ميثاق جماعي واحد، قانون تعمير واحد... لكن الاختلاف يكمن بين المتمسك بإعمال القوانين وبين من يجتهد رغم أن لا اجتهاد مع النص! في الدارالبيضاء، رغم البلوكاج الذي عرفته لفترة ليست بالقصيرة، لم يُفكَّر في الرجوع إلى بنود الميثاق الجماعي وتم «ابتداع» آخر عرف ب «ميثاق الشرف»، في وقت نجد مسؤولين بمدينة جنوبية شاطئية، قرروا هدم عشرات المنازل تتوفر على شقق فخمة في مواقع بارزة بنيت بطرق عشوائية، وذلك تماشيا مع منطوق قانون التعمير. ويتساءل المتتبعون للشأن المحلي: لماذا كل والٍ من الولاة داخل التراب الوطني، له قراءة خاصة ومفهوم خاص لهذه القوانين ، رغم أنها قوانين واحدة: مدينة سياحية شاطئية تُهدم فيها منازل شاهقة وعاصمة اقتصادية يتم غض الطرف فيها عن لوبيات العقار، ومُحتلي الملك العمومي، تفويتات لشركات لم تحترم البنود والعهود الموقعة عليها في دفاتر التحملات وصلت أضرارها إلى الساكنة البيضاوية، من خلال غلاء فواتير الماء والكهرباء، وحدوث فيضانات موسمية ، كلما وهبنا الله بقطرات الغيث ، أزبال منتشرة في العديد من الأحياء والأزقة و الشوارع، لدرجة أصبحت هذه الأخيرة عبارة عن مطارح للنفايات، حزام صفيحي أضحى بمثابة ترمومتر انتخابي، حيث يعتبر قوة المرشح الذي دعم هذا النوع من السكن أو حافظ عليه أو تستر عليه، رخص حراسة السيارات والدراجات تستغل كأوراق انتخابية، فوضى عارمة في الشوارع وفوق السطوح ، لدرجة أنه من المستحيل أخذ صور لمدينة الدارالبيضاء جوا ... في وقت كان من الممكن الحد من هذه الظواهرالشائنة لو اعتمد رجال السلطة من والي الجهة وغيره على إعمال الترسانة القانونية التي يتوفر عليها المغرب في كل المجالات! إن الملاحظ أن مستوى تفعيل القوانين، في ما يخص التعمير والميثاق الجماعي، يختلف من مسؤول إلى آخر! صحيح أن لكل منطقة خصوصيتها، إلا أن هذا لا يمنع من محاربة الفوضى والمتسببين فيها، فإذا ما أخذنا حالة الباعة الجائلين القاعدين وأصحاب الفراشات، بمن في ذلك أصحاب عربات الجر والدفع، نجد أن هناك اختلافا في التصدي لهذه الظاهرة. هناك من اتخذ طريقة تنظيمهم عبر أسواق نموذجية حدت، إلى حد ما، من الظاهرة، وهناك من سمح باصطفاف عربات الباعة أمام مدخل هذه الأسواق(عين الشق نموذجا)، وهناك من سمح باستقرار العربات و تحويلها إلى مكان للمبيت ليلا ، مع تعاطي البعض إلى جميع أنواع المخدرات وإيواء ذوي السوابق العدلية (الفداء مثلا)، كما أن هناك من سمح لهؤلاء الباعة بولوج الشوارع الرئيسية وقطع الطريق عن أصحاب السيارات والحافلات حتى أمسى الراجلون «غادين معاهم في الطريق»، إضافة إلى عدم تسوية أوضاع الباعة الذين استفادوا من محلات تجارية بهذه الأسواق وترك السماسرة يتاجرون ببيعها لأشخاص بعيدين عن هذه المهنة، لتبقى الفوضى سائدة رغم تعاقب العديد من مسؤولي السلطة المحلية على هذا الملف الشائك، ورغم تدخل العديد من الجمعيات المهتمة بهذا الموضوع إلا أن الوضع بقي على ماهو عليه في غياب المحاسبة (سيدي البرنوصي نموذجا) ، دون إغفال حالات مشابهة في مقاطعات أخرى. هذا ومن المشاهد المستجدة ، في سياق الفوضى دائما، لجوء أرباب بعض الشاحنات و سيارات الهوندا والبيكوب لعرض محتوياتها من الفواكه والخضر بالشوارع عوض أن تقصد سوق الجملة للخضر والفواكه في غياب تام للجهات المسؤولة (سيدي مومن على سبيل المثال لا الحصر)!؟ فمن المسؤول ، ياترى، عن هذه الفوضى التي توحي مؤشراتها بولوج المدينة ل«نفق مظلم» يجعل مختلف المهتمين بالشأن المحلي، وكافة البيضاويين والبيضاويات عموما، يضعون أيديهم على قلوبهم خشية اتساع دائرة «اللاقانون» و«اللانظام»، التي لا أحد بمقدوره التكهن بنتائجها المستقبلية!؟