اتسعت هوة الخلاف داخل أسرة رياضة الريكبي، التي وجدت نفسها تسير برأسين. فالوزارة قررت تكوين لجنة مؤقتة، وأصرت على تفعيل مقصلة الفصل 31 من قانون التربية البدنية (الفصل 22 سابقا)، بمجرد توصلها باستقالة الرئيس السابق سعيد بوحاجب، يوم 24 من شهر نونبر، (يوما واحدا قبل الانتخابات التشريعية). فرغم أن الجامعة حددت موعدا لعقد الجمع العام، ودعت الأندية إلى ذلك، اعتبرت الوزارة أن الوضع لا يسمح بعقد جمع عام، أسفر عن انتخاب مكتب جديد، برئاسة الطاهر بوجوالة. في هذا الحوار نقف على وجهة نظر المكتب الجامعي، وماهي دفوعاته دفاعا عن موقفه. ماهي أسباب هذ الوضع الذي تعيشه جامعة الركبي؟ في البداية، أشكر جريدة «الاتحاد الاشتراكي» على اهتمامها بما تعيشه الجامعة، بعد قيام الوزارة بإعلان لجنة مؤقتة مكلفة بالتسيير. ما أود أن أشير إليه هو أن الوزارة حينما أقدمت على اتخاذ هذا القرار، فإنها أغفلت، مع الأسف، جانبا مهما وهو الجانب القانوني، لأنها أنهم تسرعت في هذا القرار دون احترام القانون. كيف؟ كان يتعين على الوزارة الوصية أن تثبت خطورة الأفعال التي قامت بها الجامعة، وأن تخاطب المكتب الجامعي أولا، لكنها أصرت على فرض موقفها، من خلال قرار استندت فيه إلى أربعة مرتكزات، كانت استقالة الرئيس أولها. وهنا أود الإشارة إلى أن الرئيس السابق، سعيد بوحاجب، لاعتبارات خاصة وفي ساعة غضب - وهذا حقه - تقدم باستقالته في 24 نونبر 2011. هذه الاستقالة لم تكن قانونية، لأنه كان يتعين عليه أن يتقدم بها للمكتب الجامعي، الذي له صلاحية البت فيها واتخاذ القرارالأنسب، عبر تحديد موعد لعقد جمع عام. أما النقطة الثانية، فكانت هي استحالة عقد جمع عام عادي، وهذا يتنافى مع القانون، لأننا، كأندية، نتوفر على وثائق تؤكد أن موعد عقد الجمع العام، كان هو يوم 19 نونبر 2011، وتأجل إلى يوم 10 دجنبر لعدم توفر النصاب القانوني، وبموجب القانون يتأجل 21 يوما وينعقد حينها بمن حضر. وفعلا توصلنا بمراسلة من الرئيس بوحاجب بتاريخ 23 نونبر 2011 تدعونا للجمع العام الثاني. وبينما كنا نحن نستعد للجمع العام، فوجئنا بقرار الوزارة بتعيين لجنة مؤقتة في اليوم الذي توصلت فيه باستقالة الرئيس. هنا بادرنا إلى الاتصال بالوزارة المعنية وأخبرنا المسؤولين بأن القرار غير قانوني، وبينا لهم وجهة نظرنا حسب القوانين المنظمة للجامعة. فكيف تأكدت للوزراة من استحالة عقد جمع عام، ونحن نهيء له وفق المسطرة القانونية؟ لقد أخبرت الكاتب العام للوزارة بأننا نتوفر على دعوة لعقد الجمع العام بتاريخ 10 دجنبر، وأن الوزارة تسرعت في تعيين لجنة مؤقتة بحجة استحالة عقد الجمع العام، وطالبت بتصحيح الخطأ بالشكل الذي يحفظ للوزارة ماء وجهها. كما اتصلت أيضا بمدير الرياضات بالوزارة، غير أن رده كان مستفزا. لقد أجابني بأن الوزارة هي المخول لها تدبير الشأن الرياضة، ولها الحق في أن تتخذ أي قرار تراه مناسبا. هنا تبين لي بعد هذا التعنت أن الطريق الذي علي سلكه هو القضاء، لإعادة الأمور إلى نصابها، لأن الوزارة حسب ديباجة قانون التربية البدنية هي مسؤولة فقط عن «تنمية الحركة الرياضية، حيث تقوم بتأطيرها ومراقبتها»، والمادة 31 من ذات القانون تؤكد أنه «في حالة ارتكاب الجامعة خرقا خطيرا لأنظمتها الأساسية أو إخلالها بالتشريعات أو بالنظام الذي يسري عليها، أو إذا أصبح سير الجامعة ونشاطها مضرا بالنشاط الرياضي المعني» يحق للجهاز الإداري المعني تصحيح الوضعية في أجل لا يقل عن ثلاثة أسابيع. ونحن كجامعة لن نتوصل بأي رسالة هذا المجال. ولم يتبث في حقها أي سوء تصرف أو أي خرق. كيف جاء انتخابكم على رأس الجامعة، خاصة وأن الوزارة أعلنت على لجنتها المؤقتة؟ طبقا للمراسلة التي نتوفر عليها، والتي تدعونا إلى الجمع العام الثاني يوم 10 دجنبر، عقدنا جمعنا وفق الشروط القانونية، بحضور عون قضائي دون في محضره كل الوقائع والكيفية التي جرى بها الجمع العام. القانون ينص على أن الجمع العام الثاني ينعقد بمن حضر، وجرت خلاله الأمور بشكل عادي، ونتوفر على محضر يتضمن كل الوقائع. وبناء على هذا المحضر أصدرت المحكمة حكمها، لأننا نتوفر على وصل إيداع قانوني، ومحضر رسمي. ماهو الحكم الذي أصدره القضاء في هذه النازلة؟ حصلنا على حكم استعجالي من المحكمة الإدارية غير قابل للاستئناف، يقضي بإيقاف القرار الصادر عن وزير الشباب والرياضة، بتاريخ 24 نونبر 2011، القاضي بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير الجامعة الملكية المغربية للريكبي، إلى حين البت في دعوى الإلغاء التي مازالت جارية أمام ذات المحكمة. بعد الحصول على هذا الحكم، ماهو الإجراء الذي قمتم به لتنفيذه؟ بتاريخ رابع يناير من سنة 2012 أبلغنا رئاسة الحكومة ووزارة الشباب والرياضة بالحكم، وضمنا مراسلتنا كل الوثائق والدلائل القانونية، التي تؤكد حجية موقفنا. وبتاريخ 03 فبراير 2012 امتنعت الوزارة عن تنفيذ الحكم، ونتوفر على محضر امتناع صادر عن منتدب قضائي، أكد فيه أحد موظفي الوزارة أن هذه الأخيرة لم تتخذ بعد أي قرار في الموضوع. وهذا خرق قانوني سافر. لقد تمادت الوزارة وتحدت القضاء بإصرارها على موقفها. رغم تأكيد الدستور على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له. أمام تعنت الوزارة، وبعد حصولكم على هذا الحكم الاستعجالي، ما هي الخطوات التي ستقومون بها دفاعا عن موقفكم؟ أولا نستنكر التعنت وهذا الامتناع من جانب الوزارة، لأنها رفضت الامتثال للقضاء. ونتساءل من جهة ثانية عن الشخص الذي له مصلحة في هذا التعنت. علينا أن نعرفه أولا. فإذا كان الوزير، فإن التصريح الحكومي ربط المسؤولية بالحساب والعقاب، وأكد على محاربة الفساد والمفسدين، وبالتالي وجب تطبيق هذه الشعارات، وتنزيلها إلى أرض الواقع. لقد قمت بتاريخ 09 فبراير الماضي بمراسلة رئيس الحكومة، رغم أننا بعثنا له بنسخة من الحكم، وشرحت له فيها الوضعية التي يعيشها الريكبي الوطني، ووضعت بين يديه كل الوثائق والأدلة التي تؤكد عدم سداد موقف الوزارة، كما راسلت وزير العدل، ولحد الآن لم نتوصل بأي جواب، وأيضا بعثنا مراسلة مماثلة لوزير الشباب والرياضة، الذي لم يصدر عنه هو الآخر أي موقف، رغم أننا وضعنا بين يديه الملف بكل تفاصيله. إن الغريب في الأمر هو أن اللجنة المؤقتة مازالت تشتغل، وتبرمج المباريات وتمارس مهامها بشكل عادي، رغم الحكم القضائي. وهنا نتساءل أين تبتدئ وتنتهي سلطة القضاء في بلدنا؟ وماهي هي امتدادات أحكامه؟ من سيكون المسؤول في حال وقوع أحداث خلال المباريات التي تجري حاليا، وكذا تعرض بعض الممارسين لأخطار؟ ما نعلمه هو أن القضايا حينما تكون معروضة أمام القضاء، فإن الجميع مدعو إلى انتظار البت النهائي. وأكثر من هذا فقد قامت اللجنة المؤقتة بالاستيلاء على كافة الوثائق والحاسوب الذي يخزن معلومات ومعطيات الجامعة، كما قامت بتغيير أقفال المقر. وأثبتنا هذه الوقائع بمحضر عون قضائي. - ألا يحيل هذا الامتناع وهذا الإصرار من جانب الوزارة على أن هناك حسابات تصفى على «ظهر» الرياضة المغربية؟ + دعني أقول لك، إن الوزارة الوصية يجب أن تكون موضوعية. فهي تنتمي إلى الأغلبية الحكومية، التي شددت رئاستها على محاربة الفساد واحترام القانون. وبالتالي يجب التصدي لكافة الخروقات القانونية المتواجدة. فرغم أن الوزير الحالي ورث هذا الوضع عن الوزير السابق، فإن هناك استمرارا الإدارة، وبالتالي عليه أن يفصل في هذا الملف حسب القانون. ما يحركنا في هذا الملف هو الغيرة والوطنية، فأنا كرئيس جامعة مارست هذه الرياضية، وحملت القميص الوطني شأني في ذلك شأن العديد من زملائي، الذين يتحملون حاليا مهام التسيير، وبالتالي فنحن لم نتطفل على الرياضة، وضحينا من أجلها بالكثير. وبكل صراحة فإن الوزارة حينما كانت تتدخل في شؤون بعض الجامعات وتحدث لجنا مؤقتة، فإنها لم تكن تجد من يتصدى لها، لأن هذا مجرد عمل تطوعي، وبالتالي فالكثير من المسيرين كانوا يفضلون تجنب مثل هذه المشاكل ويقبلون بالأمر الواقع، رغم أن الوزارة لم تكن صائبة في الكثير من قراراتها. وثانيا لم أرض ب «الحكرة» التي أحسست بها، حينما تحداني مدير الرياضات بالوزارة، بقوله إن الوزارة هي صاحبة اليد الطولى في مجال الرياضة، ويحق لها أن تتخذ أي قرار تريد، وكيف ومتى وتريد. أحسست بالإهانة لأن هذا الشخص يأتي اليوم ليقول لي مثل هذا الكلام، في الوقت الذي ضحيت فيه بدراستي في سبيل الرياضة - وأنا فخور بذلك- فهذا المسؤول جعلني بإهانته أطرق باب القضاء من أجل الإنصاف، لأن المغرب بلد القانون والحقوق. ومن هذا المنبر نرفع تظلمنا إلى جلالة الملك محمد السادس من أجل التدخل لرفع هذا الحيف الذي طال هذه الرياضة وإنصافنا كجهاز جامعي منتخب، لأننا أصحاب حق، ونتوفر على حكم قضائي. ألا يدفع هذا الوضع إلى تشرذم أسرة الريكبي الوطني أكثر، سيما وأن أعضاء هذه الأسرة قليلون مهما بلغ عددهم، وبالتالي قد يتأثر مستقبل هذه الرياضة؟ كان مفروضا أن تكون الوزارة الوصية حكيمة، وتبادر إلى تقريب وجهات النظر، لا أن تقوم بصب الزيت على النار. صحيح هذه فئة قليلة، وبالتالي «ما فيها ما يتقسم»، لكن مع الأسف تبين لنا بالملموس أن الوزارة الوصية تريد أن تفرق وتقسم أسرة الريكبي. وفعلا قسمتها إلى تيارين متعارضين. إن النقطة التي استعصت علي في هذا الملف، هي كيف أن أعضاء هذه اللجنة المؤقتة، الذين يعدون من أكبر أطر الوزارة، هم مسؤولون عن مرافق كبرى، وأعضاء بأكثر من لجنة مؤقتة، فضلا عن مهام أخرى، كيف سيجدون الوقت والجهد للقيام بكل هذه المهام؟ إن هذا عبث. ما هي الخطوات التي ستقومون بها من أجل لم شمل أسرة الريكبي؟ الحل الآن بيد نواب الأمة داخل مجلسي النواب والمستشارين. إننا نعلق عليهم آمالا عريضة من أجل إيجاد حل جذري لهذا الملف. فإذا كانت التصريحات التي أعلنتها الأغلبية أمام البرلمان وأمام الشعب ملزمة ومسؤولة، فإن ملف الريكبي يكون أول اختبار لها. إن عرض قضيتنا على صفحات جريدة «الاتحاد الاشتراكي» يعد خطوة هامة في مسار هذا الملف. ونتمنى أن يتم تبنيه من طرف المعارضة وأن تحركه بشكل فعال حتى يأخذ سيره وإيقاعه العادي والقانوني. إن امتناع الوزارة عن تنفيذ الحكم هو تحقير مقرر قضائي، وسنرفع في شأنه دعوى قضائية، للمطالبة بالتعويض عن هذا التأخر. لنفترض أنكم ربحتم القضية، كيف ستتعاملون مع الأندية التي انخرطت في البطولة، التي دعت إليها اللجنة المؤقتة، ودعموها؟ سنكون أكثر حلما، ولن نتخذ في حقهم أي قرار، بل سنفتح ليهم أذرعنا ونحتويهم، لأن مستقبل الريكبي في وحدة أبنائه. سنبادر إلى الاتصال بهم وندعهوهم إلى الانخراط في بطولتنا دون حزازات أو حسابات، لأن مصلحة هذه الرياضة تقتضي ذلك. ومن جانب آخر، فقد خولني الجمع العام عند انتخابي صلاحية الاتصال برؤساء الأندية، بهدف ضمهم. لم يسبق لنا أن عشنا مثل هذا الوضع، غير أن تدخل الوزارة فرق أسرة الريكبي. وبكل صراحة فأنا رهن إشارة الجميع، لأن هدفنا هو خدمة الرياضة، بهيدا عن أية مصالح ذاتية. هل لكم تصور لإصلاح وتطوير رياضة الريكبي الوطني؟ منذ أن انخرطت في تسيير رياضة الريكبي، أطمح لتوسيع قاعدة الممارسة، من خلال إحداث فرق للركبي في كافة جهات المملكة، في أفق الوصول لأكثر من 50 ناديا، لأنني على يقين تام بأن المغاربة شغوفين بكافة الأنواع الرياضية. فسابقا كان الرياضي الواحد يمارس عدة أنواع رياضية وبتفوق. فضلا عن البحث عن موارد مالية لإنعاش وتطوير هذا النوع الرياضي. إذا ماسارت الأمور عكس ما تتوقعون، وأصرت الوزارة على موقفها، كيف سيكون رد فعلكم؟ طالما أن القضية مازالت معروضة أمام القضاء، فإن أي قرار ستتخذه الوزارة سيكون باطلا. وبالتالي يستحيل عقد جمع عام استثنائي، لأن الجامعة هي التي تدعو إليه، وبحضور كافة الأندية التي تتوفر على الشرعية وتتوفر على وصل إيداع قانوني. ومن جانب آخر يستحيل تطبيق ما جرى في جامعات أخرى على وضعنا، لأن هذه الجامعات لم تكن تتوفر على حكم قضائي. ولم يسبق أن عاشت الجامعات الأخرى هذا الوضع الحالي في الريكبي. فإذا لم نحصل على الإنصاف، فإننا سنراسل الاتحاد الدول للريكبي والاتحاد الإفريقي لذات اللعبة، وكذا اللجنة الأولمبية الدولية، لعرض ملفنا والدفاع عنه. وحتى أكون صريحا أكثر، فإن الوزارة الحالية وجدت نفسها تعمل وفق العرف، حفاظا على هيبتها. فهي الآن في موقف حرج بعد الحكم القضائي. كلمة الأخيرة المغرب خطا خطوات كبيرة في طريق الإصلاح، وأتمنى من مسؤولي الوزارة ألا يؤثروا على سير قطار الإصلاح بالعقليات المحتجرة والصلبة. فليس عيبا أن نخطئ، ولكن العيب أن نتمادى في خطئنا. وختاما أقول إننا مع الشرعية واحترام القانون، وأتمنى أن يأتي الإصلاح من المؤسسات التي تتبناه، بعيدا عن أي تداخل في الاختصاصات، وأشكر جريدة «الاتحاد الاشتراكي» على هذه الاستضافة.