يعتبر البولياتريت روماتويد la polyarthrite rymathoide أو الروماتويد المفصلي أحد الامراض الروماتزمية المزمنة الذي يشكل وفق التقديرات الحالية والدراسات المنشورة إشكالية حقيقية للصحة العمومية ببلادنا.إذ انه يصيب بين 0.7 و1.03 في المائة من المغاربة, أي ما بين 15 ألف و350 الف شخص بالمغرب .يصيب هذا المرض المناعة الذاتية فيؤدي إلى تورم المفاصل مما يتسبب في الشعور بآلام حادة وشديدة ينتج عنها صعوبة في الحركة ثم تشوه العضو المصاب ،بل قد يؤدي الروماتويد في أغلب الاحيان إلى العجز الكلي, إذ يفضي إلى تدهور خطير في نسبة العمر الافتراضي للمريض .وحسب الابحاث العلمية, سواء منها الوطنية أو بدول اخرى أو لمنظمات عالمية, فإن الروماتويد المفصلي من شأنه أن يقلص أمد حياة المصاب من 5إلى 10 سنوات. وعلى المستوى الاجتماعي يشكل هذا المرض عبئا ثقيلا باعتباره مسؤولا عن توقف مزاولة الاشخاص المصابين لنشاطهم المهني او الحياتي اليومي في غضون الثلاثة سنوات الاولى من الاصابة .بالإضافة إلى انه مسؤول عن ارتفاع معدلات الطلاق والهدر المدرسي, خاصة لدى الفتيات من أجل الاهتمام والرعاية بأمهاتهن المريضات. وللآسف الشديد فمرضى الروماتويد المفصلي ما يزالون يعانون التهميش والعوز والإقصاء في زمن الالفية الثالثة،في الوقت الذي يتم فيه التهليل والتطبيل لميثاق حقوق وواجبات المواطنة والحريات الاساسية وفي عهد دستور جديد ينص في منطوقه على ترسيخ ترسانة من الحقوق ترقى إلى مستوى المجتمعات الديمقراطية المتقدمة وفي مقدمتها الحق في الحياة والحق في السلامة الجسمانية. وجدير بالذكر ان الابحاث العلمية والمخبرية, سواء منها العالمية او الوطنية لم تتوصل بعد إلى اكتشاف دواء يشفي تماما من مرض الروماتويد المفصلي .وكل ما توصل إليه العلم الحديث في مجال الصناعة الدوائية هو الادوية التالية: 1. مابتيرا 500 ملغ mabthera 500 mg وهي عبارة عن حقنة تضخ في الوريد وتستوجب وضع المريض بالمستشفى تحت العناية المركزة وتحت إشراف طبيب مختص في الطب الباطني أو الروماتيزم أو العظام والمفاصل.ويصل ثمن هذه الحقنة إلى 15444.00 ده ويحتاج المريض إلى 4 حقن خلال كل سنتين مدى الحياة وهو ما قيمته 61776.00 ده. 2. ألوكريزين حقنة من فئة 100 ملغ allochrisine injectable ampoule de 100mg تستعمل أسبوعيا مدى الحياة وتحتوي على نسبة ملوحة جد مرتفعة يمكن ان تتسبب في حدوث مضاعفات على مستوى الكلي, مما يتطلب القيام بتحليلة مخبرية كل اسبوع قبل الحقن مباشرة لقياس نسبة الملوحة في الدم. 3. ميتوتريكسات حبوب 2.5 ملغ او 5ملغ methotrexate comprimé 2.5mg ou 5mg وتستعمل بنسبة لا تقل عن 4 حبات في الاسبوع وقد تتسبب في اعراض جانبية أخرى مما يستوجب مصاحبتها بدواء آخر لامتصاص ما قد يؤدي إلى اعراض جانبية ويسمى هذا الدواء سبيسيا فولدين specia foldine comprimé الادوية المكلفة والباهظة الثمن وللأسف الشديد فإن الأدوية المشار إليها جميعها غير متوفرة بالصيدليات الوطنية يضطر المريض أو أسرته إلى اقتنائها من دول أوربا إن توفرت له سبل عبور الحدود أو كان محظوظا بارتباطه بأحد العاملين بالمهجر أو بمستخدمي الخطوط الجوية الملكية .كل هذا إن توفرت الامكانيات المادية الجد مكلفة. وإن توفرت التغطية الصحية،التي في حال توفرها ،فإن المريض يدخل في متاهات أخرى من بينها أنه على الرغم من أن قانون 65.00 الخاص بالتأمين الصحي الاجباري ينص على التعويض عن هذه الادوية بنسبة 100% باعتبار الروماتويد المفصلي يدخل في زمرة الامراض الطويلة الامد ،فإن واقع الحال يثبت أن كلا من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي cnss والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي cnops كلاهما لايعوض إلا في حدود نسبة 70 % أو أقل أحيانا كثيرة ،بل غالبا ما ترجع ملفات المرض بحجة أن ثمن الادوية المقتناة بالا ورو أو بعملة أخرى غير الدرهم المغربي تستوجب مصادقة الصيدلاني البائع بإحدى دول القارة العجوز وهو ما يستحيل الاستجابة إليه ومن ثم تضيع حقوق المرضى في استرداد مبالغهم المستحقة. وبالإضافة إلى نفقات الادوية المشار إليها أعلاه الباهظة التكاليف, فإن المريض يظل مطالبا بالقيام بتحليلات مخبرية بقيمة قد تصل إلى 1000 ده على الاقل 4 مرات في السنة بالإضافة إلى الفحوص بالأشعة وأجهزة الراديو واقتناء المرهمات الجلدية للتدليك وتكبد نفقات حصص الترويض الطبي وبعض الادوية المسكنة للألم . هذا بالنسبة للمريض المتوفر على تغطية صحية.أما الغالبية العظمى من المرضى غير المشمولين بنظام التغطية الصحية الاجبارية فإن وضعيتهم أشد وقعا وأثرا. فكم استبشر مرضى الروماتويد المفصلي خيرا عندما سمعوا عن تأسيس جمعية مغربية لمحاربة مرض الروماتويد فهرعوا للانخراط بكثافة وشاركوا في الوقفة الاحتجاجية التي قامت بها الجمعية أمام مقر الوكالة الوطنية للتأمين الصحي مطالبة برعاية حقوق المرضى المصابين ومستنكرة لامبالاة السلطات الصحية المعنية بملفهم. ورغم طلب لقاء السيد وزير الصحة الذي تقدمت به الجمعية, فإنها ما زالت تنتظر استجابة البروفيسور الوردي الطبيب المختص في الانعاش والتخدير المؤدي لقسم أبقراط ووزير الصحة في حكومة السيد عبدالاله بنكيران لتخصيص حيز من وقته وعقد لقاء للإصغاء لهموم وانشغالات ومشاكل مرضى الروماتويد المفصلي وأهمها: * التعويض عن المرض بنسبة 100 % بدلا من 70 % * الاعفاء من الثلث المؤدى. * الدعم الكامل والمسبق للمرض والعلاج. * تحمل العلاجات المبطنة للمرض الجد مكلفة * توفير الدواء والعلاج مجانا لجميع المرضى المعوزين. * توفير الادوية الخاصة بالمرض بالسوق الصيدلانية المغربية * إحداث برنامج وطني للولوج إلى العلاجات لفائدة المرضى المعوزين باعتباره الوسيلة الوحيدة لمساعدة المرضى . إن الحكامة الجيدة تقتضي ترتيب سلم الاولويات والعمل وفق أجندة في مقدمها مرضى الامراض المزمنة ومن بينها الروماتويد المفصلي أو البولياتري ريماتويد .وكل تأخر أو تباطؤ في معالجة هذا الملف قد يتسبب في إعاقات جسدية أو -لاقدر الله-في الوفاة ومن ثم بات يستوجب تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة ولم لا تحريك المسطرة الجنائية لمتابعة المسؤولين عن القتل أو إحداث الاعاقة الناجمين عن الاهمال واللامبالاة.