إننا نرتاد الملاعب رغم علمنا بأننا معرضين بشكل أسبوعي للخطر، فكثيرا ما عاشت جماهيرنا أحداثا مأساوية. فقد توفي خلال الموسم الماضي أحد المتفرجين (العمراني) بعدما سقط في بالوعة عند مدخل مركب محمد الخامس، كما تعرض آخر بالباب رقم أربعة لحادث كسرت إثره ساقه، وفي تنقلاتنا إلى خارج الدارالبيضاء، كثيرا ما عاد بعضنا يلملم جراحه بعد تعرضه لخطر ما. ومازلت أتذكر كيف توفي أحد المشجعين الوداديين (أمين الروف) بميناء العيون في سنة 2007، عندما سقط من أعلى أحد الأسوار، دون أن يستفيد ذووه من أي تعويض. فنحن كأولترا لا يمكن لنا أن نؤمن المسافرين، لأننا جهة غير معترف بها قانونيا، وبالتالي يبقى تعويض الضحايا في حال انتقالهم في رحلات لتشجيع فريقنا غير ممكن، وقد نسقط في دوامة إثبات حقوق الضحايا. فعلى سبيل المثال حينما يكون الفريق مقبلا على خوض مباراة ما خارج مدينة الدارالبيضاء، نصادف بالمحطة الطرقية مثلا أعدادا كثيرة من المشجعين، وقد تجمعهم الصدفة وحب الوداد، وقد تكون الحافلة ممتلئة بالجماهير، هنا عندما تقع الكارثة، من سنحاسب؟ إن الغالبية العظمى من الفرق المغربية لا تعرف أي شيء عن جماهيرها، وكيف يسافرون لدعمها. نحن لا نطلب أن نستفيد من المجانية، بل العكس لا نقبل أن يتم النظر إلينا كعالة، ولكن نريد أن تواكب هذه الفرق رحلات مشجعيها بالتنسيق مع سلطات المدينة، التي يتم الانتقال إليها، للحرص على سلامتهم، علما بأنهم يعرضون حياتهم للخطر من أجل حب الفريق. ومع الأسف الشديد، فحينما يصاب شخص ما، فإن هذا الرئيس أو ذاك يوظف العملية لتلميع صورته، ويحول المساعدة التي يقدمها إلى عائلته كما لو أنها صدقة، متناسيا أن هذا الشخص تعرض لهذا الحادث حبا في الفريق، ومن حقه على هذا الفريق أن يرعاه حتى يشفى، وأن يعوض ذوو الحقوق بشكل يضمن الكرامة في حالة الوفاة. وعلى مستوى الجامعة، نجدها لا تعير سلامة الجماهير أي اعتبار، وكأنهم مجرد أكسسوارات في المشهد الكروي، وليسوا فاعلين أساسيين في اللعبة. إن ملف تأمين الجماهير بالمدرجات لا يمتد إليه التأطير القانوني، وحتى إن وجد، فإنه يبقى متواضعا ولا يضمن حقوق الضحايا. نحن مع الأسف لا نفكر في الداء قبل حلوله، وأخشى أن تقع يوما ما كارثة مثل مأساة «هيزل» أو بورسعيد، لذا علينا أن نفكر في صيغة قانونية تضمن حقوق هذه الشريحة التي تعرض حياتها للخطر حبا في كرة القدم. فالتجارب العالمية تحمل مجموعة من التدابير، التي يجب علينا أن نقتدي بها. لقد حان الوقت لتنظيم مناظرة وطنية حول واقع كرة القدم الوطنية، وأن يتم خلالها تشريح نظام الممارسة، وإصدار قوانين تنظم مختلف مجالات اللعبة، وتشخيص الحالات واستعراض حجم الأخطار التي تحذق بها، وبالتالي التفكير في الحلول. فلا يمكن الحديث عن الاحتراف دون النظر في وضعيات كل المتدخلين في نظام الممارسة، كأن يتم مثلا إحداث صندوق خاص لهذا الغرض، وأن يتم تمويله من طرف كافة الأندية، وأن تحدد طريقة استفادة الضحايا.