها وتطبيقها لبرنامجها الحكومي سيكون متريثا ولا يمكنه أن يعطي نتائج إلاّ بعد نهاية ولاية هذه الحكومة، ومن واجبي كأكاديمي،يقول كريمي، أن أضع مسافة بين الظاهرة وبالتالي تقييمها لأن التقييم اللحظي موكول للصحافة. محمد حنين الحكومة راهنت على افتعال الحدث في المائة يوم الأولى يرى محمد حنين أن تقييم أداء الحكومة لمدة مائة يوم يتأتى من منطلقين, علمي وسياسي, على اعتبارا أن الأول يستند إلى الثاني من أجل التحليل ،وهذا التقاطع هو شيء معقول وطبيعي، والأساس هو أن يكون التحليل موضوعيا من أجل الخروج باستنتاجات تشخص الوضعية وتقدم المقترحات لمعالجة الاختلالات التي أبانت عنها الحكومة الحالية. ومن منطلقه كباحث, سجل حنين عدم انسجام الفريق الحكومي على اعتبار أنه يتكون من ثلاثة فرق حكومية تظهر من خلال التصريحات المتضاربة والخرجات الإعلامية وهيمنة وزراء العدالة والتنمية الذين يسعون إلى تشكيل الحدث ،رغم أن حنين يعتبر هذا الحدث مجرد (فرقعات إعلامية) تتسم بطابع التهديد أحيانا وبطابع نشر الفضائح أحيانا أخرى. وكأن المغرب بدأ منذ 25 نوفمبر إلى الآن، وأن كل التدابير السابقة هي تدابير فاسدة وأن هؤلاء جاؤوا للحكومة ليشكلوا قطيعة مع ما سبق. الشيء الذي تجسد بالفعل في مداخلة وزير التعليم العالي في بداية جلسة الافتتاح لهذا اليوم الدراسي, فأظهر في تشخيصه لوضعية التعليم العالي أنها كلها سلبية، وهذا ضرب لكل التراكمات التي حققت في هذا المجال، ولهذا فإن حصيلة مائة يوم تؤشر عن ضعف ملحوظ، وغياب استراتيجية ومراهنة على افتعال الحدث في مشهد يؤكد أن هناك خللا واضحا في التسيير والتدبير الحكومي الذي سنتابع آفاقه فيما بعد كأكاديميين وكسياسيين في المعارضة. عبد العالي مستور بعد الدستور الجديد لم يعد من المعقول خروج وزير بمبادرة معزولة في إطار مبدأ الشراكة والتشارك قال عبد العالي مستور للاتحاد الاشتراكي، إن مئة يوم ليست كافية لكي تستقر الحكومة وهذه المسألة هي في حد ذاتها، نابعة من أسباب موضوعية وذاتية تعود إلى تركيبتها وعدم انسجامها والظروف التي تكونت فيها. ويلاحظ مستور أن الحكومة مازالت تختزل علاقتها مع المجتمع المدني في وزارة (البرلمان والمجتمع المدني)، رغم أهمية إحداث هذه الوزارة. ولكن العلاقة بين الحكومة والمجتمع المدني هي علاقة دستورية مما ينبغي أن يكون فيه الوضع مختلفا، لكي يكون المجتمع المدني في علاقة مع كل القطاعات الحكومية والمؤسسات الموازية حسب تعدد مشارب وانشغالات وأولويات المجتمع المدني. وينتقد مستور غياب مشاورات منظمة ومعقلنة ومؤسساتية مع المجتمع المدني، مع العلم أن الدستور يطرح وظائف جديدة وحقوق ومسؤوليات لهذا المجتمع، لكن لا ينفي كل هذا الاستعداد الذي أبدته الحكومة في اعترافها أولا بأدوار المجتمع المدني والتزاما بمبدأ التشارك على مستوى تصريحاتها، ولكن على العموم يقول مستور إن مائة يوم ليست كافية لاتضاح الصورة، رغم الخرجات الجزئية للوزراء وتصريحاتهم المعزولة، التي هي في حد ذاتها مناقضة لجوهر ما جاء به الدستور ونسقية السياسات العمومية. فلم يعد من المعقول اليوم، يضيف مستور، أن يخرج وزيرا بمبادرة معزولة مهما كانت قيمتها، لأن على كاهل الحكومة اليوم أن تقدم لنا استراتيجيتها العامة في العلاقة مع المجتمع المدني التي هي جزء من استراتيجية محكمة ومعقلنة. زد على ذلك طرق تدبيرها ومراقبتها لهذا المنحى. كما على المجتمع المدني أن يتعبأ للتفاوض مع الدولة من بوابة الحكومة والبرلمان حول الأدوار الجديدة بعد الدستور وكيفية تفعيلها تشريعيا ومؤسساتيا وإداريا ولوجيستيا.