كلما رأيت قادة الأغلبية مبتسمين في الصور التي تلتقط بمناسبة الإعلان عن الانسجام، إلا وابتسمت أيضا. هم يبتسمون لأن المصور أمامهم، وأنا ابتسم لأن الصورة أمامي. أبتسم أولا، لأني أعرف أنهم التقوا، منفردين ومجتمعين، نظرا لوجود مشكلة في الانسجام بالذات. ومع ذلك يعلنون، بفم واحد، نحن نبتسم، إذن نحن موجودون في حكومة منسجمة. أبتسم، لأنني سأقرأ بعد ذلك بيانا شديد البهجة، يطمئننا، نحن أبناء البلد، أن الحكومة خرجت من جلسة إخراج الأرواح متضامنة، ودودة وتأكل خبزها بفم واحد. غير أن وراء الصورة ظلال كبيرة وكثيرة. أصدق بالفعل بنكيران عندما يطمئنني بأن الأغلبية على قلب واحد، وبرنامج واحد، وسيرة واحدة، ومنهاج رباني واحد. أطلب منه فقط أن يقنع الرميد، ويقنع معه لحسن حداد، بأنه لا حداد على تناغم الأغلبية واحتضانها لبعضها. أقتنع عندما يعلن بنكيران، أن الأشياء جيدة تماما، وأن الانسجام يهطل على حكومتنا الموقرة، مدرارا مدرارا. ولا أحاول قراءة الأفكار السوداء التي تروج في عقل رجل معارض، لكن أطلب منه أن يقنع أوزين بأن قرار الخلفي وتصريحاته بخصوص الحظ وألعابه، لا تخلق خلافا ولا تفقد للود قضية. عليه أن يقنعهما معا، بأنهما ينتمان إلى نفس الأفق، ولمَ لا، يحملان نفس الأحلام الطيبة التي لا توقظ أصحابها من الكابوس. أريده أن يقنع شباط أنه ليس قطا، وأن سهيل وزير التشغيل ليس فأرا. أريده أن يقنع الوردي ليس سوى الصورة الأخرى لياسمينة بادو. وأن يقنع عباس الفاسي أنه لا حاجة للغضب، من بعد أن يجمع المصور آلته ويذهب إلى تحميض الصور! ليس من تمرين على الاختلاف يعد تمرينا في الآن نفسه على المودة المفتعلة، كما هو التمرين الذي تقدمه الأغلبية، اليوم ومنذ تولت أمر البلاد. لا داعي للتذكير بكل الاختلافات التي سجلت، .. لا داعي حتى بالتنبؤ بالخلافات القادمة، إذ أن الرميد يصر على أن الفرقعات الإعلامية جزء من السلطة. وأن المغراوي أهم بكثير من وزير السياحة.. لا داعي للتنبؤ حتى ولو كان أوزين يعتبر أن الخلفي أرسل اللحية وبدأ في إصدار الفتاوى ، حول ألعاب الحظ. والحظ هنا حيلة السياسة في اختبار الأغلبية، كما هي طوطوفوت، ساحة .. للكل الرياضات. هناك اليوم نقط تماس صعبة، ولا يمكن أن نغفلها أمام الناس لكي لا تشتعل التصريحات والتصريحات المضادة. في انتظار ذلك، ما الذي يحدث : يحدث أن رئيس الحكومة كمن لا يرى في الخلافات المعلنة على رؤوس الأشهاد مجرد مناوشات بين الأولاد المشاغبين، وليس تموقعات سياسية جديرة بأن تناقش بقواميس السياسة وليس قاموس .. التراضي. أمام الأغلبية حرب أخرى هي حرب الانتخابات القادمة، وحرب التعيينات في المناصب التي سيتم الاتفاق بشأنها. وإذا لم يتعلم الكثير من الوزراء الصمت وحكمته، فلن يتعلم وزراء آخرون هذه الحكمة، ولن يتعملوا التعايش. وهم يشعرون بأن للحزب القائد للأغلبية وصاية على القطاعات من منطلق غير المنطلق السياسي. التعيينات القادمة، بما هي تعيينات تموقع ومواقع سياسية لن تمر أبدا بدون اصطدامات. وفي انتظار ذلك، سنشكر للأستاذ عبد الإله بن كيران سعيه الحثيث (واعرة هاد حثيث هذي!!) لكي يطمئننا على سلامة الأغلبية العاطفية وتبادل المودات .. فقط نذكر قصة ذلك الشاب الذي كان يعتبر نفسه حبة قمح. وكان كلما رأى ديكا هرب وأصيب بالفزع.. واضطر الأهل نقله إلى طبيب نفساني، وبعد مدة طويلة من العلاج سأله الطبيب: هل مازلت تشعر بأنك حبة قمح. قال له، لا، أنا اقتنعت بأنني إنسان .. لكن اقنع الديك بذلك عافاك!! من منكم حبة القمح، ومن منكم الديك، أيها الإخوة في الأغلبية!!