أكيد أن مريرت بإقليمخنيفرة كتب عليها «قدرها المقنع» هذه الأيام أن تتصدر أنباء الرأي العام الإقليمي والوطني، وهذه المرة تتجه الأنظار من «الأحياء» إلى «الأموات» الذين لم يسلموا هم أيضا من حقهم مما يجري في «دنيا المدينة»، إذ فوجئ الرأي الشارع المحلي بتعرض مجموعة من القبور بمقبرة المدينة لأعمال نبش وهدم وتخريب بصورة غريبة وغير مسبوقة، ومنها المبنية بشكل أنيق، والحاملة لمواصفات متطابقة تقريبا. والأدهى أن المخربين عمدوا إلى تحطيم لوحات منقوشة بعبارات دينية، مثل «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقد تكرر الفعل لأكثر من مرة، ما حمل أهالي المتوفين إلى الإسراع بوضع شكاية في الموضوع أمام السلطات المعنية، غير أن هذه الشكاية ظلت «ميتة» مثل الموتى. وقد أجمع الشارع المحلي على اعتبار هذا الفعل مسا بالشعائر الدينية واستفزازا مكشوفا لمشاعر ساكنة المدينة، ولذوي وأقارب المتوفين الراقدين تحت تراب المقبرة المحاطة بسور ناقص ومهترئ، وتتخلله شقوق ومنافذ في وجه كل من هب ودب من الغرباء والمتسكعين و»الشماكرية»، كما هي من دون حارس ولا إنارة أو طريق صالحة. وإلى حدود الساعة لم يتمكن أي متتبع من فك لغز الدلالات الكامنة وراء فعل التخريب الذي طال القبور، ولا تحديد هوية الأطراف أو الجناة الذين يقفون خلف هذا الفعل الإجرامي، كما لم يتمكن الجميع من ملامسة موقف السلطات المحلية والجهات المسؤولة من الموضوع وخلفياته وملابساته، وفات لبعض المواطنين القيام بإشعار الشرطة والباشوية بالأمر إلا أن بعض المسؤولين اكتفوا بالتعامل مع ذلك باستخفاف واضح على ما يبدو. وبمولاي بوعزة، إقليمخنيفرة أيضا، تم تنظيم مسيرة شبابية غير مسبوقة من أجل إثارة الانتباه لمظاهر الشعوذة وأنشطة الدجالين، حيث انتفض عدد كبير من شباب منطقة أبا يعزى الشهير ب»مولاي بوعزة»، في مسيرة ووقفة احتجاجية ضد تجار الخرافات من المشعوذين الذين يقومون بافتراس الماعز وأكل لحومها نيئة (خضرة) في طقوس بدائية رهيبة ودموية تقام كل أربعاء، بتزامن مع موسم الولي الصالح مولاي بوعزة، وعلى إيقاع من الدفوف و»الحضرة» و»الحيرة» و»الجدبة»، وحركات أخرى تجري لابتزاز المواطنين والمغفلين والأميين واليائسين والمحبطين بغاية تحقيق الطلبات ومحو الذنوب، سيما من أوساط النساء اللواتي يزرن الموسم من أجل التبرك بكرامات الولي الصالح عن طريق فتات وشعر وأمعاء وجلد الماعز المذبوح/ المفترَس مقابل مبالغ مالية وذبائح وهدايا يستولي عليها المشعوذون النصابون عبر طلاسمهم الشيطانية. المحتجون الشباب تمكنوا من تحريك المياه الراكدة بانتفاضتهم، ووقفوا في وجه المشعوذين والدجالين، ورددوا مجموعة من شعارات التنديد ضد استمرار هذه الطقوس المتخلفة التي تجد كل الدعم والمساندة من لدن الجهات المسؤولة عوض القيام ببرمجة أيام ثقافية ورياضية وفنية جادة تخلع عن المنطقة ما يسيء إلى سمعتها، وما يطبع اسمها من خرافات وجاهلية لا تريد أن تنتهي، بالأحرى الحديث عما تستقطبه هذه المواسم من منحرفين وشواذ وعاهرات وظواهر غريبة عن أخلاق وتاريخ المنطقة في وقت تتسارع فيه التطورات العلمية والفكرية بشكل يومي.