عاشت الجماعات المحلية بتراب عمالة إقليم مديونة في شهر فبراير الماضي، كما هو حال مختلف جماعات البلاد، على إيقاع دورة الحساب الإداري، والتي يكون خلالها رؤساء الجماعات مطالبين بإبراء ذمتهم كآمرين للصرف عبر إعداد تقارير مالية مصادق عليها من طرف المجالس، في حين أن رفض الحساب الإداري يعني أن الأمور ليست على ما يرام، و أن سلطة الوصاية مطالبة بالتدخل قبل أن يصل الأمر إلى المجلس الجهوي للحسابات كما ينص على ذلك قانون الميثاق الجماعي. وحسب مصادر عليمة، فإن العديد من المستشارين بجماعات الإقليم لا يملكون أدوات التتبع لما يخص تدبير مالية الجماعة، مما يجعلهم يصوتون لفائدة الحساب الإداري دون تقديم الأسباب أو رفضه دون تعليل مكتوب إلى الجهاز الوصي، كما يشير إلى ذلك القانون المنظم للعمل الجماعي. وفي هذا السياق، أوضحت المصادر ذاتها أن بعض الإداريين يتحولون إلى مستشارين قانونيين لرؤساء الجماعات يقترحون الطرق المناسبة للالتفاف على الميزانية، دون ترك أي أثر يؤشر على ارتكاب تجاوز ما، في ظل وجود نسبة كبيرة من المنتخبين يجهلون الجانب المحاسباتي للميزانية ، مما يكون لذلك أثرا سلبيا في الحد من قيمة الدور التنموي الذي يجب أن يقوم به المنتخب الجماعي في الدفع بعجلة التنمية، ويبقى دوره تقليديا لا يتعدى التوقيع على بعض الشواهد الإدارية... أما المشاريع التنموية الكبرى على الرغم من أهميتها فهي آخر شيء يفكر فيه المنتخب الجماعي من هذه العينة! إن المصلحة الضيقة لبعض المنتخبين بجماعة المجاطية، على سبيل المثال لا الحصر، هي التي دفعتهم للتصويت على ما سُمي بالحساب الإداري، مما جعل الرئيس يضمن ولاء مستشاريه الغاضبين من تسييره الانفرادي للشأن المحلي، ومن ثم تبرئة ذمته كآمر للصرف. فدورة الحساب الإداري، وفق بعض المهتمين بالشأن المحلي بالمنطقة، تحولت في بعض جماعات إقليم مديونة إلى بقرة حلوب، كل طرف يطالب بنصيبه حتى يضمن الآمر بالصرف تفادي «شرهم»، وبالتالي تجنب تدخل المجلس الجهوي للحسابات. وقال بعض الفاعلين الجمعويين بالمنطقة «إن استعمال المال لشراء الذمم والضمائر أثناء الاستحقاق الجماعي السابق واختطاف المستشارين ووضعهم في مكان مجهول إلى حين تكوين المكتب المسير وانتخاب الرئيس لا ينتج عنه إلا مثل هذا النوع من التسيير العشوائي الذي رهن التنمية إلى أجل غير معلوم». وفي انتظار أن تتدخل الداخلية لكشف حقائق ما يجري بجماعات اقليم مديونة بكل تدقيق للحساب الإداري و معرفة مصير الفائض الحقيقي للميزانية والطريقة التي تبرمج بها الميزانية المخصصة لبعض الجمعيات وحرمان أخرى، في انتظار ذلك يتساءل العديد من الجمعويين: هل تهب رياح التحقيقات حول سوء التدبير الجماعي وتدبير المال العام والاغتناء غير المبرر و الموظفين الأشباح والذبيحة السرية والبناء العشوائي... بجماعات الإقليم؟