يكاد يكون ملف التقنيين المغاربة الملف الوحيد الذي يغيب عن موائد الحوار الحقيقي بين ممثلي هذه الفئة المتضررة تاريخيا والحكومات المتعاقبة. وحتى حين يبدو بصيص من الضوء في نهاية النفق بشأن تسوية محتملة لهذا الملف، يردم السقف في منتصف النفق، فيغدو البصيص مجرد خدعة وعتمة لا يتبيّن التقنيون من خلالها حتى موقع قدمهم في خارطة تدبير الدولة لمثل هذه الملفات الشائكة. لماذا لم تتم تسوية ملف هذه الفئة العريضة من الموظفين ؟ مع العلم أنه من أقدم الملفات العالقة بين الدولة وموظفيها، و التي لا يزال الصمت يحيط بها، وتغيب الإرادة الحقيقية لحلّها. هل هناك «مؤامرة» (كما يردّد بعض التقنيين) تعوق حلّ هذا الملف بغية إلهاء أصحابه عن قضايا ذات حساسية نوعية ؟ هل يراد لهذه الفئة المهضومة حقوقها عيش الإقصاء والحيف، بل أحيانا الهجوم على مكتسباتها القليلة أصلا، كما حدث في المرسوم الحكومي ل 6 أكتوبر 1987 ؟ هل ستعرف أزمة التقنيين المغاربة انفراجا مع تنصيب الحكومة الجديدة أم أنّ دار لقمان ستبقى على حالها، ويعاد الملف إلى الرفوف القصيّة من النسيان والصمت ؟ هل يستعدّ التقنيون لاحتلال واجهة النضال من أجل تفعيل مطالبهم وإسماع صوتهم بقوة، وأيضا توحيد صفوفهم بعيدا عن سياسة التفييء، وعزل الإطارات في ما يشبه جزرا وأرخبيلات؟ "الاتحاد الاشتراكي» "انفتحت، في الملف التالي، على انشغالات هذه الفئة وهمومها.. الملتقى الوطني للتقنيين الفيدراليين التقني دعامة أساسية في التنمية المستدامة انعقد مؤخرا بدار المحامي بالدار البيضاء، الملتقى الوطني الأول للتقنيين الفيدراليين التابعين للنقابات الديمقراطية والوطنية، الأعضاء في الفيدرالية الديمقراطية للشغل تحت شعار: التقني دعامة أساسية في التنمية المستدامة. وبعد الكلمة التوجيهية للأخ عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والتي حدد فيها الأهداف والمهام التي تنتظر التقنيين وما يتطلبه ملفهم من إعداد وتوحيد الصف والاستعداد لمختلف المعارك النضالية لانتزاع حقوقهم المشروعة، حث الكاتب العام على ضرورة لفت انتباه المسؤولين في الحكومة الجديدة إلى الحيف الذي لحق بالتقنيين منذ سنة 1987 إلى غاية يومنا هذا، والمطالبة برد الاعتبار لهذه الفئة المهضومة الحقوق وذلك بالعمل على تصحيح كل الاختلالات والهفوات التي تضمنها المرسوم رقم 02.05.72 الصادر بتاريخ 02 دجنبر2005 بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة التقنيين المشتركة بين الوزارات، والذي يكرس الإقصاء والتهميش والتحقير لعموم فئات التقنيين. بعد ذلك أخذ الكلمة رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى، والذي استعرض فيها مختلف المراحل التاريخية التي قطعها ملف التقنيين ،وكذا جميع المعارك النضالية التي خاضها التقنيون من أجل الدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية، كما توقف المشاركون في الملتقى الوطني الأول للتقنيين الفيدراليين عند معظم المطالب والانتظارات التي صاغها وأعدها أعضاء اللجنة التحضيرية قصد تعديلها وتنقيحها من أجل اعتمادها كوثيقة أساسية ستكون في قلب الملفات التي ستدافع عنها المنظمة لدى رئيس الحكومة في إطار الحوار الاجتماعي المركزي، والتي تعبر عامة عن هموم وانشغالات التقنيات والتقنيين بمختلف قطاعات الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والشبه العمومية. وبعد نقاش مستفيض لمختلف القضايا والمشاكل التي تهم فئة التقنيين، وكذا الأخذ بعين الاعتبار كل الاقتراحات المطروحة من طرف مجموعة من التقنيين المشاركين في هذا اللقاء الوطني، ومن أجل تدارك النواقص الكامنة في المرسوم السالف الذكر، وكذا تكريس مبدأ العدالة الاجتماعية بين جميع أطر الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية و شبه العمومية، فقد خلص الملتقى الى ما يلي: 1- اعادة واسترجاع جميع المكتسبات المتعلقة بالنظام الأساسي السابق الخاص بهيئة التقنيين المشتركة بين الوزارات. 2- إقرار نظام تعويضات عن التقنية عادل ومنصف لتجاوز الفوارق المادية بين التعويضات الممنوحة للتقنيين وباقي زملائهم المرتبين في نفس الدرجات داخل قطاعات الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية مع إحداث تعويضات عن المخاطر لصالح التقنيين الذين يقومون بأعمال مضرة بالصحة أو يعملون في أماكن ملوثة. 3- تعديل النظام الأساسي الخاص بهيئة التقنيين المشتركة بين الوزارات ، وذلك بإحداث درجتين جديدتين لتفادي الانحباس الحاصل للتقنيين في مسارهم المهني والإداري، شريطة أن تمنح لهم أرقام استدلالية مماثلة لزملائهم بالوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات الشبه العمومية والمصنفين خارج السلم اسوة بإخوانهم المهندسين والمتصرفين والمحررين، تماشيا مع نتائج الحوار الاجتماعي دورة 26ابريل 2011 4- ملاءمة مهام التقنيين مع تخصصاتهم ضمانا للإتقان والمردودية والعمل المنتج. 5- إلغاء الامتحانات المهنية الشفوية التي تشوبها عدة خروقات، وتحديد مدة الأقدمية لاجتياز الامتحانات المهنية في أربع 04 سنوات، وتقليص مدة الترقي بالاختيار إلى ست سنوات مع إحاطة الامتحانات المهنية الكتابية بشروط النزاهة والشفافية والتنافسية وتكافئ الفرص. 6- العمل على ملاءمة قوانين وأنظمة المؤسسات العمومية مع روح مقتضيات النظام الأساسي الخاص بهيئة التقنيين المشتركة بين الوزارات. 7- فتح المجال أمام التقنيين الراغبين في متابعة الدراسات الجامعية أو بالمعاهد العليا المتخصصة عن طريق إحداث حصيص خاص بالتقنين لولوج جميع المؤسسات الجامعية والمعاهد العليا التابعة للدولة، وكذا إنصاف كل التقنيين حاملي الشهادات العليا والمتشبثين بإطار التقني. 8- تمكين التقنيات والتقنيين من مناصب المسؤولية وإلغاء المرسوم رقم 02.11.681 الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 دجنبر2011. 9- إدماج كل الموظفين والمستخدمين المرتبين في السلالم الدنيا والحاملين لدبلوم تقني أو تقني متخصص أو تقني ممتاز بهيئة التقنيين المشتركة بين الوزارات. 10- فتح حوار جدي ومسؤول مع رئيس الحكومة حول المطالب العادلة للتقنيين، وكذا إيجاد الحلول لكل المشاكل والتركيز على تحسين الأوضاع المادية والمعنوية لجميع التقنيين. 11- إعادة فتح المدارس والمعاهد التابعة للدولة الخاصة بتكوين التقنيين بجميع تخصصاتهم، وضرورة توظيفهم لسد الخصاص الحاصل في هذا الإطار داخل القطاعات التنموية. 12- دعوة الحكومة للاهتمام بتقنيي القطاع الخاص والعمل على إصدار القوانين الكفيلة بصيانة حقوقهم. على المستوى التنظيمي: 1- خلال هذا الملتقى الوطني تم تشكيل لجنة التنسيق الوطنية للتقنيين الفيدراليين ، وانتخاب أعضاء سكرتارية الهيئة الوطنية للتقنيين الفيدراليين تشتغل تحت إشراف المكتب المركزي والذين قاموا بتوزيع المهام في ما بينهم . 2- الدعوة إلى الإسراع بتأسيس جميع الهياكل التنظيمية للهيئة الوطنية المنصوص عليها بالقانون التنظيمي. 3- تفويض من الملتقى الوطني لأعضاء سكرتارية الهيئة الوطنية للتقنيين الفيدراليين جميع الصلاحيات لاتخاذ كافة الإجراءات من أجل الدفاع عن ملف التقنيين، وإرجاعه إلى واجهة النضال. إن الملتقى الوطني الأول للتقنيين الفيدراليين، إذ يثمن مبادرة المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بإثارة ملف التقنيين من جديد وإحيائه، وما تمثله هذه السكرتارية الوطنية من إبداع تنظيمي وأداة للنضال وتوحيد كافة التقنيين تحت غطاء نقابي، فإنه يدعو الجميع إلى التعبئة وتوحيد المعارك النضالية والتنسيق مع كافة الإطارات والهيئات التي تدافع عن ملف التقنيين وخصوصا اتحاد التقنيين المغاربة، وذلك لانتزاع الحقوق المشروعة ورفع الظلم والحيف الذي كرسه مرسوم 02 دجنبر2005 .