تجربة رائعة ومبادرة تستحق ألف تنويه، وغيرمسبوقة في الإعلام السمعي، تركت انطباعا جيدا لدى المستعمين والجمهورالذي تتبعها ليلا في العراء وفي الهواء الطلق خارج رحاب الإستوديو، تلك التجربة التي قام بها راديو بلوس بأكَادير، عندما قررالمنشط الإذاعي أديب السليكي بث برنامج إذاعي ليلي، ليلة الجمعة 30 مارس 2012، من الساعة العاشرة ليلا إلى الساعة السادسة صباحا، لكن هذه المرة في ضيافة المشردين أطفال الشوارع. وتندرج فكرة هذه البث المباشر ليلا من القرب من ساحة الطاكسيات بالباطوار بأكَادير، في سياق حملة تحسيسية وتوعوية تحت شعار«حسوا بينا نحن أطفال في وضعية الشارع»، نظمتها مجموعة إذاعات «راديو بلوس» ومؤسسة الجنوب للتنمية والتضامن، بشراكة مع جمعية أنير للأطفال في وضعية صعبة، وذلك من أجل أكَادير بدون أطفال في وضعية الشارع 2014، 2015 . وما أعطى لهذه التجربة الإذاعية حميميتها وبعدها الإنساني والجمعوي والحقوقي أيضا، هو أن البث المباشر شاركت فيه جمعيات مختلفة مهتمة بالمرأة والطفولة عموما، وجمعيات حقوقية وثقافية وهيئات نقابية أبت إلا أن تسهر تلك الليلة في العراء وتناقش الموضوع من الزوايا من أجل المصالحة بين المجتمع وأطفال الشوارع. وشاركت فيه السلطات القضائية ممثلة في نائب وكيل الملك بابتدائية أكَادير الأستاذ هشام الحسني الذي اعتبر في تدخله المبادرة ذات بعد تحسيسي وإنساني للقضاء على ظاهرة «أطفال الشوارع». لكن ما أعطى للبرنامج طعمه ونكهته هوأنه أشرك المعنيين«المشردين» الذين تقاطروا عليه من كل صوب وجلسوا جنبا إلى جنب مع المدعويين، فضلا عن حضور جمهورغفير من المارة وسائقي الطاكسيات، تتبع البرنامج مباشرة من ساحة عمومية يتردد عليها أطفال الشوارع ليلا ونهارا. لقد أبى المنشط الإذاعي أديب السليكي إلا أن يشرك في هذا البرنامج الذي سيبث كل ليلة جمعة على امتداد شهرأبريل من خارج مقرالراديو، جميع المتدخلين والفاعلين للتصدي لهذه الظاهرة الإجتماعية، انطلاقا من مقاربة جماعية يساهم فيها كل متدخل من موقعه الخاص لمعالجة معضلة إقبال عدد كبير من الأطفال ذكورا وإناثا على التشرد والعيش في العراء بعيدين عن أسرهم لأسباب عديدة. وإذا كان راديو بلوس، قد غامروخرج عن عادته، ببث برنامج ليلي من ساحة عمومية، وفي ليلة بيضاء، فقد كسب رهان نجاحه بالتفاف عدد من الجمهور طوال الليل إليه رغم برودة الطقس، وشد إليه عددا كبيرا من المستعمين، وخاصة آباء وأمهات هؤلاء الأطفال المشردين، بل تمكنت بعض الأسر من استرجاع ابنها بمجرد سماع صوته يبث على الأثير في تلك الليلة. واستطاعت الوحدة المتنقلة التابعة لمركزحماية الطفولة بأكَاديرأن تجمع في الظلام عددا من المشردين تلك الليلة من أجل هذه المصالحة بينهم وبين أسرهم التي كانت الهدف الأسمى لهذا البرنامج الإذاعي الذي كسب حب المستعمين في كل مكان.