في البدء، أؤكد أنني مع المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام. وأساند كل من يدعو إلى تنقية القانون الجنائي من هذه العقوبة ، وأن يصادق المغرب على البرتوكول المتعلق بها . لكن مقالي هذا، أتوجه به إلى القضاء الجالس،والواقف على السواء . فبكل تقدير واحترام أرجوكم ألا تصدروا أحكاما باسم جلالة الملك، مضمونها:الإعدام. وأعود لأشدد مرة أخرى، على أنني لست من المطالبين فقط بتجميد هذه العقوبة حكما،ولكن بإلغائها تشريعا أيضا. المغرب خطا اليوم،بعد إقراره للدستور الجديد، خطوة نوعية أبرزها بوضوح الفصل 20 من القانون الأسمى والذي نص على الحق في الحياة باعتباره أول الحقوق لكل إنسان. وثمة إجماع حقوقي ينتظم في ائتلاف من أجل إلغاء عقوبة الإعدام يضع مطلب الإلغاء في كل مناسبة، على رأس أولويات مطالبه، ويدعو السلطات المغربية للمصادقة على البرتوكول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية،وهو عهد صادق عليه المغرب. وهناك تصريحات رسمية أعلنت بأن بلادنا تتجه نحو إلغاء هذه العقوبة لذلك،أيها السادة القضاة، الواقفون والجالسون، رجاء لاتطالبوا بهذه العقوبة ولاتصدروها في أحكامكم. فالتاريخ له اتجاه واحد ولايمكن أن نعيد اليوم القرن الواحد والعشرين إلى القرون الوسطى ،أو ننصب المقاصل والمشانق في الساحات العمومية لنقطع رؤوس متهمين قد تثبت براءتهم من بعد وبالتالي نصيب قوما بجهالة ونصبح على مافعلنا نادمين. لقد نفذ المغرب في الثلاثين سنة الأخيرة حكمين بالإعدام، لكن محاكم المملكة أصدرت مايفوق ال 200 حكم. وفي زنازن الانتظار، يقبع الذين لم تخفض عقوبتهم إلى المؤبد في إطار العفو الملكي، وأكفانهم سوداء في عيونهم بفعل الترقب. في تقارير المنظمات الحقوقية، ثمة97 دولة ألغت بشكل كلي عقوبة الإعدام، و35 دولة لم تعد تطبقها بالرغم من وجودها في قوانينها الجنائية،وبلادنا من ضمن هذه الفئة الأخيرة. وتسارع مؤخرا عداد الإلغاء. والأمل معقود أن تقدم الحكومة الحالية على شطب هذه العقوبة من الترسانة القانونية المغربية،المدنية والعسكرية . السادة القضاة،لايمكن أن نعالج جريمة بجريمة أشد منها فتكا وبطشا، أو بعقوبة لايمكن استئنافها في حالة تنفيذها .فالمعدم لايمكن إعادته للحياة إذا ما تبين فيما بعد براءته. وفي الختم،نذكر بما ورد في مذكرة الائتلاف الموجهة مؤخرا إلى السيد رئيس الحكومة: «لقد أكد الدستور صراحة على أقدس الحقوق، أي الحق في الحياة،وإنه في نظرنا، قد نسخ نهائيا من مخيلة الجميع كل التأويلات المتأرجحة و القناعات الفردية، وأصبحت الدعوات المحافظة ذات العلاقات المتعاطفة مع الإعدام، والتي لا تجرؤ على الجهر بالقول بأن الإعدام عقوبة متوحشة من الماضي الذي كانت فيه الحياة ألعوبة لا قداسة لها، والإعدام بالقانون أو خارج القانون في كنهه عقوبة وانتقام وبطش ليس إِلا، دون معنى لا تنفع معها مبررات» . رجاء ، لاتحكموا بها أيها السادة القضاة ، في انتظار القرار التاريخي للمغرب:إلغاء عقوبة الإعدام.