- ما الذي يمثله أحمد بن بلة في جزائر اليوم؟ - قبل كل شيء، هو أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة، وهو ما يعطيه قيمة أسطورية. وكان أيضا الشخصية الجزائرية الأكثر حضورا في الإعلام الفرنسي والدولي خلال حرب الجزائر. ومن ناحية أخرى، فإن الفترة التي تولى فيها بن بلة الحكم في الجزائر ما بين سنتي 1962 و1965 ارتبطت في مخيلة الجزائريين بالغليان السياسي والمطالبة بالحرية في هذا البلد. لكن الواقع أكثر تعقيدا من ذلك، ففي ظل حكم بن بلة، لم تكن هناك حرية مطلقة، إذ قام بسحق الثورة في منطقة القبايل سنة 1963. كما خاض حرب الرمال سنة 1963 ضد المغرب، غير أن ممارسته للسلطة تتعارض مع ما ستشهده الجزائر ابتداء من سنة 1965، أي تاريخ قيام بمودين بالانقلاب. في الجزائر هناك ما قبل 1965 وما بعد 1965. جزائر ما قبل 1965 كان تعتبر أكثر حرية من فترة ما بعد 1965، عندما تمكن العسكريون من الوصول إلى السلطة بشكل واضح. - كيف ترون حضوره في آخر حفل تنصيب لبوتفليقة سنة 2009؟ - لقد كان ذلك بمثابة دعم رمزي لبوتفليقة أكثر مما هو سياسي. أي أنه دعم مغلف بالوطنية. كان حينها قد بلغ سن الثالثة والثمانين، وحضوره استحضار لما يمثله بالنسبة للجزائر، استحضار لانتقال الجزائر نحو الاستقلال. والتذكير بهذا الشخص مهم في وقت يتم فيه الاستعداد لتخليد الذكرى الخمسينية للاستقلال. - ما تحليلكم لما حدث عندما تم إبعاده عن السلطة سنة 1965؟ - الأمر يتعلق بانقلاب عسكري صرف. ببساطة، لقد قام الجيش بتولي السلطة رغبة في بناء دولة قوية في الجزائر من خلال القيام بقمع الحريات العامة، ووضع حد لمرحلة الاضطراب والاستقرار الصعب لدولة جزائرية مستقلة. كانت ثمة إرادة لإقامة نظام بونابارتي. ولقد قام بن بلة بنفسه بالاتفاق مع الجيش الجزائري سنة 1962، حيث تمكن من الوصول إلى السلطة بالاعتماد على ما أسميناه جيش الحدود، وأصبح إلى حد ما رهينة ذلك الاتفاق السياسي. ثلاث سنوات بعد ذلك، سينتزع منه الحكم لفائدة العسكريين، الذين كان يقودهم بومدين منذ سنة 1958. كان بومدين يسعى لبناء دولة قوية، وإلغاء الأحزاب السياسية ووضع الصحافة تحت المراقبة، وقام بمنع مجموعة من المنظمات. وبعد ذلك، ظل بن بلة لمدة خمسة عشر عاما في السجن، حيث أصبح شخصية ترمز لاغتصاب الحرية في الجزائر. - أي دور لعبه خلال حرب الجزائر؟ - التحق أحمد بن بلة بالجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية، وحارب في «مونتي كاسينو» سنة 1943، نال وساما بعد ذلك. وانخرط في فترة لاحقة بالتيار الوطني السياسي إثر مجزرة سطيف سنة 1945، وأصبح منذ ذلك الحين مسؤولا عن التنظيم السري الذي أعد للمقاومة المسلحة. وأوقفته فرنسا سنة 1950، لكنه تمكن من الهروب. كان واحدا من القادة التاريخيين التسعة الذين قرروا إعلان هذه الحرب سنة 1954، لم يكن أكثر أولئك القياديين شهرة في تلك المرحلة، لكنه أصبح كذلك بعد سلطت عليه وسائل الإعلام الضوء خلال اعتقاله من طرف السلطات الفرنسية سنة 1956. ولقد أولته وسائل الإعلام المصرية اهتماما كبيرا. لقد كان منبرا وشخصا يحسن مخاطبة الجماهير، وكانت له علاقة كاريزمية بالسياسة.