فقدت الأسرة الاتحادية بالدارالبيضاء، صباح يوم الخميس فاتح مارس 2012 ، أحد المناضلين الكبار بتاريخهم وتضحياتهم.. إنه الفقيد مصطفى هلالي من مواليد 21/04/1939، الذي نشأ وترعرع وسط عائلة اتحادية مناضلة. شارك مصطفى هلالي في المقاومة ضد الاستعمار، وبعد حصول المغرب على الاستقلال انخرط في جيش التحرير بالجنوب «إيفني». كما يعتبر من المؤسسين للإتحاد الوطني للقوات الشعبية، ومن مؤطري مجموعة من القطاعات النقابية بتراب الفداء. عايش النضالات التي سطرها عريس الشهداء «المهدي بن بركة»، وظل الفقيد يعيش معاناة من نوع خاص ليست ذاتية أو جسدية، بل كانت معاناته هي المعاناة التي يعيشها المواطن المغربي يوميا. اعتقل مصطفى هلالي سنة 1963 وحكم عليه بالسجن ، إذ عاش المغرب في نهاية تلك السنة محاكمة سياسية كبرى هي الأولى من نوعها في عهد الاستقلال، من حيث التغطية الإعلامية، كما أكد ذلك الأستاذ عبد اللطيف جبرو في إحدى كتاباته الصحافية بتاريخ 25 فبراير 2000، والتي جرت وقائعها يوم السبت 23 نونبر 1964. وهي المدة التي كانت التلفزة المغربية قد أكملت فيها سنتها الثانية. فقد تم استعمال شاشة التلفزة على أوسع نطاق لتتبع أخبار القمع الذي بدأ في يوليوز للوصول إلى مرحلة المحاكمة في نونبر... وطبعا كانت التغطية التلفزية، بحسب التوجه الذي أراده خصوم الديمقراطية الذين كانت لهم سيطرة مطلقة على مختلف الأجهزة، بما فيها جهازا التلفزة والإذاعة وبعض الصحف، بعدما تم منع جريدة التحرير من الصدور، وهي الجريدة التي كان الفقيد مصطفى هلالي يداوم على الكتابة في عمودها «الكواليس». وللإشارة، فهذه المحاكمة السياسية الكبيرة استهدفت عشرات المناضلين، من ضمنهم المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، والمرحوم الفقيه البصري وغيرهما . عفة الفقيد وقناعته اللامحدودة بنضاله لصالح وطنه ومواطنيه، جعلته يرفض تسلم بطاقة المقاومة، لأنه كان مقتنعا بما كان يناضل من أجله ولم يقبل بالمساومة على نضاله ، وهو الشيء نفسه الذي جعله يرفض رفضا قاطعا تقديم ملفه لهيئة الإنصاف والمصالحة، بل كان يقلقه هذا الحديث من قبل كل الذين فاتحوه في هذا الموضوع أكثر من مرة، مؤكدا أنه لم يفكر في أي يوم ، وتحت أي ظرف قاهر، أن يطلب تعويضا لما ناضل من أجله. الفقيد كان أيضا، وطيلة الأيام الأخيرة من حياته، أحد رفاق المناضل محمد منصور أطال الله في عمره. ترك الفقيد المناضل مصطفى هلالي مسودات عن تاريخ المقاومة المغربية، يبقى الأمل أن يتم الإفراج عنها، لأنها ، بكل تأكيد، يقول بعض مجايليه، تؤرخ، بالتاريخ وبالساعة، للحظات مشتعلة في تاريخ المقاومة المغربية. رحم الله فقيدنا المناضل مصطفى هلالي، وأسكنه فسيح جنانه وألهم أفراد عائلته: في مقدمتهم إخوته: عبد الهادي، عبد الواحد، جواد وإدريس...، وأبناؤه، وكافة الأهل والأصدقاء والمعارف بمنطقة درب السلطان وغيرها، الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.