مؤتمر الجزيرة الخضراء هو مؤتمر عقد في 1906 لتقرير مصير المغرب كمستعمرة أوروبية وليس فقط فرنسية إسبانية. انطلق المؤتمر يوم 16 يناير 1906 بمشاركة اثنا عشر دولة أوروبية وشارك فيه الرئيس الأمريكي روزفلت كوسيط، وكانت تلك أول قضية دولية تتدخل فيها واشنطن منذ تأسيسها كدولة سنة 1775. وانتهت أشغال لقاء الخزيرات أو مؤتمر «القضية المغربية» يوم 7 أبريل من نفس السنة، بعد 6 أشهر من المفاوضات المتواصلة، حيث تم الإفصاح عن الوثيقة النهائية للمؤتمر. لقد ترتبت عن هذا المؤتمر عدد من الاتفاقات، أهمها جعل المملكة المغربية تحت حماية القوى الأوروبية الاستعمارية الرئيسية الاثني عشر وضمنها فرنسا، المملكة المتحدة، إسبانيا، المانيا وإيطاليا، وكان الشعار السياسي لقرارات المؤتمر هوالإصلاح، الحداثة وتدويل الاقتصاد المغربي. لقد عقد ذلك المؤتمر بعد سنوات من التناحر والخلاف (منذ اواخر القرن التاسع عشر) على الاراضي المغربية. خاصة منذ معركة تطوان سنة 1860 التي هاجم فيها الإسبان الشمال المغربي وبدأوا يزحفون صوب طنجة، فتدخلت بريطانيا لوقف ذلك الزحف. وبعد هزيمة فرنسا أمام ألمانيا سنة 1870، بدأت أطماع برلين تكبر نحو المغرب، فكان ضروريا بمبادرة من لندن عقد مؤتمر دولي حول المغرب سنة 1880 بمدريد، الذي كان أول مؤتمر دولي من نوعه حينها. ولم تكن فرنسا، المحتلة للجزائر منذ 1830، والتي كان قائد منطقتها الغربية بوهران الجنرال ليوطي (الذي سيصبح أول مقيم عام بالمغرب) الوحيدة المهتمة بالمغرب، بل كذلك إسبانيا الجارة الشمالية وإنجلترا والمانيا وإيطاليا وكلها كانت مصممة على احتلال المغرب. لكن فرنسا قد ضمنت حياد بريطانيا بتنازلها عن مصر في اتفاقية خاصة سنة 1904. ثم إيطاليا بتنازلها على ليبيا سنة 1911 . إلا أن التنافس ظل محتدا بينها وبين إسبانياوالمانيا التي وصل بها الامر إلى زيارة قيصرها غيوم الثاني لطنجة سنة 1905 عارضا مساعدات في خطاب امام السلطان مولاي عبد العزيز على المملكة المغربية مظهرا حسن نية وان ألمانيا ليست لديها أي اطماع استعمارية على عكس بقية القوى الاستعمارية الأروبية، في إشارة إلى فرنسا التي زار وزيرها في الخارجية ديكلسي ، فاس، حاملا معه جملة من مقترحات لإصلاح الإدارة والمالية في مقابل توقيع معاهدة ل «الحماية». أي حماية أروبية. وهو ما لم ينطلي على السلطان المغربي رغم ادراكه بان الاعتماد على بريطانيا، حليفه السابق الكبير، صار موضع شكوك اتفاقها مع فرنسا سنة 1904. وبدأت فرنساوالمانيا في الاتفاق على تنظيم مؤتمر دولي حول المغرب هو الذي سيعقد في الجزيرة الخضراء. والذي جمع بين اثني عشر دول اوروبيه، واختير الرئيس الاميركي ثيودور روزفلت وسيطا بين المغرب والأروبيين. وهو أول تدخل للولايات المتحدة في مجال السياسة الخارجية على الصعيد العالمي، مع مجموعة كسر مذهب مونرو (الذي يمنع التدخل الأمريكي في السياسة الدولية). إن المقررات النهائية لمؤتمر الجزيرة الخضراء الموقعة يوم 7 أبريل 1906، شملت تنظيم شرطة وجمارك المغرب، وإجراءات إدارية لوقف تهريب السلاح وامتيازات للبنوك الاوروبية ضمن بنك المغرب الحكومي المُنشأ حديثاً، واصدار سندات مدعومة بالذهب، واجبة السداد بعد 40 سنة. فيما البنك الحكومي الجديد سيعمل كبنك مركزي للمغرب، ولكن بحد صارم لنفقات القصر الشريفي، وفيه مديرون تعينهم البنوك الوطنية الضامنة للقروض في الامبراطورية الألمانية والمملكة المتحدةوفرنسا واسبانيا. وأقر استمرار تداول العملات الاسبانية في المغرب. كما أسس حق الاوربيين في تملك الأراضي بالمغرب. وأقر فرض الضرائب لتمويل المشاريع العامة. فيما احتفظ سلطان المغرب بالسيطرة على قوة للشرطة في ست موانئ، تتكون بالكامل من مسلمين مغاربة (وُضعت لهم ميزانية بمتوسط راتب سنوي قدره 1000 پزيتا). ولكنهم عمليا أصبحوا تحت إمرة ضباط فرنسيين واسبان، كما سيشرفون على الأمين (أمين الخزانة) وسطروا القوانين والتنظيمات الكفيلة بحفظ النظام ولا يمكن إقالتهم أو استدعاءهم إلا من قِبل حكوماتهم. والمفتش العام المسؤول سيكون سويسرياً ويقيم في طنجة. في اللحظة الأخيرة، للمؤتمر الدولي للجزيرة الخضراء الخاص بالمغرب، وجد المندوبون المغاربة أن ليس باستطاعتهم التوقيع على المقررات النهائية للمؤتمر، ولكن قراراً من السلطان مولاي عبد العزيز في 18 يونيو 1906 أقر تلك المقررات نهائياً. رغم ذلك، استمرت الأزمة بعد المؤتمر، حيث استدعت ألمانيا وحدات الاحتياط العسكرية يوم 30 دجنبر 1906 مقابل تحريك فرنسا القوات المحاربة إلى الحدود الألمانية يوم 3 يناير 1907. وفي نفس المؤتمر الأممي، وجد الألمان أنفسهم وحيدين رغم دعم النمسا لموقفهم، في محاولة توفيقية نمساوية رفضها الكل باستثناء ألمانيا. فقرر الألمان في 31 مارس ، 1906 قبول اتفاق توفيقي قصد إنقاذ صورتهم الدولية. كما وافقت فرنسا على الخضوع لسيطرة الشرطة المغربية ، لكن ذلك أبقى لها السيطرة الفعالة على الشأن السياسي المغربي والشؤون المالية. بعد ذلك، حاولت ألمانيا، بدورها، الحفاظ على مصالحها في المغرب. ولكن بعد فشل احتلال أغادير، في يوليوز 1911، قررت التخلي عن طموحاتها في المغرب لفرنسا في نونبر 1911 بعد أن تنازلت فرنسا عن الأراضي المتفق عليها معها في الكونغو والكاميرون، في مقابل موافقتها (ألمانيا) على فرض «الحماية» الفرنسية على المغرب.