مجموعة "أكديطال" توقّع اتفاقيتين استراتيجيتين لتطوير مستشفيات خاصة في السعودية    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    كأس إفريقيا أقل من 20 سنة بمصر.. الناخب الوطني يكشف اللائحة النهائية للمنتخب المغربي    من معشوق الجماهير إلى مرشح للبيع .. رودريغو يدفع ثمن الإخفاق الأوروبي    المحكمة تواصل الاستماع لسعيد الناصيري في قضية "إسكوبار الصحراء"    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    فينيسيا الإيطالية تضاعف قيمة الرسم اليومي لزيارة المدينة    تاج أقدم شجرة في برلين يعاني من الإجهاد المائي    الممثل المصري سليمان عيد في ذمة الله    دراسة علمية: 17% من الأراضي الزراعية ملوّثة بمعادن سامة    الحوامض المغربية تغزو اليابان.. انفتاح استراتيجي على أحد أصعب أسواق العالم    بين مطرقة واشنطن وسندان الجزائر .. تونس أمام اختبار السيادة    تحفيزات مؤسسة علال الفاسي للمثقفين والباحثين والطلبة    شركة للطيران تمتنع عن نقل ثلاثة جثامين لمغاربة مقيمين بهولندا    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    إطلاق الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس، في سابقة على المستوى الوطني    الدورة التاسعة إياب من بطولة القسم الوطني الممتاز لكرة السلة : .ديربي محلية بالعاصمة بين الفتح والجيش    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مغرب الحضارة : نداء من أجل المستقبل … شبابنا كنز المملكة ومستقبلها    منظمة بوليساريو الإرهابية ، الوجه الآخر للأجندة الجزائرية    لجنة الأعمال السينمائية تعلن عن مشاريع الأفلام المستفيدة من الدعم    فوربس: المغرب يضع لبنات مونديال 2030 بإشراف ملكي وتخطيط شامل    إيقاف السباح التونسي أحمد الحفناوي 21 شهرا بسبب انتهاكات لقواعد المنشطات    بطولة ألمانيا.. دورتموند المحبط يسعى الى بطاقة دوري الابطال    احتجاجات بالمزونة التونسية تنديدا بمصرع 3 تلاميذ وبتهميش المدينة    منظمات تدق ناقوس الخطر وتدعو لتحقيق دولي في جرائم إعدام بمخيمات تندوف واتهامات مباشرة للجيش الجزائري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    توقعات أحوال الطقس ليوم الجمعة    وضع المعايير لملء استمارة الإحصاء لأداء الخدمة العسكرية برسم فوج المجندين لسنة 2025    مُذكِّرات    روبيو: على أوروبا أن تقرر ما إذا كانت مستعدة لإعادة عقوبات إيران    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    وفاة مفاجئة للممثل المصري سليمان عيد عن عمر ناهز 64 عاماً    وفاة الفنان المصري سليمان عيد عن عمر 64 عامًا    ممثلون عن اليهود في بريطانيا يدينون العدوان الإسرائيلي في غزة    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    ولاية أمن أكادير: هذه حقيقة ادعاءات إحدى منظمات المجتمع المدني حول مزاعم بسوء المعاملة    دي ميستورا يستشعر نهاية "المينورسو" .. ضغوط مالية وتغيرات دولية    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    استشهاد 15 فلسطينيا في غارة إسرائيلية جديدة على غزة    بعد ستة أشهر من الغياب.. الصحفي حمزة رويجع يكشف الحقيقة بشجاعة: نعم، أصبت باضطراب ثنائي القطب    الاعتداء على أستاذ يسلب حرية تلميذ    ندوة وطنية تتدارس تجربة محمد الشيخي في رؤيا وتشكيل الشعر المغربي    عاجل | هزة أرضية قوية تُثير الهلع بمراكش وتامنصورت    قيادي في حماس: لا نقبل الصفقات الجزئية وسلاح المقاومة حق وموجود طالما بقي الاحتلال    الأمير مولاي رشيد يترأس بالرباط افتتاح الدورة ال 30 للمعرض الدولي للكتاب    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    الأبيض ‬والأسود ‬من ‬تقرير ‬دي ‬ميستورا (2)    العمال الموسميون يرفعون حالات الإصابة ببوحمرون بإسبانيا    نصائح طبية لمرضى حساسية الحيوانات الأليفة دون الحاجة للتخلي عنها    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعينية السينمائي والمسرحي والحقوقي الراحل محمد سكري: سكري اختار الحياة وانحاز إليها عبر انحيازه للحرية والتعدد في شتى مظاهر اليومي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 16 - 04 - 2012

عاش كبيرا ومات كبيرا.. هو الهادئ الهادر، الصامت الصارخ، القريب البعيد، هو السهل الصعب.. كان كثيرا ما يستعين بالموسيقى على نواح داخلي مجهول.. عاش كبيرا ومات كبيرا.. آمن أن «الصورة كالمرأة لا تمنح نفسها إلا لعاشق..» ولفرط ما عاشر السينما والمسرح جسدا وروحا عن حب ووله رفض متعتهما السرية فأعلن جاهرا عشقه الأبدي لهما..
ولأنه ظل في مخيلة كل الذين عرفوه الناقد السينمائي الذكي المختلف، اللبق المتواضع، الأنيق والعميق، الطريف والإنساني، العاشق للفنون و المساهم بجدية وعمق في كل القضايا التي تطرح أمامه، الديمقراطي والحداثي والمنصت للجميع، لهذه الأسباب جاء رحيله فجيعة مفاجئة..
أمسية خالدة منفردة دافئة وافرة ذكرى وذاكرة، تلك التي جمعت أحبة وعشاقا أتوا من كل جهة من تراب المغرب الجميل، حاملين على أكتافهم سلاح الذكرى وسحر الكلمات ورمزية الوفاء لفعاليات ضحت بالغالي لتكرس حياتها فداء الثقافة والفن.. إنها أمسية أربعينية الراحل الحاضر الغائب الجميل الروح محمد سكري. كانت لمة عائلية حميمية بامتياز، لمة جمعت مساء يوم السبت 14 أبريل 2012 بالدار البيضاء كل من أحب روح محمد سكري المرحة، قوة أفكاره، عمق رؤاه، صدق تعبيراته، حياته وتجواله الدائم بين الممرات والأشخاص والدروب والكلمات والأجناس، تجواله الدائم بدون أقنعة.
بمبادرة من عدد من منظمات المجتمع المدني، منها بالأخص: الإتلاف المغربي للثقافة والفنون، جمعية نقاد السينما بالمغرب، ومنتدى المواطنة، تحلق عدد من السينمائيين والحقوقيين والمسرحيين وفعاليات وطنية تنتمي لحقول الأدب والصحافة والفكر والتربية، لاستحضار بعض من شمائل هذا الرجل النادر في كل شيء، خصال أضحى بفضلها صديقا لعديد من الفعاليات الوطنية.
افتتح اللقاء خليل الدامون واصفا محمد سكري بالنجم الكبير في سماء النقد السينمائي المغربي والعربي.. وتحدث عنه الحقوقي والجامعي المحجوب الهيبة بإسهاب، معتبرا أن الراحل محمد شكري من طينة المغاربة الذين جمعوا ما يصعب جمعه، و نبه إلى أن مسار 30 سنة من الصداقة والقرب منه في العمل بكلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء جعلته يدرك أشياء كثيرة عن هذا المغربي الذي حمل قيما الشجاعة وحب الوطن والعلم والبحث والعمق والحرية وتعدد مجالات الكتابة والجموح نحو التمرد على المحافظة، داخل وسط جامعي أكاديمي يميل إلى الانضباط والتشبث والمحافظة. وبالمناسبة ذكر بمجالات التعامل بينهما علميا سواء في الحياة السياسية (ندوات مناقشة الدستور الجديد..) أو مساهمته في ندوة السينما والبيئة، ضمن أيام دراسية حول القانون والبيئة والسينما، عبر مداخلة من خمس محاور، منها: البيئة عالم ما بعد الحرب، العالم المخفي، كون الأضواء، البحر والرؤية، مستحضرا أفلام: «يلان» س سيسي، وفيلم«يرقص مع الذئاب» ك كوستنر، «عالج يمناك» ج ل كودار، الزرقة الكبرى« ل بوسون، فيلم »أبيس» ج كامرون. ونبه الهيبة أن م سكري ظل يحيل في معالجاته على رؤية فلسفية للبيئة تمتح من رؤية ميشيل سيير صاحب مؤلف»العقد الطبيعي«. وأنهى المحجوب الهيبة كلمته بالاعتراف للكاتب بقدراته في التحليل والمنهجية الأصيلة، وتعدد الاختصاصات: مسرح سينما سياسة. بينما توقف سعيد منتسب، الأديب والناقد والصحفي، في كلمته عن جمعية «منتدى المواطنة» على روح الراحل محمد شكري، التي جمعت عددا مهما الفعاليات في هذه الأمسية، واصفا تلك الروح بالقامة الشامخة والنهر الذي لازال يجري يمد أهله بعطاء لا ينضب. واعتبر أن جميع أصدقائه في حاجة لاستعادة ملامحه قطعة قطعة.. وفي إشارة جميلة إلى الأصول، قال سعيد منتسب أن «محمد سكري لم ينبث من أرض خلاء بل جاء من بلاد ملئ بالمسرح والسينما وقيم الثقافة والفن النبيلة، لتخليص الإنسان من الزيف والرداءة..» وبالمناسبة تساءل س منتسب : هل مات محمد سكري؟ واعتبر منتسب أنه لم يمت بل عبر إلى مكان آخر، يبادلنا بحب المشترك والجميل ويحاورنا في تفاصيل رحلة الحياة..
أما الناقد عمر بلخمار، فقد شدد في كلمة عن جمعية نقاد السينما، أن الراحل محمد سكري ظل من مؤسسي جمعية نقاد السينما بالمغرب الأساسيين، وأن رحيله فجأة صعب التعويض، وأن رحلة النقد عبر 20 سنة تجعل جميع النقاد مستحضرين دوما روحه كناقد ذكي، عميق، نشيط، حريص على استمرار النقد والجمعية في مزاولة مهامها الوطنية. من أعماله التي تشهد على تميزه «قمح» كممثل، «موشومة» كسيناريست، «هاملت» كمخرج مسرحي، وعدد كثير من الكتابات الفنية كناقد. بينما اعتبر الناقد والمسرحي والصحفي محمد بهجاجي في شهادة مؤثرة عن الراحل محمد سكري، أنه عجز لمدة طويلة عن الكتابة عن غيابه المفاجئ، مشددا أن علينا جميع التمرن على الكتابة بدون م سكري.. واستعاد مع يوسف فاضل وآخرين سؤال هل سيأتي محمد سكري الآن؟؟ وعاد محمد بهجاجي إلى عقود مضت حيث كان التعارف واللقاء الأول سنة 1982، واستحضر أيضا مصاحبته رحلة الحزن والمرض بالرباط برفقة حسن نجمي وادريس البعقيلي وزملاء آخرين.. مستحضرا شوقه لإتمام مشروع السيناريو الثاني، الذي بدأه ويستحضر فيه مشاهد من فيلم La dolce vita الصادر سنة 1960 للمخرج الإيطالي Federico Fellin . واعتبر محمد بهجاجي أن سكري اختار الحياة وانحاز إليها عبر انحيازه للحرية والتعدد في شتى مظاهر اليومي، حيث أخرج مسرحية «الفيل يا مالك الزمن»، ثم «هاملت» ثم مثل في «قمح» و«دولار»، وكتب مقالات كثيرة في مجالات السينما والمسرح والسياسة. واعتبر م بهجاجي م سكري صديق نادر لا يخون الصداقة والأصدقاء، كما لا يخون الحياة.. وأنهى كلمته بالقول: «نم قرير العين سنتذكرك إلى الأبد لأننا محتاجون لأن نحب الحياة مثل محمد سكري.»
وبدوره تحدث المخرج لحسن زينون في شهادة متميزة، عن شجاعة الراحل، وموسوعيته، وإنسانيته، وقدرته الكبيرة على تحمل المعاناة، بالقدر المماثل لتذوقه للجميل. واستحضر المخرج لحسن زينون حوارات من مشاهد مبثوثة في سيناريو فيلم «موشومة»: «ذاتي انطفأت.. لا حب قد يشفيني مما أعاني..»
الصحفي بوجمعة أشفري بدوره، اعتبر في كلمة بالمناسبة «كيف لا نرتعد بذكر اسمه.. كيف نقبض ذكراه وذاكرته؟»، وتابع أن « الضوء يسطو علي من مجرات محمد سكري، الضوء يرعشه ولا يخيفه..» وقال: «أنه عند غياب صديق ينتهي شيء ما.. ويبدأ شيء ما.. كما عند انتهاء فيلم سينمائي.» حيث تنطلق حكايتان، حلم وحلم. محمد سكري كان حالما كما لو أنه يخفي شيء ما..
وانتهت أمسية أربعينية الراحل محمد سكري بالإنصات إلى شهادة رفيقه الشاعر شفيق بوهو والناقد خالد الخضري، اختتمتها كلمة قصيرة من أسرة الراحل، خاصة شقيقته خديجة، وأفراد من عائلته رجاء وإلهام ومصطفى، مذكرين بمكانة الراحل داخل الأسرة كأب وكأخ وكصديق، دائم المساندة، ثم شاكرين هذا الحب الكبير لشخص شمل عطفه وحبه أطفال الأسرة والعائلة بالكامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.