أكدت لنا مصادر مطلعة أن وزارة الاقتصاد والمالية توصلت حتى الآن بردود من ثماني وزارات، تعتزم إدراج مؤسسات عمومية ومديريات تابعة لها للافتحاص المالي خلال العام الجاري من قبل المفتشية العامة للمالية. وقالت مصادرنا إن وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة قد راسل قبل 10 أيام، مختلف الوزارات بخصوص تحديد المؤسسات العمومية والمديريات التي تستوجب أوضاعها إجراء افتحاص مالي ، حتى يتسنى إدراجها في البرنامج السنوي للمفتشية العامة للمالية، مضيفة أن هذه الوزارات الثمان، تنتمي لمختلف مكونات الأغلبية وليست محصورة في حزب معين، ومن ضمنها وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية والإسكان والتعمير.. غير أن المثير في الخبر هو عدم استجابة بعض الوزارات التي كثر حولها الجدل للرد على رسالة الوزير الاستقلالي نزار بركة، كوزارة الصحة التي ملأت فضائحها صفحات الجرائد والتي تستلزم مصالحها الداخلية ومندوبياتها الخارجية أكثر من لجنة واحدة للافتحاص، وهي الوزارة ذاتها التي كانت مؤخرا موضوع تفتيش دقيق من قبل المجلس الاعلى للحسابات، حيث أخضع قضاة المجلس مجموعة من مصالحها لفحص شامل لوثائق الصفقات المعروضة عليهم، وقد كانت جريدتنا سباقة في إثارة فضيحة صفقة تبلغ قيمتها حوالي 450 مليون درهم لاستيراد لقاحين جديدين إلى المغرب وهما Rotavirus و pr?vinar antipneumococcique الخاصين بالأمراض الصدرية والتنفسية، والإسهال وهي الصفقة التي تمت من دون احترام المساطر القانونية بحسب تسريبات من داخل وزارة الصحة. ومن بين الوزارات التي لم تستجب هي الاخرى لرسالة وزير الاقتصاد والمالية ، ذكرت مصادرنا وزارة التجهيز والنقل وكذا وزارة السياحة .. غير أن الإشكال الخطير الذي يطرح على مستوى التدقيق المالي لحسابات الدولة والمؤسسات التابعة لها، هو محدودية الموارد البشرية الموضوعة رهن إشارة المفتشية العامة للمالية والتي لا يزيد عدد مفتشيها عن 60 مفتشا، يفترض فيهم نظريا أن يغطوا مجموع المؤسسات العمومية التي يفوق عددها ال 500 مؤسسة، ناهيك عن مئات المندوبيات والمصالح الوزارية المنتشرة على امتداد التراب الوطني، وهو ما يفسر إفلات العديد من مؤسسات الدولة من التفتيش والمساءلة لسنوات عدة على الرغم من الفضائح المالية التي قد تفوح منها، والتي لا سبيل الى التحقق منها في غياب حصيص كاف من المفتشين الماليين للدولة، يتمتعون بما يكفي من الكفاءة المهنية والاستقلالية عن أي ضغط أو توجيه سياسي من رؤسائهم، ولا جدوى طبعا من تقاريرهم إذا لم تكن متاحة للنشر على العموم انسجاما مع روح الدستور الجديد في ما يتعلق بحق الوصول الى المعلومة. وهو ما قد يتداركه مشروع إصلاح الاطار القانوني للمفتشية العامة للمالية المنتظر خروجه قريبا إلى حيز الوجود.