أصدر اتحاد العمل النسائي بلاغا حول مضامين البرنامج الحكومي التي تعكس - حسب البلاغ- التوجه التراجعي لهذه الحكومة عن المكتسبات التي حققتها النساء بفضل نضالهن الدؤوب لحوالي ثلاثة عقود. نضال توج بالإصلاحات الدستورية التي أقرت بالمساواة بين النساء والرجال في كافة الحقوق، وأقرت بمبدأ المناصفة ومحاربة كافة أشكال الميز ونصت على آليات لضمان ممارسة النساء لهذه الحقوق». وأضاف البلاغ أن البرنامج الحكومي، وبالضبط في الجزء الثاني المتعلق بترسيخ دولة الحق والقانون تضمن جملة عابرة تنص على « تدعيم المساواة بين الجنسين والسعي الى تحقيق مبدأ المناصفة وإرساء هيئة خاصة بها» وهي مأخوذة عن الدستور دون توضيح كيف ولا متى ستتم أجرأة هذه المبادئ، مع التطرق في الجزء الرابع لقضايا المرأة بتعويمها في ما أسماه بالعناية بالأسرة والطفولة، كأنه هو المجال الحصري لطرح هذه القضايا، متناسيا أنها تهم المجال الحقوقي والثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي. واعتبر البلاغ أن اختزال حقوق النساء في قضايا الاسرة تأكيد صارخ على المقاربة الذكورية التي أطرت البرنامج الحكومي والتي لا تبعث على الاطمئنان إلى السياسات التي ستنهجها الحكومة بالنسبة لقضايا المساواة بين الجنسين. وأكد اتحاد العمل النسائي على أن قضية المرأة تكتسي في جوهرها بعدا حقوقيا بكل ما يعنيه ذلك من اعتماد معايير حقوق الانسان المتفق عليها في كونيتها، وعدم قابليتها للتجزيء و الالتزام بما تضمنه مواثيقها من حقوق وفي قلبها الحقوق الانسانية للنساء. وفي هذا الاطار دعا الاتحاد إلى وضع استراتيجيات وبرامج عمل وتدابير واضحة و ملموسة في القوانين والمؤسسات والسياسات العامة تترجم نص وروح الدستور الذي أكد عليها، سواء في التصدير أو في العديد من فصوله وخاصة الفصل 19 منه، مع التعجيل بإحداث هيئة المناصفة ومحاربة كافة اشكال التمييز وفق ما ينص عليه الدستور، ومواصلة السياسات العمومية السابقة المتعلقة بالمساواة وخاصة الأجندة الحكومية للمساواة وتخطيط الميزانية المرتكز على النوع، وتسريع وتيرة تطبيقها لتنعكس بشكل ملموس على حياة النساء، ووضع سياسات وبرامج جديدة لتعزيز حقوق النساء والنهوض بها وحمايتها بدل التراجع عن المكتسبات الأولية التي تحققت بعد نضال مرير. واعتبر بلاغ اتحاد العمل النسائي أن حصر قضايا النساء ضمن ما يهم الأسرة - كما جاء في التصريح الحكومي - يكرس الصورة النمطية عن الأدوار الاجتماعية للنساء لأن المرأة ليست أما أو زوجة فقط بل هي أولا وقبل كل شيء إنسانة ومواطنة ومنتمية لمجموعات ذات مصالح اجتماعية و اقتصادية، وبالتالي فقضاياها ذات طبيعة عرضانية و تهم كل القطاعات سواء ما يتعلق بالتعليم او الشغل أو الصحة أو الاقتصاد أو الثقافة بمفهومها الواسع او كذا التمكين القانوني و السياسي، متسائلا عن السياسات العمومية التي سيتم اعتمادها للحد من الفوارق بين الجنسين وضمان تمتعهن الكامل بكل الحريات والحقوق على أساس من المساواة في كل هذه المجالات، و التي من شأنها النهوض بالأوضاع الشمولية للنساء، وضمنها ظاهرة العنف التي تتطلب مجهودا مضاعفا لمراجعة السياسات العمومية السابقة و سد نقائصها ،وجعلها أكثر نجاعة في ضمان حقوق النساء وحمايته، وإصدار قانون محاربة العنف لضمان الوقاية و الحماية و عدم الإفلات من العقاب.