لا يفوت المجلس البلدي للدريوش أية فرصة ليثبت لعموم المواطنين والسلطات المعنية وفعاليات المجتمع المدني، أنه مجلس فاشل ودون تطلعات مدينة تعد مركزا للإقليم. فهو يثبت كل يوم أنه مجلس يفتقد إلى الشعور بالمسؤولية وإلى فضيلة احترام المواطنين من خلال حرصه على خدمة مصالح بعض أعضائه ونهج أساليب التعتيم وحجب المعلومات عن الرأي العام من أجل التستر على فضائحه المتكررة وفشله الذريع في تدبير الشأن العام. وآخر «منجزات» هذا المجلس العائلي الفريد من نوعه في المغرب والمشرق، ما حدث في دورته لشهر فبراير الأخيرة التي تضمن جدول أعمالها خمس نقط، حيث بدأت الجلسة عمومية مفتوحة في وجه المواطنين، وحينما كان الجميع يتطلع لمناقشة الحساب الإداري والاطلاع على برمجة الفائض تحولت أمام استغراب الجميع، وبطلب من النائب الأول للرئيس، إلى جلسة سرية، حيث أخليت القاعة مما دفع بمراسل الاتحاد الاشتراكي إلى الاحتجاج بقوة على هذا القرار غير القانوني الذي سهر على تنفيذه باشا المدينة بصفته ممثلا للسلطة المحلية ، معتبرا أن سرية الجلسة قانونية .واحتجاجا على هذا القرار غير الشرعي والذي يتنافى مع المبادئ الديمقراطية ومع روح الدستور المغربي ونصوصه الصريحة التي تِؤكد على حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة وضرورة إشراك المجتمع المدني في بلورة السياسات العمومية، انسحب الممثل الوحيد للمعارضة بالمجلس المستشار عن الاتحاد الاشتراكي محمد اليعقوبي. وقد استنكرت مختلف فعاليات المجتمع المدني وعموم المواطنين تحويل دورة فبراير إلى جلسة سرية بعد الوصول إلى مناقشة الحساب الإداري وبرمجة الفائض، واعتبرته إجراء غير قانوني، محملة في ذلك المسؤولية لرئيس المجلس وباشا المدينة، على اعتبار أن المادة 63 من الميثاق الجماعي لا تتحدث عن نقط سرية في جدول الأعمال وإنما عن "مجلس سري"، كما أن الرئيس لم يحترم شرط التوصل بطلب من ثلاثة أعضاء كما تنص على ذلك المادة نفسها. ويتساءل الرأي العام حول دوافع تحويل الدورة من العلنية إلى السرية عند الوصول لمناقشة الحساب الإداري بالذات رغم أن الدورة كانت تمر في هدوء تام حيث لم يسجل أي إخلال من لدن المواطنين الحاضرين "بالنظام العام أو الهدوء الذي ينبغي أن يسود المناقشات" . وبالعودة إلى جدول الأعمال، يتبين أن المجلس قد أعاد برمجة نقطة تفويت تسيير مرفق الإنارة العمومية إلى المكتب الوطني للكهرباء، وهي النقطة التي أقرها المجلس في دورة سابقة كما وافق على طلب قرض من صندوق التجهيز الجماعي لتمويل مشروع تهيئة الطرق بالمدينة.أما النقطة الثالثة فقد كشفت مرة أخرى أساليب التزييف التي احترفتها رئاسة المجلس الجماعي ،حيث دافعت عن السماح «بفتح واجهات على القطعة الأرضية التي تم تخصيصها كمنطقة خضراء بشارع القدس» بدعوى الحرص على جمالية المدينة وتفادي الواجهات العمياء... إلخ ، بينما الحقيقة الساطعة تبين أن الأمر يتعلق بقطعة أرضية واحدة لا غير في ملكية أحد أعضاء أغلبيته. فالرئيس لم يتورع عن تسخير المجلس لخرق قوانين التعمير من أجل مصالح عضو واحد من أعضاء المجلس مكافأة له على تجنده الدائم للتصويت على مقرراته والتغاضي عن فضائحه المستمرة ومنها فضائح الحساب الإداري الذي تم تهريب مناقشته بعيدا عن أعين المواطنين وأسماعهم. وقد تميز الحساب الإداري، الذي حصلنا على نسخة منه، بمجموعة من الاختلالات التي يبدو أنها كانت سببا في حجب مناقشتها عن المواطنين، نعرض لبعضها بإيجاز: على مستوى المداخيل: نسجل باستغراب استمرار اعتماد المجلس على حصة الجماعة من الضريبة على القيمة المضافة التي تشكل 68% من مداخيل الجماعة البالغ مجموعها حوالي 10687176.00 درهم ، وذلك راجع بالأساس إلى تهاونه في تحصيل موارد الجماعة بسبب محاباة ذوي المصالح حيث تعرف المبالغ الباقي استخلاصها تضخما سنة بعد أخرى، إذ فاقت 1133571.00 ، أي بواقع حوالي 13 % من المداخيل المقررة. كما يلاحظ أيضا أن مداخيل الرسوم الحضرية سواء الرسم على عمليات البناء أو شغل الأملاك العمومية أو الرسوم المشابهة تبقى ضعيفة بسبب التغاضي عن البناء غير المرخص واحتلال الملك الجماعي بشكل فظيع إلى درجة أن بعض السكان قاموا بوضع سياجات معدنية بالأرصفة، بل ووصل الأمر ببعضهم إلى سد الشوارع بالجدران والأبواب الحديدية في غياب تام للمصالح البلدية.أما الضريبة الحضرية وضريبة النظافة فلم يشرع في استخلاصها منذ تحول الجماعة إلى جماعة حضرية سنة 2009 . غير أن أكبر «فضائح» المجلس تتمثل في المبلغ المصرح به لمداخيل الوقوف والدخول إلى الأسواق وواجبات أسواق البهائم ، حيث تم حصره في 417140 لا غير بينما كان السوق الأسبوعي للمدينة يكترى بما يزيد على 800000 مع الأخذ بعين الاعتبار أن مساحة السوق قد توسعت بشكل كبير، مما يعني أن المداخيل يجب أن تتجاوز حاجز 800000 درهم لا أن تتقهقر إلى النصف.وفي هذا السياق يتساءل الرأي العام أين ذهب الباقي؟ ويكشف الشق المتعلق بالمصاريف أيضا عن تضخيم الأرقام ، حيث تم صرف مبلغ 100000 درهم عن الأشغال الشاقة و«الموسخة» ومبلغ 120000 للوازم المكتب مع أن بلدية الدريوش من الجماعات الصغيرة حيث لا يتجاوز عدد سكانها 12000 نسمة ! بمعنى أن الجماعة قد استهلكت 10 دراهم عن كل مواطن من لوازم المكتب وهذا رقم أكثر من خيالي.كما استهلكت الجماعة وفق الحساب الإداري الذي قدمه الرئيس ما مجموعه 323600 درهم كمصاريف للسيارات والشاحنات 223992 درهما للوقود والزيوت و99600 لقطع الغيار والإطارات، علما بأن البلدية تملك شاحنتين لجمع النفايات وسيارة صغيرة فقط لا غير .فهل يعقل أن تستهلك كل هذا الوقود .وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الشاحنتين القديمتين قد أحيلتا على «التقاعد» بعد شراء شاحنة جديدة والحصول على شاحنة أخرى من العمالة، فكيف تم استهلاك حوالي 10 ملايين سنتيم من قطع الغيار؟ وحدد الحساب الإداري مبلغ رسوم ومستحقات المواصلات اللاسلكية في 100000 ، أي ما يقارب 10000 درهم في الشهر تقريبا رغم الانخفاض الكبير الذي عرفته تسعيرة الهاتف. جدير بالذكر أنه في ظل غياب المحاسبة وعدم تفعيل الرئيس للجان المجلس الدائمة وعدم تزويدها بالفواتير والوثائق اللازمة، تبقى كل الأمور طي الكتمان فلا أحد يعلم من يستفيد من اشتراكات الهاتف وكيف يتم صرف المبالغ المالية المرصودة التي تبقى في الغالب الأعم صورية بالنظر إلى غياب أي أثر لها على أرض الواقع.وفي هذا السياق يعمد الرئيس إلى تبني بعض أعمال المجتمع المدني ونسبتها إلى المجلس من قبيل صيانة المقابر وإصلاح منشآت الإنارة العمومية، فالقاصي والداني يعرف أن المجلس لم يسبق له أن قام بإصلاح المقابر على اعتبار أن المحسنين دأبوا على ذلك ! أما الإنارة العمومية فالمجلس سن سنة خاصة به حيث يكتفي بمنح رخص التركيب فقط ويلزم المواطنين الراغبين في إنارة شوارعهم بشراء المعدات بأنفسهم . وتكشف أرقام الحساب الإداري أيضا عن تجاهل المجلس للتنمية الاجتماعية والثقافية، حيث خصص اعتمادات ضعيفة للإنفاق على هذه المجالات، وحتى هذا القليل لم يتم صرفه. ولذلك ليس من المستغرب أن تعرف الرياضة والثقافة تراجعا غير مسبوق في عهد هذا المجلس. وفي هذا السياق نذكر بتقديم فريق "شباب الدريوش لكرة القدم" الذي كان يمارس بالقسم الثاني هواة ، لاعتذار عام بسبب غياب الدعم المالي ، وهوالفريق الذي كان قاب قوسين من الصعود إلى القسم الثاني للنخبة قبل موسمين فقط .أما الثقافة فتقع خارج اهتمامات هذا المجلس وهذا أمر "طبيعي" ومفهوم من مجلس أغلب أعضائه لا علاقة لهم بالعلم والثقافة! وانطلاقا من المعطيات السالفة الذكر، يطالب المواطنون والفعاليات الأصيلة في المدينة ، السلطات الوصية على مستوى وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات ، بإيفاد لجان افتحاص إلى جماعة الدريوش للوقوف على كافة الاختلالات، وفي هذا السياق يشير المتتبعون إلى ضرورة التحرك من قبل الجهات المعنية ، حيث يُتداول أن بعض الأطراف التي تخشى من المحاسبة، تخطط لحرق أرشيفات الجماعة قبل الانتقال إلى مقر البلدية الجديد الذي تم الانتهاء من تشييده!